وكأنها خطوط وهمية وضعتها الملوك الأولون الذين طافوا الربع المسكون من الأرض لتعلم حدود البلدان والممالك والمسالك، مثل أفريذون النبطي وتبع الحميري وسليمان بن داود الإسرائيلي- عليهما السلام- والإسكندر اليوناني وأزدشير بن بابك الفارسي، ليعلموا بها حدود البلدان والمسالك والممالك. وأما ثلاثة أٍرباعها الباقية فمنعهم من سلوكها الجبال الشامخة والمسالك الوعرة، والبحار الزاخرة والأهوية المتغيرة المفرطة التغير من الحر والبرد والظلمة؛ مثل ما في ناحية الشمال تحت مدار الجدي، فإن هناك برداً مفرطاً جداً، لأنه ستة أشهر يكون الشتاء هناك ليلاً كله، فيظلم الهواء ظلمة شديدة، وتجمد المياه بشدة البرودة، ويتلف الحيوان والنبات؛ وفي مقابل هذا الموضع في ناحية الجنوب حيث مدار سهيل يكون نهاراً كله، ستة أشهر صيفاً، فيحمى الهواء ويصير ناراً سموماً ويحترق الحيوان والنبات من شدة الحر، فلا يمكن السكنى ولا السلوك هناك. وأما ناحية المغرب فيمنع السلوك فيها البحر المحيط لتلاطم أمواجه وشدة ظلماته؛ وأما ناحية المشرق فيمنع السلوك هناك الجبال الشامخة. فإذا تأملت وجدت الناس محصورين في الربع المسكون من الأرض، وليس لهم علم بالثلاثة أرباع الباقية.
وأعلم أن الأرض بجميع ما عليها من الجبال والبحار بالنسبة إلى سعة الأفلاك ما هي إلا كالنقطة في الدائرة، وذلك أن في الفلك ألفاً وتسعة وعشرين كوكباً، أصغر كوكب منها مثل الأرض ثماني عشرة مرة، وأكبرها مائة وسبع مرات، فلشدة البعد وسعة الأفلاك تراها كأنها الدر المنثور على بساط أخضر، فإذا فكر الإنسان في هذه العظمة تبين له حكمة الصانع وجلالة عظمته، فينتبه من نوم الغفلة ورقدة الجهالة، ويعلم أنه ما خلق هذه الأشياء إلا لأمر عظيم، وذلك قوله تعالى:" ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق".
فصل في الحث على النظر في الأرض للاعتبار
أعلم يا أخي بأن من دخل الدنيا وعاش فيها زماناً طويلاً مشغولاً بالأكل والشرب والنكاح، دائباً في طلب الشهوات والحرص على جمع المال والأثاث، واتخاذ البنيان وعمارة الأرض و العقارات، وطلب الرياسة متمنيا الخلود فيها، تاركاً لطلب العلم، غافلاً عن معرفة حقائق الأشياء، مهملاً لرياضة النفس، متوانياً في الاستعداد للرحلة إلى الدار الآخرة، حتى إذا فني العمر وقرب الأجل، وجاءت سكرة الموت التي هي مفارقة النفس الجسد، ثم خرج من هذه الدار جاهلاً لم يعرف صورتها، ولم يفكر في الآيات التي في آفاقها، ولا اعتبر أحوال مجوداتها، ولا تأمل الأمور المحسوسة التي شاهد فيها، فمثلهم مثل قوم دخلوا إلى مدينة ملك عظيم حكيم عادل رحيم قد بناها بحكمته، وأعد فيها من طرائف صنعته ما يقصر الوصف عنها إلا بالمشاهدة لها، ووضع فيها مائدة قوتاً للواردين إليها وزاداً للراحلين عنها، ثم دعا عباداً له إلى حضرته ليمنحهم بالكرامة، وأمرهم بالورود إلى تلك المدينة في طريقهم، لينظروا إليها ويبصروا ما فيها، ويتفكروا في عجائب مصنوعاته ويعتبروا غرائب مصوراته، ليروض بها نفوسهم، فيصيرون برؤيتها ومعرفتها حكماء أخياراً، فضلاء، فيصلون إلى حضرته، ويستحقون كرامته، فوردها قوم ليلاً فباتوا طول ليلتهم مشغولين بالأكل والشرب واللعب واللهو، ثم خرجوا منها سحراً لا يدرون من أي باب دخلوا، ولا من أيها خرجوا، ولا رأوا مما فيها شيئاً من آثار حكمته وغرائب صنعته، ولا انتفعوا بشيء منها أكثر من تمتعهم تلك الليلة بالكل والشرب وحسب.
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|