عرض مشاركة واحدة
قديم 18/07/2006   #117
صبيّة و ست الصبايا flonna
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ flonna
flonna is offline
 
نورنا ب:
Feb 2006
مشاركات:
31

افتراضي الجرائم والعقوبات


وحينئذ وقف قضاة المدينة وقال له: "هات لنا خطبة في الجرائم والعقوبات"
فأجاب وقال:
عندما تسير اوراحكم هائمة فوق الرياح، وتسمون منفردين، ليس لكم من يقيكم طوارئ السوء، حينئذ تقترفون الإثم ضد غيركم وضد انفسكم.
ولأجل ذلك الإثم الذي تقترفونه يجب ان تقرعوا برهةً وتنتظروا على بوابة القدوس.
*****
فإن ذاتكم الإلهية بحر عظيم.
كانت نقية منذ الازل وستظل نقية الى آخر الدهور.
وهي كالأثير لا ترفع إلا ذوي الأجنحة.
أجل، ان ذاتكم الإلهية كالشمس، لا تعرف طرق المناجذ ولا تعبأ بأوكار الأفاعي.
غير انها لا تقطن وحيدة في كيانكم.
لأن كثيرا منكم لا يزال بشراً، وكثيراً غيره لم يصر بشراً بعد، بل هو مسخ لا صورة له يسير غافلا في الضباب وهو ينشد عهد يقظته.
فلا اود ان احدثكم الآن الا عن هذا الانسان فيكم.
لأن هذا الانسان – دون ذاتكم الإلهية ودون المسخ الهائم في الضباب – وهو الذي يعرف الجرائم والعقوبات على الجرائم في كيانكم.
****
قد طالما سمعتكم تتخاطبون فيما بينكم عمن يقترف إثماً كأنه ليس منكم بل غريب عنكم فيما بينكم.
ولكنني الحق اقول لكم: كما ان القديس والبار لا يستطيعان ان يتساميا فوق الذات الرفيعة في كل منكم، هكذا الشرير والضعيف لا يستطيعان ان ينحدرا الى ادنى من الذات الدنيئة التي في كل واحد منكم.
وكما ان ورقة الشجرة الصغيرة لا تستطيع ان تحول لونها من الخضرة الى الصفرة الا بإرادة الشجرة ومعرفتها الكامنة في اعماقها، هكذا لا يستطيع فاعل السوء بينكم ان يقترف إثماً بدون إرادتكم الخفية ومعرفتكم التي في قلوبكم.
فإنكم تسيرون معاً في موكب واحد الى ذاتكم الالهية.
انتم الطريق وأنتم المطرقون. فإذا عثر احد منكم فإنما تكون عثرته عبرة للقادمين وراءه فيجتنبون الحجر الذي عثر به.
أجل، وتكون عثرته توبيخاً للذين يسيرون امامه بأقدام سريعة ثابتة لأنهم لم ينقلوا حجر العثار من طريقه.
****
واليكم يا ابناء اورفليس هذه الكلمة التي، وإن حلّت ثقيلة على قلوبكم، فهي الحقيقة بعينها:
ان القتيل ليس بريئاً من جريمة القتل،
وليس المسروق بلا لوم في سرقته،
لا يستطيع البار ان يبترأ من اعمال الشرير،
ولا الطاهر النقي اليدين برئي الذمة من قذارة المدنسين.
كثيراً ما يذهب المجرمضحية لمن وقع عليه جرمه،
كما يغلب ان يحمل المحكوم عليه الأثقال التي كان يجب ان يحملها الابرياء وغير المحكومين.
لذلك لا تستطيعون ان تضعوا حداً يفصل بين الاشرار والصالحين او الابرياء والمذنبين.
لأنهم يقفون معاً امام وجه الشمس، كما ان الخيط الابيض والخيط الاسود ينسجان معاً في نول واحد. \
فإذا انقطع الخيط الاسود ينظر الحائك الى النسيج بأسره ثم يرجع الى نوله يفحصه وينظفه.
****
لذلك اذا جاء أحدكم بالزوجة الخائنة الى المحاكمة، فليزن اولا قلب زوجها بالموازين، وليقس نفسه بالمقاييس.
وكل من شاء ان يلطم المجرم بيمينه يجدر به اولا ان ينظر ببصيرة ذهنه الى روح من اوقع الجرم عليه.
وان رغب احد منكم في ان يضع الفأس على اصل الشجرة الشريرة باسم العدالة فلينظر اولاً الى اعماق جذورها.
وهو لا شك واجد ان جذور الشجرة الشريرة وجذور الصالحة، وغير المثمرة، كلها مشكتبة معاً في قلب الارض الصامت.
اما انتم ايها القضاة الذين يريدون ان يكونوا ابراراً، أي نوع من الاحكام تصدرون على الرجل الامين بجسده السارق بروحه؟
أم أي عقاب تنزلون بذلك الذي يقتل الجسد مرة ولكن الناس يقتلون روحه الف مرة؟
وكيف تطاردون الرجل الذي مع انه خداع ظالم بأعماله، فهو موجع القلب، ذليل، مهان بروحه؟
****
أجل، كيف تستطيعون ان تعاقبوا الذين لهم من توبيخ ضمائرهم، وهو اعظم من جرائمهم، اكبر قصاص على الارض؟
أليس توبيخ الضمير هو نفسه العدالة التي تتوخاها الشريعة التي تتظاهرون بخدمتها؟
فأنتم لا تستطيعون ان تسكبوا بلسم توبيخ الضمير في قلوب الابرياء كما انكم لا تقدرون ان تنزعوه من قلوب الاشقياء.
فهو يأتي لذاته في ساعة الليل ننظرها، داعياً الناس الى النهوض من غفلتهم، والتأمل بحياتهم وما فيها من التعديات والمخالفات.
وأنتم، ايها الراغبون في سبر غور العدالة، كيف تقدرون ان تدركوا كنهها ان لم تنظروا الى جميع الاعمال بعين اليقظة في النور الكامل؟
في مثل هذا النورتعرفون ان الرجل المنتصب والرجل الساقط على الارض هما بالحقيقة رجل واحد واقف في الشفق بين ليل ذاته الممسوخة ونهار ذاته الإلهية.
وان حجر الزواية في الهيكل ليس بأعظم من الحجر الذي في اسفل اساساته.

من السهل ان تعرف كيف تتحرر ولكن من الصعب ان تكون حراً
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04403 seconds with 10 queries