يشير ماكدويل الى ان الكثيرين من الاشوريين والسريان الاورثودكس قد تحولوا الى الكرد بعد معايشة بعصهما البعض في بداية الفترة الاسلامية ويقول ايضا في صعوبة تعريف الثقافة العشائرية الكردية: "ان الغموض في فهم التكوين العشائري الكردي واضحة في الاصطلاحات الذي يستعمل من قبل الكرد والماخوذة من العربية والفارسية والتركية في الاشارة الى المجاميع العشائرية". (ماكدويل ص۱٣)
العشائر الكردية التي تنحدر من الاصل الارمني فكثيرة. الاكراد الجلاليين الذين ينتشرون في جنوب شرق تركيا يعتبرون احد المجاميع المستكردة، وينقسمون الى ثمانية عشائر كبيرة، فيما يلي ٦ منها: كوتانلي، صورانلي، حسنلي، كجنانلي، كابدكانلي، سينانكانلي. اعداد هائلة من الارمن في منطقة درسيم التركية اصبحوا اكرادا بعد ان اسلمو في القرن التاسع عشر. (مولينكس ص٤۹-٦٨) ويعتقد الكثيرين من الكتاب على ان اعداد كبير من العشائر الارمنية قد استكردوا بعد القرن السادس عشر. كعشيرة ماماكانلى. (ماكدويل ص۱۲)
لايخفى على الباحث عن اصل الكرد على ان لغة الكثير من القبائل التركمانية الذين سكنوا المناطق الجبلية في شمال العراق قد تحول الى الكردية. القبيلة التركمانية كرةكيج او قرةكيجلي يعتبر من القبائل التركمانية التي استكرد في التاريخ الحديث نسبيا. (فان براونسن، ماكدويل ص٢٣) يتكلم ريج في عام ١٨۲٠عن تركمان في غرب مدينة سليمانية في منطقة بازيان ويسميهم دركزينلي تركمان (جلد ١، ص٦۰) وفي الصحيفة ٤ من الجلد الثاني يقول ريج على ان هؤلاء التركمان كانوا ولازالوا يحتفظون باللغة والعادات التركمانية. (جلد ٢، ص٤)
كما يشك ماكدويل في الاصل الكردي للسلالات الحاكمة التي ظهرت في القرنين العاشر والحادي عشر: شدّاديون (۹٥۱ – ۱٠٧٥م)، مروانيون (۹٨٤ – ۱٠٨٣م) وحسن وايهيديون (۹٥۹ – ۱٠۹٥م). (ماكدويل ص۲٣) عشيرة الروّاديد يعتبر احدى العشائر العربية الكثيرة الذي استكرد مع مرور الزمن. نزحت هذه العشيرة العربية الى المنطقة الكردية في بدايات العصر العباسي (٧٥٠ ميلادية) والذين اصبحوا اكرادا في خلال ۲۰۰سنة، واسسوا امارة الرواديد.
في تحليله للاكراد الغير العشائريين، اي اهل المدن، يشكك ماكدويل مثل كثير من الاختصاصيين في الاصل الكردي لعشائر الكوران الكبيرة. ويقول على انه لاشك في ان اتركا وتركمانا بعد ان استقروا في المدن فقدوا هويتهم ارتباطاتهم الى قبائلهم واصبحوا اكرادا. (ماكدويل ص۱٧) ويعتبر ريج عشيرة زنكنة الكبيرة، الذي اصبح اللغة الكردية اليوم عندهم لغة الام ليسوا اكرادا. (ريج جلد ١، ص٢٧١)
