عرض مشاركة واحدة
قديم 10/06/2006   #150
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل في أوائل العقول وأوائل المعلومات

وأعلم يا أخي بأن هذه الأشياء وأمثالها تسمى أوائل في العقول، لأن كل العقلاء يعلمونها، ولا يختلفون فيها إذا تأملوها وأنعموا النظر فيها؛ وإنما اختلافاتهم تكون في الأشياء التي تعلم بطريق الاستدلال والمقاييس، وسبب اختلافهم فيها كثرة الطرق وفنون المقاييس وكيفية استعمالها، وشرح ذلك طويل قد ذكر في كتب المنطق وكتب الجدل، ونريد أن نبين كيف تحصل حقائق هذه المعلومات في أنفس العقلاء.
وأعلم يا أخي بأن هذه المعلومات التي تسمى أوائل في العقول إنما يحصل في نفوس العقلاء باستقراء الأمور المحسوسة شيئاً بعد شيء، وتصفحها جزءاً بعد جزء، وتأملها شخصاً بعد شخص، فإذا وجدوا منها أشخاصاً كثيرة تشملها صفة واحدة حصل في نفوسهم بهذا الاعتبار أن كل كما كان من جنس ذلك الشخص ومن جنس ذلك الجزء هذا حكمه، وإن لم يكونوا يشاهدون جميع أجزاء ذلك الجنس، وأشخاص ذلك النوع. مثال ذلك أن الصبي إذا ترعرع واستوى وأخذ يتأمل أشخاص الحيوانات واحداً بعد واحد، فيجدها كلها تحس وتتحرك، فيعلم عند ذلك أن كل ما كان من جنسها هذا حكمه. وهكذا إذا تأمل كل جزء من الماء أي جزء كان، فوجده رطباً سيالاً؛ وكل جزء من النار، فوجده حاراً محرقاً؛ وكل جزء من الأحجار، فوجده صلباً يابساً؛ علم عند ذلك أن كل ما كان من ذلك الجنس فهذا حكمه. فبمثل هذا الاعتبار تحصل المعلومات في أوائل العقول بطريق الحواس.
وأعلم يا أخي بأن مراتب العقلاء في مثل هذه الأشياء التي تحصل في النفوس بطريق الحواس متفاوتة في الدرجات، وذلك أن كل من كان منهم أنعم نظراً وأحسن تأملاً وأجود تفكراً وألطف روية وأكثر اعتباراً، كانت الأشياء التي تعلم ببدائه العقول في نفوسهم أكثر مما في نفوس من يكون طول عمره ساهياً لاهياً مشغولاً بالأكل والشرب واللهوواللذات والأمور الجسمانية.
وأعلم يا أخي بأن أكثر ما يدخل الخطأ على المتأملين في حقائق الأشياء المحسوسة، إذا حكموا على حقيقتها بحاسة واحدة. مثال ذلك من يرى السراب ويتأمله، فيظن أنه غدران وأنهار. وإنما دخل الخطأ عليه لأنه حكم على حقيقتة بحاسة واحدة، وليس كل الأشياء تعرف حقائقها بحاسة واحدة، ذلك أن بحاسة البصر لا يدرك إلا الألوان والأشكال، وحقيقة الماء لا تعرف باللون واللمس والشكل، بل بالذوق، وذلك أن كثيراً من الأجساد السيالة تشبه لون الماء مثل الخل المصعد؛ والنفط الأبيض وما شاكلها.
