12/07/2006
|
#60
|
مشرف متقاعد
نورنا ب: |
May 2006 |
مشاركات: |
3,276 |
|
الختان
يُعد الختان من العادات الجاهلية القديمة، والعرب في ذلك كالعبرانيين الذين سبقوهم بالختان. الختان أمر لم يشر إليه القرآن إنما ورد ذكره في الحديث. وترجع الكلمة إلي أصل سامي شمالي قديم، والختان هو في الأصل نوع من أنواع العبادة الدموية التي كان يقدمها الإنسان إلي الأرباب، وتعد أهم جزء من العبادات في الديانات القديمة. فقطع جزء من البدن وإسالة الدم منه هو تضحية في عرف أهل ذلك العهد ذات شأن خطير، كما كان حلق الشعر كله أو جزء منه نوعاً من أنواع التقرب إلي الآلهة. والختان في الإسلام وإن لم يُنص علي وجوبه في القرآن غير أنه من شعائر المسلمين. وكان الجاهليون يقولون لمن لم يختن " الأغلف" و "الأغرل" وهم يعيبون من لم يختن ويعدون الأغلف ناقصاً [18]
وقد أشار إلي انتشار هذه العادة عند العرب بعض الكتاب الكلاسيكيين مثل " يوسفوس" المؤرخ اليهودي و "أويسبيوس" و " سوزومينوس" ويظهر أنه كان معروفاً عند العرب الجنوبيين وعند الحبشة كذلك وقد طبق علي النوعين الذكور والإناث.
وعندما جاء النبي إبراهيم برسالته اتخذ الله معه عهداً، كما تقول التوراة: وقال الله لإبراهيم: " وأنت فاحفظ عهدي، أنت ونسلك من بعدك مدى أجيالهم * هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك: يُختن كل ذكر منكم * فتختنون في لحم قُلفتكم ويكون ذلك علامة عهد بيني وبينكم * وابن ثمانية أيام يُختن، كل ذكر منكم من جيلٍ إلى جيل " [19].
وجاء موسى واستمر عهد اليهود مع الله وختنوا، وما زالوا يختنون أولادهم، لكنهم لم يختنوا البنات. وجاء عيسى بن مريم بعد موسى، ومع أنه جاء ليكمل رسالة موسى إلا أنه لم يطلب من أتباعه الختان، ولا تخبرنا سيرته في المسيحية عما إذا كان هو نفسه مختوناً أم لا. والقرآن كذلك لم يتعرض لهذا الجزء من حياته الشخصية.
ولما جاء الإسلام تقبل محمد إسلام رجالٍ كثيرين دون أن يفحص عليهم ليرى إن كانوا مختونين أم لا. وهو نفسه لم يُختن كطفل ولكن كتب السيرة تخبرنا أنه وُلد مختوناً. وما دام الرسول قد ولد مختوناً، أصبح الختان واجباً على كل مسلم، غير أن الإسلام لم يُحدد متى يُختن الطفل، فمنهم من يُختن بعد الولادة مباشرة ومنهم من يُختن بعد البلوغ،كما يحدث في منطقة جيزان بالمملكة العربية السعودية.
وعلى مر العصور تمسك المسلمون بأن الختان يجعل المسلم أكثر نظافةً لأنه يُزيل تراكم " الحنشة" Smegma (مادة بيضاء ذات رائحة كريهة تتجمع بين الحشفة والجلد إذا لم يُفسخ الجلد ). وفي بداية القرن الماضي طلب جراح أمريكي من الأمركان ختان أولادهم الذكور لأن الختان، كما قال، يقلل من العادة السرية التي تقود إلى الجنون. وأخذ بعضهم بهذه النصيحة وختنوا أولادهم، غير أن النسبة لم تكن كبيرة. ثم جاء بعد الحرب العالمية الثانية جراح أمريكي من أصل يهودي، اسمه مادن Maden ادعى أن الختان يمنع حدوث سرطان القضيب في الرجال. وبني ادعاءه على إحصاءات أثبتت أن نسبة سرطان القضيب في الرجال اليهود بإسرائيل ضئيلة. وعليه انتشر ختان الأطفال الذكور في أمريكا وبلغت نسبة الأطفال المختونين في أمريكا 90% في الستينات من القرن الماضي. وطبعاً هلل المشايخ وقالوا إن الإسلام قد عرف هذه الحقيقة منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
وجاء من يشكك في ادعاء الجراح الأمريكي، وأجروا دراسات أثبتت أن سرطان القضيب أصلاً نادر الحدوث في المختونين وغير المختونين، ونسبته لا تتعدى 1: 100000 ( رجل واحد في كل مائة ألف رجل) ولا تختلف هذه النسبة بينهم كثيراً. وأثبتوا كذلك أن الختان، لأنه يجعل الحشفة مكشوفة كل الوقت وتحتك بالملابس الداخلية باستمرار، يجعل الرجل يفقد بعض حساسية الحشفة وبالتالي تقل نسبة تهيجه ولذته عند الجماع. وتحدث مضاعفات جراحية كثيرة منها النزيف ومنها قطع جزء كبير من الحشفة مع الجلد.
