عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #52
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


الفصل السابع
الفتاوى في الإسلام
بعد موت الرسول محمد انقطعت الصلة بين السماء والأرض ولم يعد جبريل ينزل بالوحي ليوضح للمسلمين الأحكام الإلهية في القضايا التي تستجد فيهم. في حياة الرسول كان المسلمون يسألون محمد عن قضايا بعينها، وكان جبريل جاهزاً بالأجوبة ينزل بها في بعض المرات بعد دقائق من السؤال، كما حدث عندما نزلت الآية: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين "، فاحتج ابن أم مكتوم، وكان أعمى، أنه لا يستطيع الجهاد وبذلك لا يكون من المفضلين عند الله. فقال زيد بن ثابت، كاتب الوحي، وكان جاساً بجوار النبي يكتب: " عندما تكلم ابن أم مكتوم أُوحى للنبي وغشيته السكينة فرفع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة، فلا والله ما وجدت شيئاً أثقل من فخذ رسول الله. ثم قال لما سري عنه: أكتب يا زيد" [1]. فأنزل الله على الرسول الاستثناء المعروف " غير أولي الضرر"، فأصبحت الآية: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله".
وفي مرات أخرى كان جبريل لا ينزل بالإجابة المطلوبة إلا بعد أيام. ولكن مع نهاية الوحي كان لا بد من إيجاد وسيلة أخرى للإجابة على أسئلة المسلمين، فابتكر علماء الإسلام الفتوى كوسيلة للإجابة على هذه الأسئلة. والفتوى قد تكون مبنية على القياس على مسائل مشابهة كان القرآن أو الرسول قد أجاب عليها أو فعل الرسول شيئاً يمكن أن يُعطي الإجابة المطلوبة، أو إذا انعدم القياس لجأ العلماء للعقل والاجتهاد لإيجاد الإجابة. والاجتهاد هو الذي فتح الباب على مصراعيه لكل من ادعى العلم في الإسلام.
وحتى كبار الصحابة والأئمة أتوا بفتاوى لا تستقيم والعقل ولكن لأنهم علماء وخلفاء لم يتجرأ أحد بنقد فتواهم . فمثلاً يقال أتى رجلٌ بامرأة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين هذه امرأتي، وهي كما ترى سوداء وأنا أسود، وقد ولدت لي غلاماً أبيض. فالتفت أمير المؤمنين عمر إلى الحاضرين في مجلسه قائلاً لهم: ما ترون؟ قالوا: نرى أن ترجمها. فأمر عمر بأن تُرجم، وفيما هي في الطريق إلى الحفرة أقبل الإمام علي بن أبي طالب، ثم سأل فحدثوه بما قال الزوج الأسود وبما أمر به أمير المؤمنين، فقال الإمام للأسود: أتتهم امرأتك؟ قال الرجل: لا. فمضى الإمام يسأل حتى قال: هل أتيتها وهي طامس؟ قال الرجل: لقد قالت لي في ليلة إني طامس فظننت أنها تتقي البرد فوقعت عليها. فتوجه الإمام للمرأة بالسؤال: هل أتاك وأنت طامس؟ قالت الزوجة: نعم، واسأله إنني قد خرجت عليه وأبيت أن أطاوعه. قال الإمام: إنطلقا، والمولود ابنكما، وإنما غلب الدم النطفة [2].
وهذه طبعاً فتوى لا أساس لها من الناحية العلمية، فليس هناك أي علاقة بين دم الحيض ولون الجنين. فلون الجنين تحدده الجينات الموروثة من الأم والأب. ولو جامع الرجل زوجته وهي حائض فلن تحبل الزوجة لأن الحيض علامة أن الحمل لم يحدث ولذلك تخلص الرحم من الجدار الدموي الذي كان قد كوّنه لاستقبال البويضة المخصبة.
ويقال كذلك كان لرجلٍ على عهد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب جاريتان فولدتا، إحداهما ولداً ذكراً والأخرى بنتاً، فعهدت صاحبة البنت فوضعت بنتها في المهد الذي فيه الولد الذكر ثم أخذته لنفسها، ثم تنازعتا الولد الذكر فكل واحدة منهما تدعيه لنفسها، فتحاكمتا إلى أمير المؤمنين فأمر أن يوزن لبنهما قائلاً: أيهما كان لبنها أثقل فالولد الذكر لها [3].
وهذه الفتوى واضح أنها مبنية على قصة واقعة لم تحدث، والأسباب لذلك عديدة، منها أن الموازين في تلك الأيام لم تكن من الدقة التي تمكنهم من وزن جرامات، وإنما كانوا يزنون بالأرطال، ولبن المرضعة ليس كلبن الشاة يمكن حلبه بكميات كبيرة في وعاء. ربما استطاعوا حلب كمية بسيطة لا تتعدى الجرامات، مع تسبب ألم شديد للمرأة. ولم يكن في إمكانهم وزن كمية بسيطة من اللبن كهذه لمعرفة الفرق في الوزن بين لبن المرأتين. وثانياً، هؤلاء النسوة لم يلدن في وسط الصحراء بدون مساعدة، فلا بد أن كل منهما ساعدتها قابلة كان يمكن لأمير المؤمنين أن يسألها ماذا أنجبت. وثالثاً، هاتان المرأتان كانتا جاريتين، والجارية كانت تعيش في غرفة داخل بيت مالكها لتخدم أهل البيت الذين لا بد قد عرفوا ماذا أنجبت. ورابعاً، كان لا بد لهاتين الجاريتين أن يضعا مولوديهما في نفس اليوم وفي نفس الغرفة حتى تستطيع إحداهما أن تبدل مولودها بالآخر.
