فصل في بطلان قول من يقول إنها تتحرك من المغرب إلى المشرق
وقد ظن كثير من الناظرين في علم النجوم، ممن ليس له رياضةٌ بالنظر في علم الهندسة والطبيعيات، إن هذه الكواكب السيّارة تتحرّك من المشرق إلى المغرب مُخالفةً لدوران الفلك المحيط، وليس الأمر كما ظنوا وتوهموا، لأنه لوكان كما ظنوا لكان سبيلُها أن تطلع من المغرب وتغيب بالمشرق، كما أن الفلك المحيط تطلع درجاته من المشرق وتغيب في المغرب. وقد شهدوا دورانها في فلك البروج مُخالفاً لدوران الفلك، فسمَّوها حركةً من المشرق إلى المغرب، وشبّهوها بحركات نملاتٍ تتحرّك على وجه الرّحى مستقلّةً بحركتها، مُعاندةً مُخالفةً لها في حركاتها، والرحى بسرعة حركاتها تردّ تلك النملات إلى دورانها. فلوكان كما قالوا حقيقةً، لكانت حركتها سبعةٌ فقط، لأنها سبعة كواكب، والأمر بخلاف ذلك، لأن أصحات سيّارة الرّصد ذكروا أنها خمسٌ وأربعون حركةً، كما سنبيّن بعد، وقالوا إن القمر أسرع الكواكب حركةً. فلو كان كما ذكروا لدار حول الأرض في أقلّ من أربع وعشرين ساعة، وقد بيّنا أنه يدور في أكثر من ذلك. ولوكانت حركاتها بالقصد مُعاندةً لحركات الفلك المحيط لوجب أن تكون طِباعها مُخالفةً لطباع الفلك، مُضادّةً لها، وكان يجب أن يكون لها خمسٌ وأربعون طبيعة لأنها خمس وأربعون حركة، وليس الأمر كما ظنوا وتوهموا، بل طبيعة الأفلاك والكواكب كلِّها طبيعةٌ واحدة في الحركة الدّوريّة، وقصدُها قصدٌ واحد، وإنما اختلفت حركاتُها في السرعة والإبطاء من أجل أنها في الأفلاك مُحرِّكاتٌ، كما بيّنا قبلُ. زمن أجل اختلاف حركاتها في السرعة والإبطاء اختلفت أزمان أدوارها حول الأرض، ومن أجل اختلافها حول الأرض اختلفت أدوارها في فلك البروج كما بيّنا، وأما مثل اختلاف دورانها حول الأرض فكدوران الطائفين حول البيت الحرام.
فصل في أن مثال دورانها حول الأرض كدوران الطائفين حول البيت الحرام
وذلك أن مثل البيت وسط المسجد الحرام، والمسجد وسط الحرم، والحرم وسط الحجاز، والحجاز وسط بلدان الإسلام، كمثل الأرض وسط كرة الهواء، وكرة الهواء في وسط كرة القمر، وفلك القمر في وسط الأفلاك؛ ومثل المصلّين من الآفاق المتوجّهين نحوالبيت كمثل الكواكب في الأفلاك ومطارح شُعاعاتها نحومركز الأرض. ومثل دوران الأفلاك بكواكبها حول الأرض كمثل دوران الطائفين حول البيت، ومثل اختلاف أدوارها حول الأرض كمثل اختلاف أشواط الطائفين حول البيت، وذلك أنّا نرى الطائفين حول البيت منهم من يمشي الهُوَينا، ومنهم من يستعجل، ومنهم من يستعجل، ومنهم من يُهروِل، ومنهم من يسعى، فتختلف بحسب ذلك أشواطهم، وكلُّهم متوجهون في طوافهم نحواً واحداً وقصداً واحداً. ولكن إذا بلغ الماشي الركْن العراقيّ، فقد بلغ المستعجل الرُّكن الشاميّ، والمهرول الركن اليمانيّ، والساعي الحجر الأسود. فبهذا السبب، إذا طاف الماشي شوطاً واحداً، فقد طاف الساعي أشواطاً، فهؤلاء الطائفون، وإن اختلفت أشواطهم من أجل سرعة حركاتهم وإبطائها، فليس قصدُهم إلاّ قصدٌ واحدٌ إلى جهة واحدة، فهكذا حكم الأفلاك وكواكبها في دورانها حول الأرض. وكما أن الطائفين حول البيت يبتدئون من عند باب البيت، ويجتمعون عنده سبعة أشواطٍ يدورونها حول البيت، فهكذا يقال إن الكواكب كلّها ابتدأت تحركاتها من مُوازاة أول دقيقة من برج الحمل الذي كأنه باب الفلك، ثم دارت حول الأرض، ثم اختلفت موازاتها بعد ذلك في درجات البروج، بحسب سرعتها وإبطائها كما قيل. وإذا اجتمعت هذه كلّها بعد دوراتٍ كثيرةٍ في مُوازاة تلك الدقيقة التي ابتدأت منها، قامت القًومة الكُبرى واستأنفت الدّور.