قال هؤلاء العلماء إن الله خلق هذا الجلد ليغطي الحشفة لحكمة معينه، لأنه لا يُعقل من الله أن يخلق الأشياء عبثاً وبدون فائدة تعود منها للمخلوق. فلماذا يخلق الله هذا الجلد ليغطي الحشفة ويحميها من الاحتكاك بالملابس، ثم يقول للناس اقطعوا هذا الجلد، أو يقطعه هو بنفسه كما فعل مع الرسول محمد؟
وبناءاً على هذه الإحصاءات الجديدة تكونت جمعيات في أمريكا تطالب بوقف الختان، وتخصص بعض الجراحين في إعادة الجلد المقطوع من الذكر بتعليق أوزان صغيرة على جلد القضيب، تزيد هذه الأوزان تدريجياً، حتى يمتط الجلد فيغطي الحشفة.
وtفي عام 1971 أصدرت أكاديمية طب الأطفال الأمريكية منشوراً يقول أنه لا يوجد أي سبب طبي لختان الأطفال وليس هناك أي فائدة من الختان. و بالتدريج قلت نسبة الأطفال المختونين في أمريكا إلى 50% في عام 1995 [20]. ونفس الشئ حدث في إنكلترا وفي كندا، التي كانت نسبة الذكور المختونين فيها في عام 1975 44% وأصبحت الآن 4%، وفي فلندا نسبة الختان صفر بالمائة[21]
و نسبة ختان الذكور في البلاد الإسلامية طبعاً 100%. و رغم أن القرآن لم يذكر الختان إطلاقاً، لا للرجال ولا للنساء، يؤكد الأخباريون أن ختان النساء كان معروفاً في الجاهلية، وساقوا قصة عن حمزة بن عبد المطلب، عم الرسول، في غزوة أُحد عندما مر به سباع بن عبد العُزى، وكان يُكنى بأبي نمار، فقال له حمزة: هلمَ إليّ يا ابن مقطّعة البظور. وكانت أم سباع وكنيتها أم نمار، مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، كانت ختّانة بمكة.
تمسك المسلمون بأحاديث غالباً ما تكون منحولة، منها حديث يقول أن الرسول مر على امرأة تختن بنتاً فقال لها: " أخفضي ولا تُنهكي"، ليبرروا به ختان البنات. ويعتقد أغلب المسلمين أن ختان البنات سنة ولذلك يصرون عليه. وينتشر ختان البنات في 28 قطر أفريقي منها الأقطار المسلمة مثل مصر والصومال والسودان وجيبوتي ومالى وبنين والكاميرون وغينيا بيساو. وبقية الأقطار الأفريقية التي تمارس ختان البنات بها مسلمون أيضاً، مثل شمال نيجيريا وأثيوبيا وشمال كينيا. وسلطنة عمان واليمن والأمارات العربية يُمارس فيها ختان البنات. وكذلك البلاد المسلمة الأخرى مثل اندونيسيا وماليزيا
ويُقدر عدد النساء المختونات في العالم بحوالى 150 مليون امرأة، وكل عام تُختن حوالي أثنين مليون بنت. ويقول مشايخ الإسلام إن ختان البنت يزيل البظر الذي هو أكثر المناطق الحساسة في جهاز المرأة التناسلي، وبالتالي يقلل من شهوة المرأة ويساعد على صون شرفها.
والختان، مثله مثل الحجاب الذي يعتقد المسلمون أنه يصون شرف المرأة بينما يأتي بعكس المطلوب منه، كذلك يأتي الختان بغير المتوقع. فأكثر أنواع الختان انتشاراً هو الختان السنة الذي يُقطع فيه البظر وأطراف الشفائف الصغرى ثم تخاط الشفائف الصغرى، ويتركون فتحة صغيرة للبول ولخروج دم الحيض. وأعداد كبيرة من هؤلاء النساء المختونات يمارسن الجنس قبل الزواج، ثم يدفعن للطبيب أو القابلة بعض المال لتخيط الشفائف كما كانت، وترجع المرأة كيوم ختانها وهي صغيرة
وللختان أضرار بالغة بالمرأة منها النزيف ساعة الختان، وقد يؤدي هذا للموت، ومنها الالتهابات التي قد تؤدي للعقم، والإصابة بمرض الكزاز ( Tetanus) ومنها كذلك صعوبة الولادة مما قد يؤدي لانفجار الرحم، ومنها الآلام المبرحة وقت مباشرة الجماع لأول مرة وبعد كل مرة تلد فيها المرأة. وهناك كذلك أضرار نفسية تصيب النساء من جراء الختان
ولم نسمع قط أن عالماً مسلماً دعا لتحريم ختان النساء، بل بالعكس هناك علماء من الأزهر، وعلماء في اليمن والسودان ونيجريا يؤكدون مشروعية ختان النساء ويطالبون به لحماية شرف المرأة المسلمة. وحتى في بلاد الغرب مثل كندا وإنكلترا وفرنسا حيث تقيم جاليات مسلمة، يلجأ ذوي البنات المسلمات إلى استئجار قابلة تختن البنات سراً أو يأخذون البنات إلى أوطانهم الأصلية حيث يختنوهن ويعودون بهن إلى أوربا.
وقد تكونت عدة جمعيات حول العالم لتوعية المسلمين بأضرار ختان البنات الذي أصبح اسمه في الغرب Genital Mutilation وتعني " تشويه الأعضاء التناسلية"، وللأسف الشديد نجد أن معظم أعضاء هذه الجمعيات من الأوربيين المسيحيين، ولا أثر لعلماء المسلمين بينهم. ولا غرو، فعلماء المسلمين هم الذين شجعوا المسلمين على التمسك بالختان بناءاً على أحاديثهم عن الرسول.
|
|
|