فصل في أن المنجم لا يدعي علم الغيب
فيما يخبر به من الكائنات
وأعلم أن كثيراً من الناس يظنون أن علم أحكام النجوم هوإدعاء الغيب- وليس الأمر كما ظنوا- لأن علم الغيب هوأن يعلم ما يكون بلا استدلال ولا علل ولا سبب من الأسباب، وهذا لا يعلمه أحد من الخلق؛ كذلك لا منجم ولا كاهن ولا نبي من الأنبياء، ولا ملك من الملائكة، إلا الله، عز وجل.
وأعلم يا أخي أن معلومات الإنسان ثلاثة أنواع، فمنها ما قد كان وانقضى ومضى مع الزمان الماضي، ومنها ما هوموجود في الوقت الحاضر، ومنها ما سيكون في الزمان المستقبل. وله إلى هذه الأنواع الثلاثة من المعلومات ثلاثة طرق: أحدها السماع والإخبار لما كان ومضى، والآخر هوالإحساس لما هوحاضر موجود، والثالث الاستدلال على ما هوكائن في المستقبل. فمنها بالنجوم، ومنها بالزجر والفال والكهانة، ومنها بالفكر والروية والاعتبار، ومنها بتأويل المنامات، ومنها بالخواطر والوحي والإلهام، وهذا أجلها وأشرفها، وليس ذلك باكتساب، ولكن موهبة من الله- عز اسمه- لمن شاء أن يجتبيه من عباده. فأما علم النجوم فهو اكتساب من الإنسان وتكلف وجهد واجتهاد في تعلم العلم وطلبه، وهكذا الزجر والفال، والنظر في الكف وضرب الحصى، والكهانة والقيافة والعرافة وتأويل المنامات وما شاكلها، كلها يحتاج الإنسان فيها إلى التعلم والنظر والفكر والروية والاعتبار. وهذا الفن من العلم يتفاضل فيه الناس بعضهم على بعض، وكل واحد يختص بشيء منه.
وأعلم يا أخي أن الكائنات التي يستدل عليها المنجمون سبعة أنواع، فمنها الملل والدول التي يستدل عليها من القرانات الكبار التي تكون في كل ألف سنة بالتقريب مرة واحدة؛ ومنها أن تنتقل المملكة من أمير إلى أمير، ومن أمة إلى أمة، ومن بلد إلى بلد، ومن أهل بيت إلى أهل بيت آخر، وهي التي يستدل عليها وعلى حدوثها من القرانات التي تكون في كل مئتين وأربعين سنة مرة واحدة؛ ومنها تبدل الأشخاص على سرير الملك، وما يحدث بأسباب ذلك من الحروب والفتن التي يستدل عليها من القرانات التي تكون في كل عشرين سنة مرة واحدة؛ ومنها الحوادث والكائنات التي تحدث في كل سنة من الرخص والغلاء والجدب والخصب والحدثان والبلاء والوباء والموتان؛ والقحط والأمراض والأعلال؛ والسلامة منها، ويستدل على حدوثها من تحاويل سني العالم التي تؤرخ بها التقاويم، ومنها حوادث الأيام شهراً شهراً ويوماً يوماً التي يستدل عليها من الأوقات والاجتماعات والاستقبالات التي يؤرخ بها في التقاويم؛ ومنها أحكام المواليد لواحد واحد من الناس في تحاويل سنيهم بحسب ما يوجبه لهم تشكل الفلك ومواضيع الكواكب في أصول مواليدهم وتحاويل سنيهم؛ ومنها الاستدلال على الخفيات من الأمور كالخبر والسرقة واستخراج الضمير والمسائل التي يستدل عليها من طالع وقت المسألة والسؤال عنها.
وأعلم يا أخي أنه ليس في معرفة الكائنات قبل كونها صلاح لكل واحد من الناس، لأن في ذلك تنغيصاً للعيش واستجلاباً لهم، واستشعاراً للخوف والحزن والمصائب قبل حلولها، وإنما نظر الحكماء في هذا العلم وبحثهم عن هذه السرائر ليرضوا بذلك نفوسهم ويستعينوا بهذا العلم على الترقي إلى ما هوأشرف منه وأجل.. وذلك أن الإنسان العاقل المحصل المستيقظ القلب إذا نظر في هذا العلم وبحث عن هذا السر وعن أسبابه وعلله واعتبرها بقلب سليم من حب الدنيا انتبهت نفسه من نوم الغفلة واستيقظت من رقدة الجهالة، وانتعشت وانبعثت من موت الخطيئة، وانفتحت لها عين البصيرة، فأبصرت عند ذلك تصاريف الأمور، وعرفت حقائق الموجودات، ورأت بعين اليقين الدار الآخرة، وتحققت أمر الماد، وعلمت عند ذلك بها ومن أجلها، وتشوفت إليها، وزهدت في الكون في الدنيا، فعند ذلك تهون عليها مصائب الدنيا، فلا تغتم ولا تجزع ولا تحزن إذا علمت موجبات أحكام الفلك من المخاوف والمصائب، كما ذكر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب". وتصديق ذلك قول الله تعالى: " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم".
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
|