عرض مشاركة واحدة
قديم 05/07/2006   #1
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي المذهب الباراجماتي.


ما هي البراجماتية؟



لو أردنا توضيح نمطي التفكير الفلسفي الأساسيين في التاريخ الغربي فإننا نضع خصائصهما في عمودين متقابلين على طريقة الفيلسوف الأمريكي 'وليم جيمس'ُنظِّر البراجماتية الأبرز] عند تقديمه لأفكاره في كتابه [البراجماتية ـ 1907] هكذا:


مثاليمادي


عقلي تجريبي


ديني لا ديني


وعلى الرغم من الخلاف بين المذهبين فإنهما قد اتفقا على أن هناك مرجعًا ما، أو أصلاً قائمًا يمكن الرجوع إليه في معرفة مدى صحة فكرة مطروحة، أو رأي أو قول ما؛ هذا الأصل القائم هو أفكار قبلية في العقل عند العقليين، أو واقعة خارجية تدرك بالحواس عند التجريبيين.



ولأن المنازعات الفكرية بين الفريقين لا تنتهي؛ فلقد ادعى البراجماتيون أنهم يقدمون طريقة جديدة في التفكير لحسم هذه الخلافات؛ وهي التجريب العملي لأي فكرة من الأفكار؛ فالفكرة تكون صحيحة أو باطلة بحسب ما يمكن أن تحققه للإنسان من نفع في حياته العملية، لا لأنها صحيحة في ذاتها، أو لأنها مطابقة للواقع أو غير ذلك.


وأول من أدخل لفظ البراجماتية في الفلسفة هو الفيلسوف الأمريكي 'تشارلز بيرس' [1839 ـ 1914م] في مقال له بعنوان: 'كيف نجعل أفكارنا واضحة' حيث ذكر فيه أنه 'لكي نبلغ الوضوح التام في أفكارنا من موضوع ما فإننا لا نحتاج إلا إلى اعتبار ما قد يترتب من آثار يمكن تصورها ذات طابع عملي، قد يتضمنها الشيء أو الموضوع'.



وعلى ذلك فإن بيرس يزعم 'أن كل اصطلاح يكون حقًا إذا كان له مدلول، والمدلول له وجود حقيقي إذا كان ينتج بعض النتائج في هذه الدنيا التي نشاهدها، وإلا فلا معنى للاصطلاح ولا وجود للمدلول أو الشيء'.


وذهب وليم جيمس [1842 ـ 1910م] إلى أن المنفعة العملية هي المقياس لصحة هذا الشيء. وذهب الفيلسوف الأمريكي جون ديوي [1859ـ 1952م] إلى أن 'العقل ليس أداة للمعرفة وإنما هو أداة لتطور الحياة وتنميتها؛ فليس من وظيفة العقل أن يعرف... وإنما عمل العقل هو خدمة الحياة'.


أما الإنجليزي فرديناند شيلر [1864 ـ 1937م] فهو 'يأخذ لنفسه تعبير بروتاجوراس المشهور: 'الإنسان مقياس كل شيء' ويؤيد السوفسطائيين اليونان، ويدافع عنهم ضد المذهب العقلي لأفلاطون.


وإذا كان هؤلاء هم فلاسفة البراجماتية الأساسيين فإننا سنركز بوجه خاص على [وليم جيمس] الذي شرحها شرحًا وافيًا في كتابه 'البراجماتية' الذي سنعتمد عليه في ذكر أفكاره.



الاتجاه البراجماتي



لابد أن نذكر أولاً أن الفلسفة البراجماتية قد جاءت فلسفة أمريكية في الأساس؛ لأنها الفلسفة التي تتسق مع أسلوب الحياة الأمريكي نفسه؛ أي أنها جاءت لتعبر عما هو واقع بالفعل.


