عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


في كل أسفار العهد القديم لا نجد غير الحث على توحيد الله والابتعاد عن عبادة الأصنام. والقرآن نفسه يقول عن التوراة: " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور" [8]. ويتكرر وصف التوراة هذا في عدة آيات في القرآن. وليست هناك أي آية بالتوراة تقول إن عزير ابن الله أو إن لله شريكاً أو ابناً. ويدّعي المسلمون أن الآية غير موجودة بالتوراة المعروفة لدينا الآن لأن اليهود قد حرفوا التوراة.
ولكن ليس في التوراة الموجودة بين ظهرانينا الآن ما يدل على أنها محرفة، وليست لدينا نسخة أصلية قديمة لنقارن بها التوراة الحالية لنعرف إن كانت محرفة أم لا. كل ما لدينا هو ما يقول علماء المسلمين والمفسرون من أن التوراة قد حُرفت. ولو كانت التوراة قد حُرفت، فهل يجوز لله أن يقول للرسول محمد: " وكيف يُحَكّموك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ؟ "[9] فهذا دليل على أن التوراة لم تكن قد حُرفت حتى ظهور الرسول محمد بن عبد الله. فلو كانت التوراة قد حُرفت لقال الله لرسوله: " كيف يحكموك وعندهم التوراة قبل أن تُحرف "، أو " إنهم يحكموك لأن توراتهم محرفة" أو كلمات بهذا المعنى.
وكذلك يقول القرآن: " قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أُنزل إليكم من ربكم " [10]. فليس من المعقول أن يقول محمد لليهود إنهم ليسوا على شئ حتى يقيموا التوراة، وهو يعلم أن التوراة صارت محرفة. وعندما جاء عيسى بن مريم برسالته قال لبني إسرائيل إنه جاء: " مصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحّل لكم بعض الذي حُرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون "[11]. فعيسى قد جاء مصدقاً لما في التوراة، ولم يقل لهم جئت لأصحح التوراة التي قد حُرفت، وقد كانت الفرصة سانحة هنا أن يصحح الله التوراة عندما أرسل عيسى بالإنجيل، ولكن الإنجيل لا يختلف عن التوراة كثيراً، فهذا دليل أن التوراة لم تُحرف.
وكذلك نجد مرة أخرى أن الله قد أرسل عيسى مصدقاً لما بين يديه من التوراة: " وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدىً" [12]. فليس هناك أي ذكر بأن التوراة قد أصابها تحريف، ولكن القرآن يقول في سورة النساء: " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غيرَ مُسمعٍ وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو انهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم "[13]. وهذه الآية لا تدل على أي تحريف في التوراة لأن القرآن يقول " من الذين هادوا "، يعني أن بعض اليهود يحرفون الكلام عن مواضعه، وليس كل اليهود. وتحريفهم للكلام عن مواضعه هو قولهم: " سمعنا وعصينا " بدل أن يقولوا: " سمعنا وأطعنا "، وقولهم " راعنا"، من المراعاة ولكنهم كانوا يقصدون " راعناً " من الرعونة، وكأنهم يصفون الرسول بالرعونة. وهذا هو المقصود ب " يحرفون الكلم عن مواضعه ". وحتى لو افترضنا أن المقصود ب " يحرفون الكلم عن مواضعه " هو تحريف التوراة، فإنه تحريف في معنى الكلمات، وليس تحريفاً في النص.
ويقول القرآن في سورة البقرة، الآية 75: " أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ". مرة أخرى يخبرنا القرآن أن فريقاً منهم، وليس كلهم، كانوا يسمعون كلام الله ويعونه ثم يحرفون معناه، وليس نصه في التوراة.
وفي سورة المائدة، الآية 13: " فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسيةً يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذُكّروا به ". ويقول ابن كثير: " يحرفون الكلم عن مواضعه" أي فسدت فهومهم وساء تصرفهم في آيات الله وتأولوا كتابه على غير ما أنزله وحملوه على غير مراده وقالوا ما لم يقل". وواضح هنا أن تحريفهم لكتاب الله كان في تأويلهم لمعناه، وليس في النص.
ولو فرضنا، كذلك، أن جزءا من اليهود قد حرّفوا نص التوراة، فهذا يعني أن بقية اليهود لم يحرفوها، وبالتالي لا بد من وجود نُسخ من التوراة غير محرفة، ومن اليسير على اليهود المتدينين، والذين يحفظون التوراة، التعرف على المحرف منها وتصحيحها، ففي اليهود كما في المسلمين أناس قضوا كل أعمارهم في حفظ وتدريس كتاب الله.
وفي الحديث النبوي أن الله كتب التوراة قبل أن يخلق آدم بأربعين سنة[14] . فإذا كان الله قد أهتم بالتوراة وكتبها حتى قبل أن يخلق آدم، فليس من المعقول أن يسمح لليهود بتحريفها، وهو قد قال: " إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون "[15]. والذكر هنا لا يعني القرآن فقط كما يدعي بعض المفسرين، فالتوراة ذكر من الله، خاصة أن الله لم يعهد بها إلى جبريل ليبلغها موسى، إنما كلم بها موسى وأنزلها عليه مكتوبة في ألواح، فلا بد له، إذاً أن يحفظها من الضياع والتحريف.
ويقول الدكتور محمد أحمد الحاج، في كتابه عن النصرانية " ومع كل هذه التحريفات فلقد بقيت التوراة دعوة صريحة في كثير من نصوصها إلى التوحيد، والمتتبع لأسفارها يجد آيات كثيرة، تصرح بتوحيد الله وتنفي عنه الشرك، كما أنها جاءت بتفاصيل العبادة التي لا تنبغي إلا لله، وفيها تحذير واضح من الشرك والوثنية، وكذلك بقية أسفار العهد القديم"[16]. فالدكتور هنا قد قدم لنا الأدلة على أن التوراة التي بين أيدينا تحتوي على آيات عديدة تثبت وحدانية الله، لكنه لم يقدم لنا أي دليل أنها قد حُرفت، ليدعم قوله " ومع كل هذه التحريفات".

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04098 seconds with 10 queries