عرض مشاركة واحدة
قديم 04/07/2006   #110
صبيّة و ست الصبايا flonna
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ flonna
flonna is offline
 
نورنا ب:
Feb 2006
مشاركات:
31

افتراضي العطاء


ثم قال له رجل غني : هات حدثنا عن العطاء.
فأجاب قائلا: أنك اذا اعطيت فإنما تعطي القليل من ثروتك.
ولكن لا قيمة لما تعطيه ما لم يكن جزءاً من ذاتك، لأنه اي شيء هي ثروتك؟
أليست مادة فانية تخزنها في خزانتك، وتحافظ عليها جهدك خوفاً من ان تحتاج اليها غداًَ؟؟
والغد، ماذا يستطيع الغد ان يقدم للكلب البالغ الفطنة الذي يطمر العظام في الرمال غير المطروقة وهو يتبع الحجاج الى المدينة المقدسة؟
أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟
او ليس الظمأ الشديد للماء عندما تكون بئر الظامئ ملآنة هو العطش الذي لا تروى غلته.
***
من الناس من يعطون قليلا من الكثير الذي عندهم وهم يعطونه لأجل الشهرة، ورغبتهم الخفية في الشهرة الباطلة تضيع الفائدة من عطاياهم.
ومنهم من يملكون قليلا ويعطونه بأسره.
ومنهم المؤمنون بالحياة وبسخاء الحياة، هؤلاء لا تفرغ صناديقهم وخزائنهم ممتلئة ابداً.
ومن الناس من يعطون بفرح، وفرحهم مكافأة لهم.
ومنهم من يعطون بألم، وألمهم معمودية لهم.
وهنالك الذين يعطون ولا يعرفون معنى للألم في عطائهم، ولا يتطلبون فرحاً، ولا يرغبون في اذاعة فضائلهم، هؤلاء يعطون مما عندهم كما يعطي الريحان عبيره العطر في ذلك الوادي.
بمثل ايدي هؤلاء يتكلم الله، ومن خلال عيونهم يبتسم على الارض.
جميل ان تعطي من يسألك ما هو في حاجة اليه.
ولكن اجمل من ذلك ان تعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته، فإن من يفتح يديه وقلبه للعطاء يكون فرحه بسعيه الى من يتقبل عطاياه والاهتداء اليه اعظم منه بالعطاء نفسه.
وهل في ثروتك شيء تقدر ان تستبقيه لنفسك؟
فإن كل ما تملكه سيتفرق ولا شك يوماً ما، لذلك أعط منه الآن، ليكون فصل العطاء من فصول حياتك أنت دون ورثتك.
وقد طالما سمعتك تقول متبجحاً: "انني احب ان اعطي، ولكن المستحقين فقط"
فهل نسيت، يا صاح، ان الاشجار في بستانك لا تقول ذلك، ومثلها القطعان في مراعيك؟
فهي تعطي لكي تحيا، لأنها اذا لم تعط عرّضت حياتها للتهلكة.
الحق اقول لك: ان الرجل الذي استحق ان يتقبل عطية الحياة ويتمتع بأيامه ولياليه، هو مستحق لكل شيء منك.
والذي استحق ان يشرب من اوقيانوس الحياة يستحق ان يملأ كأسه من جدولك الصغير.
لأنه اي صحراء اعظم من الصحراء ذات الجرأة والجسارة على قبول العطية بما فيها من الفضل والمنّة؟
وأنت، من أنت، حتى ان الناس يجب ان يمزقوا صدورهم ويحسروا القناع عن شهامتهم وعزة نفوسهم لكي ترى جدارتهم لعطائك عارية وأنفتهم مجردة عن الحياء؟
فانظر اولا هل انت جدير بأن تكون معطاء، وآلة العطاء.
لأن الحياة هي التي تعطي للحياة، في حين أنك، وأنت الفخور بأن قد صدر العطاء منك، لست بالحيقية سوى شاهد بسيط على عطائك.
***
اما انتم الذين يتناولون العطاء والاحسان - وكلكم منهم - فلا تتظاهرون بثقل واجب معرفة الجميل،لئلا تضعوا بأيديكم نيراً ثقيل الحمل على رقابكم ورقاب الذين اعطوكم.
بل فلتكن عطايا المعطي اجنحة ترتفعون بها معه:
لأنكم اذا اكثرتم من الشعور بما انتم عليه من الدين، فإنكم بذلك تظهرون الشك والريبه في اريحية المحسن الذي أمه الارض السخية، وأبوه الرب الكريم.

يتبع....

من السهل ان تعرف كيف تتحرر ولكن من الصعب ان تكون حراً
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02767 seconds with 10 queries