فصل في أن
الإنسان إذا ارتقى نفساً صار ملكاً
وأعلم يا أخي أن الإنسان إذا سلك في مذهب نفسه، وتصرف في أحوالها، مثل ما سلك به في خلق جسده وصورة بدنه، فإنه سيبلغ أقصى نهاية الإنسانية مما يلي رتبة الملائكة، ويقرب من باريه- عز وجل- ويجازى بأحسن الجزاء، مما يقصر الوصف عنه، كما وصف الله- عز وجل - فقال:" فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون". وأما ما سلك به في خلقه فهو أنه ابتدئ من نطفة من ماء مهين، ثم كان علقة؛ جامدة في قرار مكين، ثم كان مضغة؛ ثم كان جنيناً مصوراً تاماً، ثم كان طفلاً متحركاً حساساً، ثم كان صبياً ذكياً فهماً، ثم كان شاباً متصرفاً قوياً نشيطاً، ثم كان كهلاً مجرباً عالماً عارفاً، ثم كان شيخاً حكيماً فيلسوفاً ربانياً، ثم بعد الموت تكون نفسه ملكاً سماوياً روحانياً أبدي الوجود، ملتذاً مسروراً فرحاً باقياً سرمداً أبداً.
وأعلم يا أخي بأنك لم تنقل رتبة من هذه المراتب إلا وقد خلع عنك أعراض وأوصاف ناقصة، وألبست ما هو أجود منها وأشرف، فهكذا ينبغي أن لا ترتقي في درجة العلوم والمعارف، إلا وتخلع عن نفسك أخلاقاً وعادات وآراء ومذاهب وأعمالاً، مما كنت معتاداً لها منذ الصبى من غير بصيرة ولا روية، حتى يمكنك أن تفارق الصورة الإنسانية، وتلبس الصورة الملكية، ويمكنك الصعود إلى ملكوت السموات وسعة عالم الأفلاك، وتجازى هناك بأحسن الجزاء وأوفر الثواب، وتعيش بألذ عيش مع أبناء جنسك الذين سبقوك إليها من الحكماء والأخيار المؤمنين الأبرار، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
وأعلم يا أخي بأن الإنسان مطبوع على استعمال القياس منذ الصبى، كما هو مجبول على استعمال الحواس بلا فكر ولا روية كما بينا قبل، ولكن قوانين القياسات مختلفة، كما قد تبين في كتب المنطق وشرائط الجدل بشرح طويل، ولكن نذكر منها طرفاً ليكون مثالاً على سائرها. فمن ذلك أن الصبيان يجعلون قوانين القياسات مختلفة، كما يجعلون قياساتهم أحوال أنفسهم وآبائهم وإخوانهم، وتصرفهم في الأمور، وما يجدون في منازلهم من الأشياء، أصولاً على سائر أحوال الصبيان وتصرف آبائهم، وما يكون في منازلهم، وإن لم يروهم ولم يشاهدوا أحوالهم، قياساً على ما عرفوا من أحوال أنفسهم. وأما العقلاء البالغون من الناس فإنهم جعلون قوانين قياساتهم ما عرفوه من الأمور، في متصرفاتهم وما قد جربوه من الأحوال، أصولاً يقيسون بها سائر الأشياء مما لم يشاهدوه ولا جربوه، بل قياساً إلى ما عرفوه حسب. وأما العلماء الذين يتعاطون الجدل ودقيق النظر، فإنهم يجعلون قوانين قياساتهم ما قد اتفقوا عليه هم وخصماؤهم، أصولاً ومقدمات يقيسون عليها ما هم فيه مختلفون، سواء كان ما اتفقوا عليه حقاً أوباطلاً، صواباً أوخطأً، وأما المرتاضون بالبراهين الهندسية أوالمنطقية فإنهم يجعلون قوانين قياساتهم الأشياء، التي هي في أوائل العقول، أصولاً ومقدمات، ويستخرجون من نتائجها معلومات أخرى ليست بمحسوسات ولا معلومات بأوائل العقول، بل مكتسبة بالبراهين الضرورية، ثم يجعلون تلك المعلومات المكتسبة مقدمات وقياسات، ويستخرجون من نتائجها معلومات أخرى هي ألطف وأدق مما قبلها؛ وهكذا يفعلون دائماً طول أعمارهم. ولوعاش الإنسان عمر الدنيا لكان له في تلك متسع.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|