اذا ما كنت عم تفهم كتابك لا تحكي فيه
المسيحية الجميلة والمسيح الذي له كل إجلال وكل إكبار عندكم، فالقرآن يقدِّسه ويجلُّ أتباعه. ولا بأس أيضاً أن أسوق إليكم جانباً من الآيات القرآنية في هذا الشأن ففي سورة آل عمران: "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ، ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ، إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ" . ويشرح الإمام الرازي المفسِّر المسلم المشهور هذه الآية فيقول: "معنى كلمة مسيح أنه مُسح من الأوزار والآثام، ومنها أنه كان ممسوحاً بدهنٍ طاهرٍ مبارك يمسح به الأنبياء، ومنها أنه مسحه جبريل بجناحه ليكون ذلك صوناً له من نسل الشيطان"، وفي هذا المعنى يذكر البخاري فيقول: "كل ابن آدم يطعنه الشيطان في جنبه بإصبعه حين يولد إلاّ عيسى ابن مريم ذهب ليطعنه فطعن في الحجاب". وهذا معناه بوضوح أن الشيطان لما أتى ليطعن المسيح يوم ولادته ويدخل فيه سمّه قاومه ولم يستطع أن يحرز هدفه من هذا كغيره من الأنبياء جميعاً. فالجميع "زاغوا وأعوزهم مجد الله" كما يقول الوحي وحيث أن المسيح لم يخطئ فإنه يكون نوعية جديدة فريدة يختلف عن كل البشر فما هو إذاً؟ هل هو ملاك؟ لا. هل هو مجرّد إنسان؟ طبعاً لا. إذاً لابدّ أن يكون كما شهد القرآن "كَلِمَتُهُ وَرُوحٌ مِنْهُ" وهذا لقب انفرد به المسيح عن العالم كلِّه. فلو أردنا أن نستحصل للمسيح على أوراقٍ ثبوتيةٍٍ فهذا غير ممكن في أي دولة في العالم حيث أننا لا نعرف كيف نملأ خانة اسم الأب. وهذا دليل على أنه ليس له والد بين البشر وهذا ما سيتم شرحه فيما بعد. الإمام الرازي نفسه حجة الإسلام يفسِّر "وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ" تفسيراً جميلاً ولا يغيب عن فضيلتك هذا طبعاً وأنت عالمٌ كبيرٌ إذ يقول: "إن كلمة وجيهاً في الدنيا والآخرة معناها أنه مبرّأٌ من العيوب في الدنيا وفي الآخرة بسبب كثرة ثوابه وعلو درجته عند الله تعالى، وأيضاً وجيه في الدنيا بسبب أنه يُستجاب دعاؤه ويحيي الموتى ويبرئ الأعمى والأبرص بسبب دعائه، ووجيه في الآخرة بسبب أنه يجعله شفيع أمّتِه ويقبل شفاعته فيهم". هذا شيءٌ عظيمٌ لم نره عند أي شخص آخر. لقد أعجبني الملك الحسن عندما قال منذ عدة أشهر ما نُشر في جرائدنا السيّارة حيث يواجه الخميني زعيم إيران فيقول له: "لست أنت يا خميني روح الله كما تدّعي وليس غيرك من الأنبياء .. بل هو المسيح وحده دون سواه الذي قيل عنه في القرآن أنه روح الله".
|