فصل في طريق التحليل والحدود والبرهان
وأعلم بأن معنى قولنا: الشخص، إنما هوإشارة إلى جملة مجموعة من أشياء شتى، أومؤلفة من أجزاء عدة منفردة متميزة عن غيرها من الموجودات. والأشخاص نوعان، فمنها مجموع من أجزاء متشابهة مثل هذه السبيكة، وهذا الحجر، وهذه الخشبة، وما شاكل ذلك من الأشخاص التي أجزاؤها كلها من جوهر واحد. ومنها أشخاص مجموعة من أجزاء مختلفة الجواهر، متغايرة الأعراض، مثل هذا الجسد، وهذه الشجرة، وهذه المدينة، وما شاكل ذلك من المجموعات من أشياء شتى.
فإذا أردنا أن نعرف حقيقة شخص من هذه الأشخاص، نظرنا أولاً إلى الأشياء التي هي مركبة منها: ما هي، وبحثنا عن الأجزاء التي هي مؤلفة منها: كم هي.
وأعلم يا أخي بأن الأشياء المركبة كثيرة الأنواع، لا يحصي عددها إلا الله- عز وجل- ولكن يجمعها كلها ثلاثة أجناس، إما أن تكون جسمانية طبيعية، أوجرمانية صناعية، أونفسانية روحانية. فنريد أن نذكر من كل جنس منها مثالاً واحداً لكيما يقاس عليه سائرها. فمن الأشخاص الجسمانية الطبيعية جسد الإنسان. فإنه جملة مجموعة مؤلفة من أعضاء مختلفة الأشكال، كالرأس واليدين والرجلين والرقبة والصدر وما شاكلها. وكل عضومنها أيضاً مركب من أجزاء مختلفة الجواهر والأعراض، كالعظم والعصب والعروق واللحم والجلد وما شاكلها. وكل واحد منها مكون من الأخلاط الأربعة. وكل واحد من الأخلاط له مزاج من الكيموس، والكيموس من صفوالغذاء، والغذاء من لب النبات، والنبات من لطائف الأركان، والأركان من الجسم المطلق بما يخصها من الأوصاف، والجسم مؤلف من الهيولى والصورة، وهما البسيطان الأولان، والجسد هوالمركب الأخير، وأما سائرها فبسائط ومركبات بالإضافة، ومثال آخر من الجرمانية الصناعية، وهوقولنا: المدينة، فإنا نشير به إلى جملة من أسواق ومحال، وكل واحد منها جملة من منازل ودور وحوانيت، وكل واحد منها مؤلف ومركب من حيطان وسقوف، كل واحد منها أيضاً مركب من الجص والآجر والخشب، وما شاكل ذلك، وكلها من الأركان، والأركان من الجسم، والجسم من الهيولى والصورة.
ومثال آخر من الروحاني والنفساني، وهوقولنا: الغناء، إشارة إلى ألحان مؤتلفة، واللحن مؤلف من نغمات متناسبة وأبيات متزنة، والأبيات مؤلفة من المفاعيل، والمفاعيل من الأوتاد والأسباب، وكل واحد منهما أيضاً مؤلف من حروف متحركات وسواكن. وإنما يعرف هذه الأشياء صاحب العروض، ومن ينظر في النسب الموسيقية. وعلى هذه المثالات يعتبر طريق التحليل حتى يتضح أن الأشياء المركبة من ماذا هي مركبة ومؤلفة، فعند ذلك يعرف حقيقتها.
وأما طريق الحدود فالغرض منها حقيقة الأنواع، وكيفية المسلك فيه هوأن يشار إلى نوع من الأنواع، ثم يبحث عن جنسه وكمية فصوله، وتجمع كلها في أوجز الألفاظ، ويعبر عنها عند السؤال؛ مثال ذلك: ما حد الإنسان، فيقال: حيوان ناطق مائت. فإن قيل: ما حد الحيوان، فيقال: جسم متحرك حساس. فإن قيل: ما حد الجسم، فيقال: جوهر مركب طويل عريض عميق. فإن قيل: ما حد الجوهر، فيقال: لا حد له، ولكن له رسم، وهوأن تقول: هوالموجود القائم بنفسه، القابل للصفات المتضادة، فإن قيل: ما الصفات المتضادة، فيقال: أعراض حالة في الجواهر لا كالجزء منها. فعلى هذا القياس يعتبر طريق الحدود، وقد أفردنا لها رسالة.
وأما طريق البرهان والغرض المطلوب فيه فهو معرفة الصور المقومة التي هي ذوات أعيان موجودة، والفرق بينها وبين الصور المتممة لها التي هي كلها صفات لها ونعوت وأحوال ترادفت عليها، وهي موصوفة بها، ولكن الحواس لا تميزها لأنها مغمورة تحت هذه الأوصاف، مغطاة بها، فمن أجل هذا احتيج إلى النظر الدقيق والبحث الشافي في معرفتها، والتمييز بينها وبين ما يليق بها ويترادف عليها بطريق القياس والبرهان.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|