مونديال الأقوياء في ألمانيا
رغم أنها تغيرت كثيرا عما كانت عليه في السابق، إلا أنها حافظت على قاعدة البقاء للأقوى. وتبين منذ المباراة الافتتاحية للمونديال، التي جمعت الجمعة الماضي بين ألمانيا وكوستاريكا، أن كرة القدم بقدر ما تحولت في تكتيكاتيها وطرق أدائها، ما زالت هي نفسها يكسب فيها الأقوياء الضعفاء. كما لو أنها صورة أخرى للحياة اليوم. بل الحياة غالبا.ففي السابق كانت اللعبة الأكثر شعبية في العالم تلعب بهدوء، وبوتيرة بطيئة جدا. واللاعب الأكثر سرعة في الملعب هو الذي يجذب انتباه الجمهور، ويكون الأقدر على تغيير النتيجة في أي وقت. في حين يساعده الآخرون بلياقتهم وحضورهم فقط.
ولم يكن ذلك يعني أنها تدين لأي كان. فالتاريخ يشهد أنها دانت فقط لمن ظل يعرف كيف يستثمر الميدان بذكاء. لأولئك الذين شكلت النتيجة همهم الأول والأخير. ولم يكثرتوا بإهداء الجماهير فرجة أو متعة جاء لأجلها. العمليون. أو الواقعيون.
ثم إذا بها تتغير في طرائق إعداد اللاعبين وتهييئهم للعب وفي خضمه، من دون أن تغير شيئا من قاعدتها الذهبية الأولى التي تقضي بأن النتيجة هي الأهم. ليحتفظ الدهاة، أو الأقوى، بصدارتهم لمنافساتها، وفي مقدمتها كأس العالم.
فلوحظ أن أداءها صار أسرع من ذي قبل. وأن اللاعبين لم يعد لديهم فواصل زمنية كبيرة بين التفكير والتقدير والتدبير. بل صاروا يفعلون ذلك في حركة واحدة. وأن الرابح صار من يفلح في خنق المنافس، واستغلال هفواته المرتكبة تحت الضغط.
أي أنها سايرت الحياة. فصارت أسرع ووقتها أغلى. من يضيع منه شيئا يضيع في النهاية.طبعا كانت هناك استثناءات في كرة القدم، وفي المونديال تحديدا.
ولا حياة بدون استثناء. لأنه يؤكد القاعدة فقط.
ولعل أهم استثناءاتها هو البرازيل. فهذا المنتخب، الذي حضر جميع نهائيات كأس العالم منذ البداية وإلى اليوم، استطاع أن يمزج بين الفرجة والنتيجة. وحافظ على علاقة خاصة جدا مع الجمهور، جعلت منه معشوقا يكن له الناس حبا لا يناله غيره. حتى اعتبره البعض، بل الأغلب، هو عريس المونديال.
ومع ذلك، فقد مر هذا المنتخب من محنة كبيرة لها صلة شديدة الوثوق بمبدأ البقاء للأقوى. إذ أنه فقد الكثير من الألقاب الوشيكة بسبب رغبته في الأداء الحسن. وكاد ينسلخ عن جلده وهو يسعى إلى الانسجام مع الطرائق الجديدة في كرة القدم. ووجد في مدربه السابق زاغالو منقذا وضعه في السكة الصحيحة سنة 1994 في مونديال أمريكا، عندما زاوج بين البراغماتية والفرجة.
البرازيل، أو الاستثناء، مرشح فوق العادة للفوز بكأس العالم اليوم. ولكن ليس منفردا. بل رفقة منتخبات ألمانيا وإيطاليا والأرجنتين وفرنسا وإنجلترا.
وهذا دليل آخر على أنه يشكل الاستثناء. وأن القاعدة تقتضي أن الأقوياء فقط من يفوزون. أما الآخرون فيشكلون ما تبقى من الصورة لكي يكون للمونديال ولكرة القدم معنى يفهمه الناس، وينتهي الأمر بمنتصر ومنهزم.
ما الذي سيحدث في ما بعد في كرة القدم؟
تصعب الإجابة على هذا السؤال. لأن اللعبة التي بدأت بطيئة انفلتت من أيدي من صنعوها. صارت هي من يصنع الحدث والتاريخ. وأصبحوا يمضون خلفها لاهثين. يجمعون الأموال، دون أن يدري أي منهم أين تسير به الكرة.
ربما اكتشف الضعفاء سر اللعبة.
آنذاك سيأتون إلى المونديال وعيونهم على الكأس، وليس على الكرة فقط. غير مدهوشين ولا قلقين، حد أنهم يفقدون لياقتهم في منتصف الطريق ويعودون إلى بلدانهم فرحين بالمشاركة.
ولكن لا شك أن الأقوياء سيكونون قد غيروا أشياء أخرى كثيرة ليحافظوا على بقائهم في الصدارة. فهم لن يقبلوا مها حدث أن يشاركهم الأقل قوة عرش الكرة.
انسان بلا حدود
CHEGUEVARA
انني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا ، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.
EYE IN EYE MAKE THE WORLD EVIL
"أما أنا فقد تعلمت أن أنسى كثيرًا، وأطلب العفو كثيرًا"
الأنسان والأنسانية
|