12/07/2006
|
#27
|
مشرف متقاعد
نورنا ب: |
May 2006 |
مشاركات: |
3,276 |
|
المرأة والحجاب
قبل أن يأتي الإسلام كانت المرأة العربية بدوية تعيش حياة الصحراء التي عُرفت بخشونتها وقسوتها، وكذلك بحب هؤلاء الناس لحريتهم التي ما كانت تنفصل عن حرية مواشيهم وجمالهم التي كانت تجوب الفلاة بلا حدود ولا قيود. المرأة كانت تنسج الخيام من الشعر وتساعد في نصبها حيثما نزلوا، وتساعد كذلك في حلب وعلف الأغنام. وفي الغارات التي كانت تكثر في تلك الأيام، كانت المرأة بارزة فيها وقد أُسرت نساء كثير في هذه الغارات. المرأة كانت تقول الشعر وتشارك في ليالي السمر تحت ضوء القمر في الصحراء.
وفي المدن في المناطق المتحضرة من جزيرة العرب مثل اليمن والشام والعراق، كانت المرأة تشارك الرجل في الأسواق وفي المناسبات العامة مثل الاحتفالات الدينية. وكانت المرأة ملكة في سبأ ( بلقيس) وقد عثر علماء الحفريات في شمال الجزيرة على أسماء ملكات عربيات في النصوص الآشورية [18]. وكذلك وجدوا في الحفريات مرسوم من سنحاريب، ملك الآشوريين يقول إنه جهز حملة في سنة 688 قبل الميلاد ضد الملكة تلخونو Telhunu ملكة أريبي [19].
ومن الإخباريين من ينسب بناء تدمر إلى " تدمر بنت حسان بن أذينة بن السميدع بن مزيد بن عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح" وزعموا قصة تفيد عثورهم علي قبر " تدمر بنت حسان" [20]. فلا بد أن تدمر هذه كانت ملكة سموا باسمها المدينة.
وكان ملك العرب بأرض الجزيرة ومشارف بلاد الشام عمرو بن ظرب بن حسان بن اذينة، فلما قُتل في إحدى المعارك، ملكت من بعده ابنته الزباء واسمها نائلة. وكان جنود الزباء من العماليق والعاربة الأولي ومن قبائل قضاعة وكانت للزباء اخت يقال لها زبيبة، كانت يدها اليمنى في الحكم
وفي مصر حكمت عدة ملكات، حتى من قبل الميلاد، نعرف منهن الملكة كليوباترا، والملكة حتشبسوت، والملكة نفرتيتي.
والمرأة في الجاهلية كانت تمتهن الكهانة، وهي وظيفة مهمة جداً في تلك الأيام، فكان لها فيها حصة ونصيب. وقد حفظ الأخباريون أسماء عدد من الكاهنات اشتهرت كهانتهن في الجاهلية، منهن طريفة الكاهنة ( الأغاني 13/ 105) وزبراء، وسلمى الهدانية، وعفيراء الحميرية، وفاطمة بنت مر الخثعمية، وسجاح وغيرهن ( بلوغ الأرب 2/ 283 وما بعدها). وقد نسبوا الي طريفة إخبارها عمرو بن عامر، أحد ملوك اليمن بزوال ملكه وبخراب سد مأرب ( بلوغ الأرب 2/283، 28
ثم جاء الإسلام ولم يغير في وضع المرأة شيئاً طوال فترة الرسول في مكة، وحتى عندما هاجر إلى المدينة استمر الوضع كما هو حتى بعد أن تزوج عائشة. ثم بدأ عمر بن الخطاب يلح على الرسول أن يُحجّب نساءه لأن الأعراب البدو كانوا يدخلون بيوت النبي في أي وقت شاءوا وبدون استئذان. ويقال أنه في يوم من الأيام كان عمر يأكل مع الرسول وعائشة، ولمست يده أصبع عائشة، فقال للنبي يا ليتك تُحجّب نساءك. فنزلت سورة الأحزاب: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناءه ولكن إذا دُعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلك كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [21]. ومنهم من قال إن هذه الآية نزلت يوم تزوج الرسول زينب بنت جحش، وأراد أن يدخل بها ولكن الأعراب ظلت جالسة في المنزل حتى وقت متأخر من الليل، وقد كره الرسول ذلك منهم.
