[الحق احق ان يتبع]

ياعيسى ابن مريم إني متوفيك ورافعك إلي.


والله لو كنت تعرف معنى هذا، لم تقل الذي قلته.

معنى ياعيسى " إني متوفيك " إي قابضك ــ كما تقول قبض فلان ثمن السلعة ــ، وليس معناها الوفاة التي هي الإماتة، بل عيسى لا يزال حي حتى ينزل عند خروج الدجال فيقتله عيسى عليه السلام، ولكنه سوف يموت كما يموت البشر، لأن الله قال حكاية عنه: " والسلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "، وقال جل ذكره: " كل نفس ذائقة الموت "، وبذلك يكون المعنى قبضه الله ورفعه إليه.

وأما قوله جله وعلا " ومطهرك من الذين كفروا ".
نعم وقع هذا، فإن عيسى عليه السلام لما رفعه الله إلى السماء، تفرق أصحابه شيعاً بعده، فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله، وآخرون قالوا: هو الله، وآخرون قالوا: هو ثالث ثلاثة.

وأما قوله تعالى " وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ".
نعم وأنا أشهد على هذا، بأن الذين ابتعوا المسيح عليه السلام على أنه رسول من عند الله فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.

ثم اذا كنت تحتج علي بالقرآن فالقرآن ذكر آيات كثيرة تدل على ضلال النصارى وابتداعهم في الدين، أنهم شرعوا شرائع ما أنزل الله بها من سلطان، فمن ذلك قوله جل وعلا: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
وقال تعالى: " قل " أي يامحمد أخبر الناس " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ".
وقال تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام: "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد . فلما جاءهم بالبينات " أي جاء هذا النبي ولم يأتي غير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ويوم القيامة يقول الله تعالى لعيسى ابن مريم: " ياعيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ماليس لي بحق ".


والآيات في هذا كثيرة ولا تنحصل في هذا المقال، فارجعل إليها في كتاب الله فوالله إنه لحق وفيه شفاء لما في الصدور.