اما الاعداد الهائلة من الذين يسمون بالشيعة المتطرفة او الغلاة: كالعلويون والبكتاشيين والشبك وحتى علي اللهية الذين يتكلمون اليوم الكردية فيُرجع معظم المؤرخين والاختصاصين اصلهم الى التركمان. (موسى، صراف، الشيبي) وعلما بان الكرد لم يرفضوا هذه المذاهب فقط بل كانوا يكرهونها. ويقول ادوارد براون في حاشية الصحيفة ٥۸، الجلد الرابع من كتابه "تاريخ الادب الفارسي": "’جميع الاكراد، يقول التاجر الايطالي انونايماوس (في القرن السادس عشر؟)، هم محمديون حقيقيون بالنسبة الى السكان الاخرين لايران، اعتنق الفرس المذهب الصفوي، بينما لم يقبل الكرد الاعتناق به: رغم انهم لبسوا الغطرة الحمراء (شعار المذهب الصفوي والعلوي) ولكنهم كانوا يحملون في قلوبهم الكره القاتل لهم". (ادوارد براون ص٥۸ الجلد الرابع) ونجد نفس التعريف عند السفير الايطالي في تبريز، باربارو، الى دولة اق قويونلو في القرن الخامس عشر. (باربارو وكونتريني ص۱٥٠)
اقليم كردستان
يقول له سترنجة في الصحيفة ١٩۲ من كتابه "الاراضي في شرق عصر الخلافات" مشيرا الى المستوفي: "فيما يتعلق باصل مقاطعة كردستان، انه يقال على ان في وسط القرن السادس للهجرة (الثاني عشر الميلادي) قسم السلطان السلجوقي سنجر مقاطعة الجبال الى قسمين واعطى للقسم الغربي، وبالتحديد المناطق الخاضعة لكرمنشاه، اسم كردستان وعين ابن اخيه سليمان شاه والملقب ب (ابوه) حاكما عليها". (له سترنجة ص١٩٢)
والجدير بالذكر ان نفوس التركمان لم يكن اقل بكثير من بدو الفرس (الكرد) في مقاطعة الجبال. يقول ب. م. هولت، استاذ التاريخ العربي في جامعة لندن، في الصحيفة ۳۳٨، القسم الاول من كتابه "تاريخ كامبرج للاسلام": "الدويلات الاقليمية ورؤساء العشائر، وبالاخص بدو الكرد والتركمان اللذين كانوا يكونون الاغلبية من نفوس عراق العجم". (هولت ص۳۳٨) عراق العجم مصطلح مرادف لمقاطعة الجبال او الميديا الايرانية.
وحدد سليمان شاه مدينة بهار العاصمة للمقاطعة. اما اولجاي سلطان المغولي فبنى العاصمة الثانية للاقليم وسماها جمجمال. وهذا دليل اخر على ان جمجمال العراق وجدت من قبل الاتون من الايران وبعد العصر المغولي (له سترنجة ص١٩۳)، وعلى الاغلب تعتبر كلمة جمجمال كلمة مغولية. ومن ثم حكم المقاطعة التركمان الاتابكيين (زنكيين).
كان شمال العراق انذاك يخضع الى اقليمين: المناطق الجبلية الشرقية الى اقليم ‘اتروباتينه’ (اذربيجان) والغربية السهلية الى اقليم الجزيرة. (صورة ۱،۲)
اما تسمية الاراضي العراقية بكردستان فيرجع الى القرن السابع عشر وبدأها رجال الامبراطورية البريطانية في المحاولة لتجزئة الامبراطورية العثمانية. ويعتبرالمقيم البريطاني في بغداد كلاوديوس جيمس ريج من اوئل الذين زاروا شمال العراق واطلق مصطلح كردستان لارض عراقية وعين حدوده في كتابه "قصة الاقامة في كردستان وفي خرائب نينوى القديمة - ۱٨۲۰". وكان قد سبقه السياسي والكابتن البريطاني جون ماكدونالد كينر وصاحب كتاب "رحلة في اسيا الصغرى وارمينية وكردستان" في عام ۱۸۱۸.
ويحدد ريج في الكتاب المذكور، القسم الاول، الصحيفة ۲٧۳ بدقة حدود ماسماه بكردستان في العراق ويقول: "حصلت من عمر اغا (احد اشراف الكرد انذاك في السليمانية)، القائمة الموجودة في الحاشية، جميع مقاطعات هذا القسم من كردستان، الذي يبدأ من حدود بغداد".