ويقول [ويلسون آلن] في ذلك في كتابه [الثقافة الأمريكية]: 'إذا كانت النظرة البراجماتية للحياة سائدة ومبتغاة في الولايات المتحدة بأسلوب أكثر انتشارًا وأكثر صدقًا منه في أي مكان آخر في العالم الغربي؛ فقد كان لها السيطرة الحازمة على أغلبية الأمريكيين لمدة طويلة قبل أن يحاول أحد وصفها بأسلوب الفكر المجرد. وربما كانت الخاصية الطبيعية لهذه النظرة السبب في منع مناقشتها نظريًا، لكن بمجرد أن بدأ هذا فإنه لم يتوقف، وأدى إلى عدد من أكثر الاتجاهات الحاسمة تأثيرًا في الفكر الحديث'.



يقول [وليم جيمس] عن الاتجاه البراجماتي: 'إنه اتجاه تحويل النظر بعيدًا عن الأشياء الأولية، المبادئ والنواميس والفئات، الحتميات المسلَّم بها، وتوجيه النظر نحو الأشياء الأخيرة: الثمرات، النتائج، الآثار، الوقائع، الحقائق'.


و'البراجماتية' ليس لها أي عقائد يقينية أو جزمية أو أية مذاهب أو مبادئ، اللهم إلا طريقتها؛ فنحن علينا أن نضع 'كل المفاهيم المطروحة على بساط البحث على المحك البراجماتي، وسنفوز عند ذلك بالنجاة من الجدل الباطل العقيم، فإذا لم يكن ثمة فرق عملي بين قولين بالقياس إلى صحة هذا أو ذاك؛ إذن فالاثنان حقًا عبارة واحدة في شكلين كلاميين، وإذا لم يكن ثم فرق عملي يحدث سواء كانت عبارة معينة صحيحة أو باطلة؛ إذن فالعبارة ليس لها معنى حقيقي، وفي كلتا الحالتين فليس هناك شيء يستحق أن نتنازع من أجله، وأوْلى بنا أن نوفر جهدنا، ونمضي إلى أمور أكثر جدوى وأهمية'.


إن الحقيقي في أوجز عبارة لدى وليم جيمس 'ليس سوى النافع المطلوب في سبيل تفكيرنا تمامًا، كما أن الصواب ليس سوى الموافق النافع المطلوب في سبيل مسلكنا'.



و'البراجماتية' لا تمثل ولا تناصر أي نتائج معينة من طريقتها، كما أن حيازة الحقيقة عندها بعيدة كل البعد عن أن تكون غاية في ذاتها؛ فهي لا تزيد عن كونها مجرد وسيلة أو أداة أولية لبلوغ الإشباع والرضا والسرور، والحق يفضل على الباطل عندما يرتبط كلاهما بالموقف ـ أي البحث عن أيهما أنفع ـ أما إذا لم يرتبط بذلك فإن الحق يتساوى مع الباطل؛ ولأن الحقيقة ترتبط بالنتائج البراجماتية فهي نفسها في حالة تغير وتبدل وانتقال.



ولابد لنا الآن أن نتساءل


إنه حتى لو كانت المنفعة هي الهدف الوحيد فكيف يمكننا بغير الحق أن ندرك ما هي هذه المنفعة، ولكن جيمس يقلب الأمور رأسًا على عقب؛ فهو لا يبحث عن الحق كهدف أو غاية؛ لأن غاية جيمس هي التوافق مع الحالة الشعورية القائمة بالفعل، وهذا هو النفع المطلوب براجماتيًا، وكل ما يؤدي إلى هذا التوافق وهذا النفع يكون حقًا. وما دامت الحالات الشعورية في تبدل مستمر، وما دامت المنافع تتبدل وتتغير بتغير الظروف والأحوال؛ فلابد أن يكون الحق في حالة تغير وتبدل وانتقال كما يقول، فالحق ليس قائدًا يقود وإنما هو تابع يتبع.



إن خلاصة الموقف في هذه الفلسفة هو اتخاذ المنافع الأبيقورية غاية يتم تسويغها بوسائل سوفسطائية، وهكذا تمت المزاوجة بين المذهبين القديمين في تطوير جديد تعبر عنه هذه الفلسفة.


ووليم جيمس يعي جيدًا مدى ضعف نظريته منطقيًا، وأنه لا يقدم أي مفهوم حقيقي للحق أو حتى راجح الصحة، وهو كذلك لا يطالبنا بأن نعتقد ذلك.



13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04657 seconds with 10 queries