فصل في مثال أدوارها واعلم يا أخي أن حكماء الهند ضربوا مثلاً لدوران الكواكب حول الأرض، ليَقرُبَ على المتعلمين فَهمُه، ويسهلَ على المتأملين تصوُّره: ذكروا أن ملكاً من الملوك بنى مدينةً دورُها ستون فرسخاً، وأرسل سبعة نفرٍ يدورون حولها بسير مختلف: أحدهم كلّ يوم فرسخاً، والآخر كلّ يوم فرسخين، والثالث كلّ يوم ثلاثة فراسخ، والرابع كلّ يوم أربعة فراسخ، والخامس كلّ يوم خمسة فراسخ، والسادس كلّ يوم ستة فراسخ، والسابع كلّ يوم سبعة فراسخ. فقال: دوروا حول هذه المدينة، وليكن ابتداؤكم من عند الباب، فاذا اجتمعتم عند الباب بعدد دَوراتكم، فتعالوا فعرّفوني كمْ دار كلّ واحدٍ منكم.
فمن فهم حساب دوران هؤلاء النفر حول تلك المدينة وتصوَّره، يمكنه أن يفهم دوران هذه الكواكب حول الأرض، بعد كمْ دورةٍ يجتمعون في أول برج الحمل، كما كان ابتداؤهم. فأما حساب أوُلئك النفر فإنهم بعد ستين يوماً يجتمع ستة نفر عند باب المدينة، وقد دار واحدٌ منهم دورةً، والآخر دورتين، والثالث ثلاث دورات، والرابع أربعة دورات، والخامس خمس دورات، والسادس ستّ دورات. فأما الذي يدور كلّ يوم سبعةً فقد دار ثمانية أدوار وزاد أربعة أسباع فرسخ دورٍ، فيحتاج هؤلاء النفر أن يستأنفوا الدور، فبعد مائة وعشرين يوماً يجتمعون مرةً أُخرى، ولكن السابع قد دار سبع عشرة مرةً وزاد فرسخاً واحداً، فيحتاجون أن يستأنفوا الدور؛ فبعد مئة وثمانين يوماً يجتمع الستة مرة ثانية، وقد دار كلّ واحد حسابه الأول مرة ثالثةً، ولكن صاحب السبع قد دار خمساً وعشرين دورة، وزاد خمسة أسباعٍ، فيحتاجون أن يستأنفوا الدور؛ فبعد مئتين وأربعين يوماً يجتمعون مرة رابعة وقد دار كلّ واحد منهم حسابه الأول، ولكنّ صاحب السبعة قد دار أربعاً وثلاثين دورةً وزاد سبعين، فيحتاجون أن يستأنفوا الدور؛ فبعد ثلاثمائة يوم يجتمعون مرةً خامسة، وقد دار كلّ واحد منهم حسابه الأول مرةً خامسة، ولكن صاحب السبعة قد دار اثنتين وأربعين دورةً، وزاد ستة أسباع فيحتاجون أن يستأنفوا الدور؛ فبعد ثلثمائة وستين يوماً يجتمعون مرة سادسة، وقد دار كل واحد منهم لحسابه الأول مرة سادسة، ولكنّ صاحب السبعة دار إحدى وخمسين دورة، وزاد ثلاثة فراسخ، فيحتاجون أن يستأنفوا الدور، فبعد أربعمائة وعشرين يوماً يجتمعون كلّهم عند باب المدينة، وقد دار الأول سبعة أدوار، والثاني أربع عشرة دورة، والثالث إحدى وعشرين دورة، والرابع ثمانياً وعشرين دورة، والخامس خمساً وثلاثين دورة، والسادس اثنتين وأربعين دورة، والسابع قد دار ستين دورة.
فهذا مثلٌ ضربه حكماء الهند لدوران الأفلاك والكواكب حول الأرض، وذلك أن مثل الأرض كمثل تلك المدينة المبنيّة التي دَورُها ستون فرسخاً، ومثل الكواكب السبعة السيّارة ودورانِها حول الأرض كمثل أوُلئك النفر السبعة، واختلاف حركاتها في السرعة والإبطاء كاختلاف سير أُولئك النفر؛ والملك هوالله البارئ المصوِّر، تبارك ربُّ العالمين.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|