الدول العربية وسوريا
تعالوا نتكلم بشفافية وصراحة لا تقبل الشك، والغرض ليس التشهير أو التنابز، بل لغرض توضيح الصورة أمام العالم والشعوب العربية ،خصوصا وأننا من الذين ينادون بالشفافية بين الأنظمة والشعوب، ولهذا أركز بمقالاتي التي تتناول الشأن السوري على هذا الموضوع، أي وضع المواطن بالصورة كي يكون على إستعداد للمشاركة في أية لحظة هذا أولا، ومن ثم يشعر بقيمته كمواطن له تقديره عند القيادة وهذا ثانيا، وأن أسباب تركيزي على هذه النقطة ودون خوف أو تردد لأني على يقين أن هناك رئيسا سوريا لا يُمانع بهذا،بل يعمل عليه ومن أجله، وكذلك هناك في سوريا من هو يريد ذلك، وحتما ليس الجميع، فأن نسبة القناعة بفكرة أو بمشروع أو إستراتيجية تتفاوت بين الأشخاص والمؤسسات نتيجة ظروف معينة، أو نتيجة قناعات معينة، وقد تكون صحيحة وبالمقابل قد تكون خاطئة، وهنا أيضا نختلف مع وتيرة العمل السابق أي عندما تؤكد مؤسسة ما أو المسؤول سين بأن هذه الخطة أو هذا السيناريو خاطىء عليه تقديم الأسباب، فالقضية ليست مزاجية لأن الوطن يمر بظروف لا تتحمل المزاجية، بل ننصح بإعطاء المسؤول المزاجي إجازة في هذه الظروف، لأننا بحاجة للمسؤول الديناميكي والمرن، وأن قبلها أي الخطة عليه أن يكون متعهدا أمام قيادته أولا، وأمام الخلية أو المركز أو المعهد الذي أعد تلك الخطة أو السيناريو أو الإستراتيجية ثانيا، وحينها يتم الشروع مع التركيز على عامل الوقت لأنه هو الفيصل في حالات التهديد والإحتقان .
ومن خلال المقدمة عرف القارىء الفطن أننا نؤكد بأن سوريا في خطر، والشعب السوري في خطر، وإن الذي يردد أن النظام في خطر وليس الوطن فهو مصاب بعمى الألوان السياسي ،وتقوده النرجسية والتحامل على قيادة الوطن من زاوية التشفي والتحامل، وهنا سيُسرق الوطن ( لا سمح الله ) والنفر هذا لا يدري، لذا ننصح بعدم سماع هؤلاء الناس، بل سماع المعارض الذي يقول نعم أني أختلف مع القيادة السورية بأمور كثيرة، ولكني أتحفظ على خلافاتي معها الآن لحين ساعة النقاش، أما الآن فسوريا في خطر والشعب في خطر وعليّ الوقوف مع القيادة وأن إختلفت معها، فهنا الإيثار الوطني والأخلاقي ، وعلى القيادة الوفاء عند ساعة الحوار ... ومن هنا ستتحصن الجبهة الداخلية فينعكس هذا على الوطن وسيكون صامدا وعصيا ،وعلى الشعب ان يكون متحدا، وبالتالي ستتفرغ القيادة نحو قيادة المرحلة، وبكل صنوفها جنبا الى جنب مع الشعب، ومع الأطياف المعارضة التي رفعت الإيثار شعارا في هذا الظرف العصيب، وهنا ستعطي المعارضة السورية درسا مهما في العمل المعارض النبيل، حيث ستدخل التاريخ الخالد والمنير، وستبقى المعارضة العراقية المثال السيء في نفس التاريخ و بصفحاته السوداء، ونقصد ( المعارضة العراقية ) التي تعاملت مع واشنطن ولندن وإسرائيل، ورهنت العراق لهؤلاء، وأدخلت الشعب العراقي في متاهات متشعبة ونفق طويل ومظلم جدا .
فمن هنا على القيادة السورية فرش سجل الأخطاء التي وقع بها النظام العراقي للإستفادة منها وكي لا تقع بها سوريا إطلاقا،وكذلك الإستفادة من المحاسن وإستنباط الدروس إن وجدت مع تطويرها لتلائم الوضع السوري، وإياكم والإبتعاد عن هذا السجل حيث هو ناقوس يدق حتى لا تكون هناك أخطاء لأن الخطأ في هذا الظرف الراهن يكلف الكثير، ولكن هذا لا يعني أن يقبل الرئيس السوري بشار الأسد بعرض أماراتي أو كويتي أو سعودي بالتخلي عن الحكم والهجرة نحو هذا البلد أو ذاك، وتحت حجة إنقاذ سوريا، فالأمر مختلف تماما عن العرض الذي قدمته الإمارات العربية الى صدام حسين للتخلي عن الحكم مقابل تجنب وقوع الحرب، فلو فعلها صدام لإستطاع العراق الإفلات من النفق المظلم الذي هو فيه الآن، والسبب لأن صدام حسين فقد أهليته للرئاسة نتيجة تخبطه، وأخطاءه السياسية الكبيرة ،والإستراتيجية الفاشلة التي كان يتبعها، ناهيك عن ديكتاتوريته البغيضة والمفرطة، وللعلم فأن حتى هذه المبادرة حجبتها مصر وبعض الأنظمة العربية ولم تناقش في مؤتمر القمة العربي الذي إنعقد في حينه ( حسب تصريحات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان للصحافة في العام الماضي ) والسبب لأنهم إستلموا التعليمات من الأميركيين لغرض تعويم المبادرة أو الفكرة ..... فهؤلاء هم العرب المستعربة، فهم الذين يلبسون لبسنا، ويأكلون أكلنا، ويتكلمون كلامنا ولكنهم يعملون ضدنا في الخفاء وأصبحوا الآن في العلن حيث يتأمرون على كل ما هو عربي صحيح ونقي، وعلى كل ما هو يوحّد ويجمع الكلمة والناس !..... لهذا لابد من تفسير هذه الحالة، أو المرور عليها خصوصا بعد أن فرزت رجالها بعد الأحداث الأخيرة في فلسطين ولبنان .