تبدا القائمة بالاشارة الى موقع مدينة كفري بالنسبة للكردستان المزعوم ويحدد المسافة بينهما باربعة ساعات. كما ان بكينكهام الذي مر من الموصل الى بغداد في عام ۱٨۲٧ يصف كفري ويقول: "لغة ومظهر وطبيعة اهل كفري في الاغلب تركية. (ص۳٤۸) ويصف المدن الواقعة على خط سيره من الموصل الى بغداد بهيمنة ساحقة للطابع التركي واللغة التركية، والاراضي الواقعة بين هذه المدن خالية كليا من الاستيطان. (ص۳٤۹) ويحدد بكينكهام الذي زار كركوك بُعد المدينة من المناطق الكردية باربعة ايام. (ص۳۳۸) يقول الرحالة الاسكتلندي جمس بايلي فراسر عنما يدخل الى كفري من الشرق في عام ١٨۳٤: "التغير في الزي وسيماء الاهالي يثبت الحقيقة القائلة على اننا الان نتواجد في مناطق تركية". وعند (فراسر ص١۹٤) "الخدم كانوا اتراكا، وكل شئ حولنا يدل على التغير في الارض والاهالي". (فراسر ص١۹٥)
والتواجد الكردي في هذه المناطق، الموصوفة باراضي خالية من السكان، يرجع الى القرن الثامن عشر ويبدأ باسكان العثمانيين كل من العشريتين الكرديتين الطالبانية والداوودة في شمال خانقين واطراف داقوق، على التوالي. ويقول ادموندس في كتابه "اكراد، اتراك وعرب": "تعتبر الطالبانية من احد افخاذ العشيرة البرزنجية والتي ظهرت كعشيرة كردية في اوائل القرن الثامن عشر بعد نزوح ملا محمود البرزنجي الى قرية طالبان التي هي على بعد بضعة عشرات من الكيلومترات الى جنوب غرب السليمانية. اما الشقيق الاخر لملا محمود المدعو عارف فمنحت عدة قرى من قبل العثمانيين في شمالي قضاء خانقين. (ادموندس ص۲٧۱) اما تاريخ نزوح الطلبانيين الى كركوك يُرجع الى بدايات القرن التاسع عشر.
اما ظهورعشيرة الداوودة في كركوك فيرجع الى فرمان اصدره العثمانيين وتم بموجبه تمليك قرى أفتخار لأغوات الكرد من الداوودين وفي القرن التاسع عشر وبعد ذلك نزح الكثيرين منهم الى اطراف المدينة وسكنوا في حي الشورجة (توفيق التونجي، لا تلعن الظلام أشعل شمعة) والتي كانت قد ظهرت في خمسينيات القرن العشرين.
رغم ان ريج يصف منطقة قرة حسن (يحدها كركوك من الشرق، ليلان من الجنوب، جمجمال من الشرق وشوان من الشمال) في الصحيفة ٤٨ غير كردية ويقول: "قرة حسن تمتد على طول ٦ ساعات تستثمر سنويا ٨٥ الف بيياستر (عملة نقدية). الحرب الاخيرة والهجمات الكردية المستمرة اخلت هذه المنطقة من سكانها ودمرت الزراعة الى حد كبير". وفي الصحيفة ٥۱ يشير اليها كمنطقة خارج الاقليم المذكور. الا ان في قائمة عمر اغا تعتبر تارة ملحقة بولاية بغداد وتارة اخرى بولاية ماسماه ريج بكردستان. بعد اجتيازه منطقة قرة حسن يشير ريج الى منطقة دربند (دربنديخان؟) في جنوب شرق جمجمال ويعتبره المنفذ الى ماسماه بكردستان. (ريج ص٥٨)
وبعد عبور طاسلوجة والسير باتجاه الجنوب الغربي يدخل ريج الى منطقة دركازيان ويصف اهالي جميع القرى الموجودة في هذه المنطقة على انهم من اصل تركماني ولازالوا يحتفظون بلغتهم ومظهرهم ويختلفون وبشكل واضح من الفلاحين الكرد. (ريج جلد ۲ص٤) ويعتبر ريج عشيرة زنكنة الكبيرة والتي ينتشرون اليوم في المناطق الواقعة على شرق الخط الواصل بين كركوك وخانقين من الاصل التركماني ومن الناحية الدينية ينتمون الى المذاهب الشيعية المتطرفة كالكاكائية واليزيدية المشتقة من المذاهب الصفوية.