والحجاب المقصود هنا طبعاً هو نوع من الستارة على الباب، لأن أبواب البيوت في ذلك الوقت لم يكن بها حاجز أو باب من خشب. فالقصد كان وضع ستارة على الباب تقف من خلفها زوجة الرسول لتكلم الرجال الأغراب.
ولم يكتف عمر بن الخطاب بهذا. وفي ذات ليلة خرجت زوجة الرسول سودة بنت زمعة لقضاء حاجتها، وكانت امرأةً طويلة، فعرفها عمر وصاح عليها: " ألا يا سودة قد عرفانك"[22]، فأخبرت الرسول. ونزلت الآية: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " [23].
وقال شيوخ الإسلام إن السبب في نزول هذه الآية هو أن صياع المدينة كانوا يعاكسون النساء ليلاً إذا خرجن إلى قضاء الحاجة. فإن كانت المرأة أمةً لمسوها وإن كانت حرةً تركوها. ولذا أمرهن الله أن يدنين جلابيبهن حتى يعرف الصياع أنهن حرائر لا إماء، فلا يتعرضوا إليهن. منطق غريب هذا الذي أتى به العلماء. أما كان الأجدر أن يُنزل الله آيةً تنهى الصعاليك من معاكسة النساء؟ ولماذا يبيح الإسلام لهؤلاء الصعاليك التعرض للإماء ويمنعهم عن التعرض للحرائر؟ هل الأمة ليست إنسان يستحق صون كرامته؟ بعض هؤلاء الإماء كن سيدات محترمات من أعز القوم في بلادهن قبل أن يأسرهن المسلمون.
ومفهوم الحجاب في الإسلام هو أنه للنساء الحرائر فقط ولا يشمل الإماء. بل بالعكس، فقد منع الخليفة عمر بن الخطاب الإماء من لبس الحجاب، رغم كونهن مسلمات، وكان يطوف شوارع المدينة بحثاً عن الإماء المحجبات فيضربهن بدرته حتى يسقط عنهن الحجاب، ويقول لهن: " فيم الإماء يتشبهن بالحرائر؟ " ( طبقات ابن سعد، 6/127). فإذاً ليس الغرض من الحجاب عدم إثارة غرائز الرجل، لأن الأمة الجميلة التي تسير بدون حجاب وكاشفةً صدرها، لأن صدر الأمة ليس عورة، قد تثير غرائز الرجل أكثر مما تثيرها أحد الحرائر. ويبدو أن السبب الرئيسي كان تمييز الحرائر من الإماء. وبما أنه لا توجد إماء الآن ( من الناحية القانونية)، فلماذا إذاً تلبس المسلمة الحجاب؟
المهم أن هاتين الآيتين أصبحتا سجناً متحركاً لنساء المسلمين. شرّع العلماء وأفتوا في الحجاب، طوله وعرضه وأي مادة يُنسج منها وماذا يظهر من جسم المرأة الذي يعتبره العلماء عورةً ما عدا العينين والكفين، بل ذهب بعضهم إلى أن المرأة يجب أن تغطي كذلك إحدى عينيها، ويكفيها عينٌ واحدة [24]. وفي أماكن مثل أفغانستان أيام الطلبان، وفي السعودية، يجب أن تُغطي المرأة وجهها بخمار أسود، وتلبس قفازاً أسوداً على يديها. ويظهر أن هذه العادة كانت متفشية في العراق أيام الدولة العباسية، لكنها لم تمنع الشعراء من التغزل بالنساء المتحجبات، اللائي ربما بادلنهم الهيام،
|
|
|