وعلى العموم هذا ليس مهماً إنما المهم أن لبن الأم لا يتأثر وزنه بجنس المولود، ذكراً كان أم أنثى. واللبن في الأيام الأولى يكون عبارة عن ماء به أجسام مضادة للعدوى، يُسمى Colostrum ويكون وزنه شبيهاً بوزن الماء. والمهم في هذه الفتوى أنها فتوى موضوعة لكن صدقها أناس كثيرون على مر العصور حتى يومنا هذا. وهذا يدل على مدى قوة تأثير هذه الفتاوى في العامة الذين لا يحققون في هذه الفتاوى بل يأخذونها مأخذ القرآن، ومن ثم يعملون بها حتى لو أمرتهم بمقتل مسلم آخر
وأفتى الإمام علي برد شهادة شاهدين من اليهود شهدا على يهودي أنه أسلم. وتفسير ذلك عنده أنهما يجيزان تغيير كلام الله وشهادة الزور. فلما سُئل عن شاهدين من النصارى شهدا على نصراني أنه أسلم أجاز شهادتهما قائلاً: إن الله يقول في النصارى " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون". ثم قال: إن من لا يستكبر عن عبادة الله لا يشهد الزور.
وعليه نستطيع أن نقول إن النصارى لم يحرفوا الكلم عن مواضعه ولم يحرفوا الإنجيل لأنهم لا يستكبرون وبالتالي لا يشهدون بالزور. وكذلك نستطيع أن نقول إن القرآن لم يكن محقاً حينما قال: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " ( المائدة/51) لأن النصارى لا يستكبرون ولا يشهدون بالزور وهم أكثر الناس مودة للذين آمنوا.
وأفتى الخليفة عمر بن الخطاب بفتوى غير قانونية، إذ قال لرجل تزوج امرأة اشترطت عليه ألا يتزوج غيرها وألا يتسرى بالإماء ولا ينقلها إلى أهله. ولما سمع الخليفة عمر بذلك قال للرجل: عزمت عليك، تزوج غيرها وتسرى وأخرج بها إلى أهلك [4].
والشروط التي اشترطتها المرأة على زوجها قبل زواجها وقبِلَ بها أصبحت شروطاً شرعية مثلها مثل العقد، واجبة التنفيذ، وليس من حق الخليفة أن يفسخها. ولكنه فعل وأصبحت الفتوى تصريحاً للرجال المسلم ليتحلل من عقوده مع النساء
وبعض الفتاوى فيها جور واضح، فقد روى عبد الرزاق أن امرأة تسرّت بغلام لها أي اتخذت عبداً لها يطأها كالرجال فبلغ ذلك عمر فسألها: ما حملك على ذلك؟ فقالت: كنت أرى أنه يحل لي ما يحل للرجل من ملك اليمين. فاستشار عمر فيها أصحاب رسول الله فقالوا: تأولت كتاب الله عز وجل غير تأويله. فأفتى عمر: لا جرم، والله لا أحلك لحر بعده أبداً. وأمر العبد ألا يقربها
وواضح هنا أن هذه المرأة كانت غير متزوجة، وحد الزنا لغير المتزوجة الجلد. فكان أرحم لها لو جلدها عمر، ولكنه درأ عنها الحد بأن حرّمها على أي رجل حر أن يتزوجها، وفي نفس الوقت منع العبد من أن يقربها. وهذا ليس من العدل في شئ زيادة على أنه ليس في الإسلام ما يقول أن المرأة إذا وطأها عبد لا تحل لحر بعده. وهذه أقل ما توصف بها أنها سياسة عرقية لا تقرها القوانين الحديثة
وبعض الفتاوى ينقصها المنطق، فقد روى أبو يوسف بإسناده إلى عمر بن الخطاب أنه أتى برجل وقع على بهيمة فعززه بالضرب وأمر بالبهيمة فذبحت وأحرقت بالنار. فقد نفهم أنه ضرب الرجل ( ولو أنا لا نوافق على ضرب الرجل)، ولكن ما هو المنطق في حرق البهيمة بعد ذبحها، وماذا جنت حتى تُذبح؟ فما فعله الرجل لا يؤثر في لحم أو لبن البهيمة، أما كان الأفضل أن يُعطى لحم هذه البهيمة إلى سُراق المدينة الذين كان عمر يخشى منهم على المسافرين ليلاً؟
والغريب في هذه الفتوى من عمر بن الخطاب أنها خالفت سنةً قالها الرسول على حسب رواية البيهقي، فقد روى أن رسول الله (ص) قال في وطئ البهيمة: " اقتلوه واقتلوها معه حتى لا يقال هذه التي فعل بها كذا وكذا ". حكمٌ لا شك قاسي. فلو كان هذا الرجل غير متزوج وجامع امرأة فإنه يجلد. فلماذا يُقتل إذا جامع بهيمة؟

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03985 seconds with 10 queries