12/07/2006
|
#49
|
مشرف متقاعد
نورنا ب: |
May 2006 |
مشاركات: |
3,276 |
|
والإسلام يوصينا بعدم موالاة الكافرين، و لكنه يحثنا على موالاة بعضتا البعض ويقول الرسول: " المسلمون في تعاطفهم وتواددهم كالبنيان يشد بعضه بعضاً". ويقول كذلك: " كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه". فهل طبق المسلمون شيئاً من هذا منذ بداية الإسلام. فقد رأينا أن ثاني خليفة للمسلمين قُتل غيلةً وثالث خليفة كذلك قُتل بأيدي المسلمين أنفسهم عندما اقتحموا عليه منزله وهو شيخ ناهز الثمانين من عمره، وحاولت زوجته حمايته، فقطع السيف أصابعها، ورابع خليفة كذلك قُتل غيلةً، وتحارب المسلمون في واقعة صفين وواقعة الجمل وواقعة كربلاء، وتحاربت الفرق الإسلامية المختلفة، وغزا يزيد بن معاوية المدينة المنورة وأباحها لجيشه ثلاثة أيام، عاثوا فيها فسادا، ورمى الحجاج بن يوسف الكعبة بالمنجنيق. وقتلت جيوش الخلفاء الأمويين والعباسيين الآلاف من المسلمين في الثورات العديدة التي قامت ضد فساد الخلفاء.
وفي العصر الحديث لم يجتمع المسلمون يوماً على شئ، فدائماً تفور بينهم العداوة والبغضاء والحروب، كما رأينا في حرب إيران/ العراق وحرب العراق/ الكويت، وفي حرب الخليج الأولى حينما حاربت البلاد المسلمة مع الحلفاء ضد الجيش العراقي. والآن هناك حرب غير معلنة تدور بين الشيعة والسنة في العراق، يفجرون مساجد بعضهم البعض ويقتلون أئمة أعدائهم. فقد حذرت هيئة علماء السنة بالعراق من أن مشايخهم يُقتلون ومساجدهم تُضرب، وقالوا إن مساجد السنة تعرضت إلى ثلاثين عملية سطو منذ سقوط النظام[42]. ولا شك أن علماء الشيعة يقولون نفس الشئ، وقد رأينا على شاشات التلفزيون تفجير مساجدهم وقتل المصلين. وقد يقول قائل إن هذه إغتيالات سياسية يجب ألا نلوم عليها الإسلام. ولكن من حرّض المسلمين على القتال " يأيها النبي حرض المؤمنين على القتال "، و " كُتب عليكم القتال وهو كره لكم "، ومن حرّض المسلمين علن جعل العداوة والبغضاء بينهم وبين الكفار، والسنة يعتبرون الشيعة كفاراً، ومن علّم المسلمين أن يأخذوا القانون في أيديهم ويغيروا الأشياء عنوةً " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ".
والإشكال في مثل هذه التعاليم أنها تزرع في الأشخاص والمجتمع بذور التعصب و" الدوغماتية" التي لا بد لها أن تترعرع وتنمو مع مرور الزمن. وهذه حتمية لا يمكن نكرانها لأنها حدثت في المسيحية أيام القس " كالفن " الذي اعتنق مذهب الإصلاح المسيحي " Reformation " عام 1533 وفي عام 1541 كون أول حكومة تخضع لقوانين الكنيسة في جنيف، وفرض تعاليم الإنجيل البروتستانتية على كل شئ وكل فرد، وأصبح كالفن صوت الله في الأرض. وبسبب تعاليمه المتزمته التي تقول إن كل من يخالفه كافر، قامت محاكم التفتيش الكنسية التي عاثت في أوربا فساداً باسم المسيحية، فكانوا يشقون صدر الرجل فعلياً ليبحثوا عن الإيمان فيه، وأحرقوا اليهود أحياء على الصليب، ولم يعترض أحد ولم يشك أحد مطلقاً أن كالفن على حق ومن خالفه الرأي زنديق. ولذلك عندما حكمت محاكم التفتيش بحرق العالم برونو وبحرق الدكتور مايكل سيرفيتيوس مع كتبهم، وعندما حكموا على جاليليو بالحبس المنزلي لقوله إن الأرض تدور حول الشمس كما قال كوبرنكوس، هلل المؤمنون لإعلاء كلمة الله وسحق الزنادقة.
وفي روسيا في عام 1917 عندما بدأت الثورة البلشفية بقيادة لينين، كان للدولة تعاليم كالمنزلة تماماً سنها ماركس وإنجلز ولينين، وكان لهذه الدولة مفتي يدعى " جدانوف" ينظر في قضايا الإشخاص الذين يخالفون رأي الحزب، وكل من يقول جدانوف بكفره، إما يُنفي إذا كان شخصاً مهماً مثل مكسيم جوركي الذي نفوه إلى إيطاليا، أو يُقتل إذا كان من البرولتاريا العاملة. وفي شرق أوربا التي كانت ترزح تحت الحكم الشيوعي بعد الحرب العالمية الثانية، عانى مثقفوها ما عاناه مثقفو روسيا، فكان هناك دوبشيك في تشيكوسلوفاكيا وايمري ناجي في المجر، ولأنهم تجرءوا وانتقدوا تعاليم وسياسة الحزب الشيوعي، نفوا الأول وأعدموا الثاني.
ورغم إيمان كالفن المطلق بتعاليمه وإيمان الرفاق الشيوعيين وجدانوف بنظرياتهم وقولهم إنهم سيدحرون الباطل وسوف تظل عقيدتهم قوية إلى الأبد، فقد انتهى تسلط الكنيسة وانتهت الشيوعية وبقي العقل وحده سيد الموقف.
والإسلام يمر بهذه المراحل الآن، فقد رأينا أفكار سيد قطب وحسن البنا تؤدي إلى نشوء جماعة الأخوان المسلمين ثم نمو فروع منها مثل جماعة التكفير والهجرة و "كتائب أبو حفص المصري" في مصر وحديثا في السعودية بدأت حركات تكفير عديدة منها جماعة جهيمان العتيبي التي احتلت الحرم النبوي بمكة عام 1979، وكتائب الحرمين التي هددت حديثاً بقتل المرتدين.
|
|
|