وأعلم بأن لكل جنس من المحسوسات حاسة تعرف بها حقيقة ذلك الجنس، والأجسام السيالة يعرف فرق ما بينها وبين غيرها باللمس، وبعضها يعرف الفرق بينها بالذوق، وألوانها تعرف بالبصر، فلا ينبغي للمتأمل أن يحكم على حقيقة شيء من المحسوسات إلا بتلك الحاسة المختصة بمعرفة حقيقة ذلك الجنس من المحسوسات، كما بينا في رسالة الحاس والمحسوس. ونرجع الآن إلى ما كنا فيه فنقول:
وأما قوله: ينبغي أن يوضع في القياس البرهاني أولاً شيء معلوم: هل هو، وما هو، ليعلم به شيء آخر، كما يفعل المهندس فيضع خط اثم يعمل عليه مثلثاً متساوي الأضلاع، أويقسمه بقسمين، أويقيم عليه خطاً آخر، أويعلم عليه زاوية، وما شاكل ذلك مما قد ذكر في كتاب أقليدس وغيره من كتب الهندسة. والمعلوم: هل هو، وما هو، خط اوالمطلوب المجهول، ليعلم أويعمل، هوالمثلث. فهكذا ينبغي أيضاً أن يعمل في القياس البرهاني أن تؤخذ أولاً أشياء مما هي معلومة في أوائل العقول، ويركب التأليف ضرباً من التركيب، ثم يطلب بها أشياء مجهولة، ليس تعلم بأوائل العقول، ولا تدرك بالحواس. وأما قوله: ولا ينبغي في البرهان أن يكون الشيء علة لنفسه، فهذا بين في أوائل العقول، أي أن الشيء المعلول لا يكون علة نفسه، ولكن من أجل أن كثيراً ممن يتعاطى البرهان ربما جعل المعلول علة لنفسه، وهولا يشعر لطول الخطاب.
مثال ذلك من يتعاطى علم الطبيعيات، إذا سئل: ما علة كثرة الأمطار في بعض السنين، فيقول: كثرة الغيوم. فإن سئل: ما علة كثرة الغيوم، فيقول: كثرة البخارات المتصاعدة من البحار والآجام في الهواء. فإن سئل: ما علة كثرة البخارات المتصاعدة، فيقول أويظن: كثرة المدود وانصباب مياه الأنهار والأودية والسيول إلى البحار. فإن سئل: ما علة كثرة المياه والمدود والسيول إلى البحار، فيقول: كثرة الأمطار. فعلى هذا القياس يلزمه أن علة كثرة الأمطار هي كثرة الأمطار، فمن أجل هذا يحتاج صاحب البرهان أن يقول: إحدى العلل كيت وكيت، والثانية والثالثة والرابعة، ليسلم من الاعتراض، إذ قد تكون الغيوم كثيرة، والأمطار قليلة، لأن لكل شيء معلول أربع علل كما بينا في رسالة العلل والمعلولات.
فصل في أن المعلول لا يوجد قبل العلة وقوله: أن لا يكون المعلول قبل العلة، فهذا أيضاً بين في أوائل العقول، لأن المعلول لا يكون قبل العلة، ولكن من أجل أنهما من جنس المضاف إنما يوجدان معاً في الحس، وإن كانت العلة قبل المعلول بالعقل، حتى ريما يشكل، فلا تتبين العلة من المعلول؛ مثال ذلك إذا سئل من يتعاطى علم الهيئة: ما علة طول النهار في بلد دون بلد، فيقول: كون الشمس فوق الأرض هناك زماناً أطول.
وإذا عكس هذه القضية وقيل: كل بلد يكون فيه مكث الشمس فوق الأرض أكثر، فنهاره أطول، فتصدق، فيخفى على كثير ممن ليست له رياضة بالتعاليم، أيهما علة للآخر، أكون الشمس فوق الأرض لطول النهار، أوطول النهار لكون الشمس فوق الأرض. وهكذا النار والدخان ربما يوجدان معاً، وربما يوجد أحدهما قبل الآخر، وربما يستدل بالدخان على النار، وربما تجعل النار سبباً لوجود الدخان، فلا يدري أيهما علة للآخر.
وأعلم يا أخي بأن النار والدخان ليس أحدهما علة للآخر، بل علتهما الهيولانية هي الأجسام المستحيلة؛ وعلتهما الفاعلية هي الحرارة، وهما يختلفان في الصورة، وذلك أن الحرارة إذا فعلت في الأجسام المستحيلة فعلاً تاماً، صارت ناراً، وإن قصرت عن فعلها لرطوبة غالبة، صارت دخاناً وبخاراً.

عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03070 seconds with 10 queries