أولا :
سوريا والأسد :
لقد إستطاع الرئيس بشار الأسد والقيادة في سوريا أن تثبت على مواقفها على الرغم ما يُحاك ضدها، وكانت تعلم علم اليقين بأن هناك أطرافا عربية تتآمر عليها وبكل السبل، وكنّا نحسدهم على صبرهم ولم ينفجروا بوجوه هؤلاء عندما يزورون دمشق وينافقون ويتكلمون كلاما غير نواياهم، وكانوا يضحكون على حالهم، أما المسؤولين في سوريا فكانوا يضحكون حال ما يُغادر هؤلاء لأنهم معروفين لديهم، ولكن هناك من نجح ولازال يلعب اللعبة نفسها وقد غفل عنه السوريون، ولكن الأحداث الأخيرة كشفت المعادن كلها تقريبا،وتبين كل على معدنه ولونه ،ولكن على الرغم من هذا، فلابد أن تعرف سوريا جيدا بأن ( بعض ) الذين أصبحوا مع دمشق أخيرا، وبعد معركة إسرائيل وحزب الله ليس حبا بدمشق، بل تشفيا بالطرف الآخر الذي توحد على أن يبقى العرب يعومون بالحالة السيئة، وتبقى إسرائيل هي المتفوقة بكل شيء، والبعض الآخر الذي ما زالت الطائرات الأميركية تطير من بلدانهم لتقتل الشعب العراقي وبشكل يومي، لذا عدم نسيان هذا، ومنهم من كان عند صدام حسين في مكتبه قبيل الحرب بأيام ،وحال حدوث الحرب طارت الطائرات الأميركية من أراضي هذا الضيف الذي كان يظنه صدام حسين الأخ والصديق والحليف، وهناك من أصبح مع دمشق باحثا عن النصر الدولي عندما يستطيع إقناع دمشق على حلول ما في القضايا المصيرية، وعلى الأقل في المستقبل المنظور، ومنهم من وضع بأوامر دولية عليا ليكون في جبهة دمشق ،لهذا على دمشق ومن الآن فصاعدا الإعتماد على الله أولا،وعلى قدراتها وقدرات شعبها ثانيا، ومن ثم الإعتماد على السيوف المجربة عند الضيق من الأصدقاء، وننصح هنا ضرورة وضع المسافات مع كل طرف، حيث لا مجال للعواطف بعد اليوم .... وننصح القيادة السورية بتحصين جبهتها الداخلية لأنها الورقة الأهم في أي إحتمال سيء ..... ومن هنا نزف التهنئة الى الشعب السوري وللرئيس بشار الأسد لأنه إستطاع قراءة مواقف معظم الدول العربية، حيث تبينت النوايا السيئة والمبيته ضد دمشق، ولكن بنفس الوقت على دمشق أن تفتخر بعلاقتها مع السيد حسن نصر الله ومع حزب الله مثلما تشرف السيد والحزب أن تكون لهم علاقة مميزه مع سوريا .
ثانيا :
مواقف الدول العربية التي أصبحت مع دمشق .. هل هي تكتيكية أم إستراتيجية؟
قبل كل شيء يجب علينا رفع شعار الصراحة والشفافية في التعاطي، ولكن دون الذهاب الى التجريح والنزول الى لغة الآخرين أمثال ( جن بلاط ) و خصوصا في هذه الأيام، لذا أناشد القيادة في سوريا أن تعطي أهمية لهذه النقطة في وسائل الإعلام السورية المقروءة والمرئية والمسموعة، كي يكون المواطن على علم لأنه جزء مهم من أي إحتمال سواء كان سيئا أو محمودا، وبهذا نؤسس لمبدأ المشاركة والثقة بين المواطن والقيادة، وهذا يحتاج الى عمل منظم وليس مجرد فكرة عابرة، لنعود الى صلب الموضوع، ومن هنا نعد الدول التي أصبحت مع دمشق وهي ( لبنان والجزائر واليمن وقطر ) وهناك ليبيا التي لم نسمع موقفها ولكننا نعتقد بل نجزم أنها مع سوريا، ولا ضير من طرق بابها من قبل السوريين فالقضية لا تحتاج للحرج أو النظر الى الماضي، حيث الشعار ( نكون أو لا نكون ) ، نغرق أو لا نغرق، نصحوا أو لا نصحوا، وهذا يقودنا للسؤال المنطقي والشفاف : ما حجم قناعة هذه الدول حتى تكون مع سوريا؟ وهل هي مواقف تكتيكية أم إستراتيجية؟ وما هي الأسباب التي جعلت هذه الدول مع دمشق؟ وعند الإجابة لابد من المرور على تاريخ كل قيادة مرورا على الأحداث الأخيرة، وإن المرور ليس شرحا بل من خلال إلقاء نظرة سريعة كي نبقى في مربع الإنصاف، وقبل كل شيء جزاهم الله خيرا على موقفهم، وسوف يُحسب لهم في التاريخ الناصع .
ســــــــــــــــــوريا قلعة الصمود العربي
|