فصل في تأثير طبيعة البلدان في الأخلاق
وأعلم يا أخي بأن ترب البلاد والمدن والقرى تختلف، وأهويتها تتغير من جهات عدة، فمنها كونها في ناحية الجنوب، أوالشمال، أوالشرق، أوالغرب، أوعلى رؤوس الجبال، أوفي بطون الأودية والأغوار، أوعلى سواحل البحار، أوشطوط الأنهار، أوفي البراري والقفار، أوفي الآجام والدحال؛ والأرض ذات الرملة والأرضين السباخ؛ السهلة، أوفي البقاع الصخرية والحجارة والحصى والرمال، أوفي الأرضين السهلة والتربة اللينة بين الأنهار والأشجار والزروع والبساتين والزهر والنور. وأيضاً فإن أهوية البلاد والبقاع تختلف بحسب اختلاف تصاريف الرياح الأربع ونكباواتها؛ وبحسب مطالع البروج عليها، ومطارح شعاعات الكواكب عليها من أفاقها، وهذه كلها تؤدي إلى اختلاف أمزجة الأخلاط؛ واختلاف أمزجة الأخلاط يؤدي إلى اختلاف أخلاق أهلها وطباعهم وألوانهم ولغتهم وعاداتهم وآرائهم ومذاهبهم وأعمالهم وصنائعهم وتدابيرهم وسياساتهم، لا يشبه بعضها بعضاً، بل تنفرد كل أمة منها بأشياء من هذه التي تقدم ذكرها لا يشاركها فيها غيرها.
مثال ذلك أن الذين يولدون في البلاد الحارة ويتربون هناك، وينشأون على ذلك الهواء، فإن الغالب على باطن أمزجة أبدانهم البرودة؛ وهكذا أيضاً الذين يولدون في البلدان الباردة، ويتربون هناك، وينشأون على ذلك الهواء، يكون الغالب على باطن أمزجة أبدانهم الحرارة، لأن الحرارة والبرودة هما ضدان لا يجتمعان في حال واحدة، في موضع واحد، ولكن إذا ظهر أحدهما، استبطن الآخر واستجن؛ ليكونا موجودين في دائم الأوقات، إذ كانت المكونات لا وجود لها ولا قوام إلا بهما. والدليل على ما قلنا أن مزاج أبدان أهل البلدان الجنوبية من الحبشة والزنج والنزبة وأهل السند وأهل الهند، فإنه لما كان الغالب على أهوية بلادهم الحرارة بمرور الشمس على سمت تلك البلاد في السنة مرتين، سخنت أهويتها، فحمي الجو، فاحترقت ظواهر أبدانهم، واسودت جلودهم، وتجعدت شعورهم لذلك السبب، وبردت بواطن أبدانهم، وأبيضت عظامهم وأسنانهم، واتسعت عيونهم ومناخرهم وأفواههم بذلك السبب. وبالعكس في هذا حال أهل البلدان الشمالية، وعلتها أن الشمس لما بعدت من سمت تلك البلاد، وصارت لا تمر عليها لا شتاءً وصيفاً، غلب على أهويتها البرد، وأبيضت لذلك جلودهم، وترطبت أبدانهم، واحمرت عظامهم واسنانهم، وكثرت الشجاعة والفروسة فيهم، وسبطت شعورهم، وضاقت عيونهم، واستجنت الحرارة في بواطن أبدانهم لذلك السبب. وعلى هذا القياس توجد صفات أهل البلدان المتضادة بالطباع والأهوية، يكونون مختلفين في الطباع والأخلاق في أكثر الأمر وأعم الحالات.
وإذ قد تبين ذكرنا طرف من تغير أخلاق الناس من جهة اختلاف ترب البلاد، وتغير أهويتها، فنريد أن نذكر طرفاً من أسباب موجبات أحكام النجوم فنقول: إن الذين يولدون بالبروج النارية في الأوقات التي يكون المستولي عليها الكواكب النارية مثل المريخ وقلب الأسد وما شاكلهما من الكواكب، فإن الغالب على أمزجة أبدانهم الحرارة وقوة الصفراء؛ والذين يولدون بالبروج المائية في الأوقات التي يكون المستولي عليها الكواكب المائية مثل الزهرة والشعرى اليمانية، فإن الغالب على أمزجة أبدانهم يكون الرطوبة والبلغم، وهكذا الذين يولدون بالبروج الترابية في الأوقات التي يكون المستولي عليها زحل وما شاكله من الكواكب الثابتة، فإن الغالب على أمزجة أبدانهم اليبوسة والمرة السوداء؛ وهكذا الذين يولدون بالبروج الهوائية في الوقات التي يكون المستولي عليها المشتري وما شاكله من الكواكب الثابتة، فإن الغالب على أمزجة أبدانهم الدم والاعتدال، يعرف حقيقة ما قلنا وصحة ما وصفنا أهل الصناعات والتجارب.
وإذ قد تبين بما قلنا وذكرنا ما الأسباب والعلل الموجبة لوجود الأخلاق المركوزة في الجبلة، فنريد أن نبين ما الأخلاق المركوزة في الجبلة، وما المكتسبة بالعادة الجارية منها، وما الغرض في ذلك، وما الفرق بينهما، يعني الأخلاق المكتسبة والمركوزة.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|