الموضوع: كتاب الماركسية
عرض مشاركة واحدة
قديم 24/05/2006   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

Thumbs up كتاب الماركسية....الجزء التاني.


الفصل الثاني:

فهم التاريخ
إن الأفكار المجردة لوحدها لا يمكنها أن تغير المجتمع. لقد كانت هذه الحقيقة من أهم الخلاصات التي توصل إليها ماركس.
ومثل عدد من المفكرين الذين سبقوه، أصر ماركس على أنه من أجل فهم التاريخ يجب أن ترى البشر كجزء من العالم المادي.
يتحدد سلوك الإنسان بالقوى المادية، مثله في ذلك مثل سلوك أي كائن طبيعي آخر.
لقد كانت دراسة التاريخ الإنساني جزءا من الدراسة العلمية للعالم الحي.
وأطلق على المفكرين الذين تمسكوا بوجهات النظر هذه بـ الماديين.
اعتبر ماركس المادية خطوة عظيمة للأمام بالمقارنة بالتصورات الدينية والمثالية الأخرى في التاريخ.
فلقد عني ذلك أنك تستطيع أن تتناقش بشكل علمي فيما يتعلق بتغيير ظروف المجتمع وبأنك لا تعتمد في ذلك مرة أخرى على الصلاة لله أو على "التغير الروحي" للناس.
فاستبدال المثالية بالمادية كان معناه استبدال الخرافة بالعلم.
ولكن مع ذلك، فليست كل التفسيرات المادية لسلوك الإنسان صحيحة. فكما كانت هناك نظريات علمية خاطئة في علوم الأحياء أو الكيمياء أو الفيزياء، كانت هناك أيضا محاولات خاطئة لتطوير نظريات علمية خاصة بالمجتمع.
وفيما يلي سنقدم بعض الأمثلة:
من الأفكار المادية غير الماركسية الشائعة هي أن البشر لا يتعدوا كونهم حيوانات تتصرف بشكل "طبيعي" وفي أشياء معينة.
فكما أن القتل هو طبيعة الثعالب أو أن الوداعة هي طبيعة الخرفان، فأيضا من طبيعة البشر أن يكونوا عدوانيين ومتسلطين ومتنافسين وطماعين؛ (ومن ذلك نستنتج أن النساء هن بطبعهن ماكرات وخاضعات ومراعيات للآخرين وسلبيات).
ويمكن أن نجد أفضل رأي حول ما سبق في كتاب القرد العاري.
وخلاصة ما نخرج به من مثل تلك الأفكار ما هي إلا ردود فعل متباينة.
فإذا كان البشر بطبيعتهم عدوانيين، فالنتيجة إذن هي أنه لا يوجد منطق من محاولة تطوير المجتمع. فالأوضاع لن تتغير أبدا، والثورات سوف "تفشل دائما".
ولكن، في الحقيقة، نجد أن "طبيعة الإنسان" تتغير من مجتمع إلى آخر.
فعلى سبيل المثال، التنافس الذي يعتبر شيء مسلّم به في مجتمعنا، لم يكن موجودا تقريبا في مجتمعات كثيرة سابقة.
فعندما حاول العلماء أن يجروا اختبارات الذكاء لفئة من الهنود تدعى السيوكس، وجدوا أن الهنود لا يفهمون لماذا لا يستطيعون أن يساعدوا بعضهم البعض في حلّ الأسئلة.
فالمجتمع الذي عاشوا فيه كان يؤكد على قيمة التعاون وليس المنافسة.
ونجد الحكاية متشابهة مع فكرة العدوانية.
فعندما قابل الإسكيمو الأوربيين لأول مرة، لم يستطيعوا أن يفهموا على الإطلاق معنى "الحرب". ففكرة أن هناك مجموعة من البشر تريد إبادة مجموعة أخرى كانت فكرة مجنونة بالنسبة لقبائل الإسكيمو.
وفي مجتمعنا، من "الطبيعي" بالنسبة لنا أن الآباء يجب أن يحبوا ويحموا أبناءهم. ومع ذلك نجد أنه في مدينة إسبرطة الإغريقية القديمة كان من "الطبيعي" أن يترك الآباء أطفالهم في الجبال لوحدهم لكي يعرفوا إذا ما كانوا سيستطيعون تحمل البرد القارص.
وهكذا، فإن فكرة "الطبيعة الإنسانية التي لا تتغير" لا تقدم تفسيرا للأحداث التاريخية الهامة. فأهرامات مصر، أو روعة اليونان القديمة، أو إمبراطوريات روما أو الإنكاس، أو المدينة الصناعية الحديثة، توضع كلها على نفس الدرجة مع الفلاحين الأميين الذين عاشوا في الأكواخ الطينية في العصور المظلمة.
ويعتبر الشيء الهام الوحيد في هذه النظرية هو "القرد العاري" - وليست الحضارة العظيمة التي بناها هذا القرد. كما تعتبر بعض أشكال المجتمع التي نجحت في إطعام تلك "القردة" غير معترف بها، بينما يُعترف بمجتمعات أخرى تترك الملايين من البشر يموتون من الجوع.
من ناحية أخرى، يقبل الكثير من الناس نظرية أخرى للمادية، والتي تؤكد على الطريقة المُثلى الممكنة لتغيير سلوك الإنسان.
فكما يمكن أن تتدرب الحيوانات على تغيير سلوكها في السيرك أو الغابة - كما يقول أنصار هذا الرأي - فإن سلوك الإنسان يمكن أن يتغير بنفس الطريقة.
فإذا استطاع الأشخاص المناسبين أن يتولوا مقاليد الأمور في المجتمع، كما يقال، فإن "طبيعة الإنسان" يمكن أن تتغير.
تمثل وجهة النظر هذه خطوة كبيرة للأمام عن نظرية "القرد العاري"، ولكنها تفشل في تفسير كيف يتغير المجتمع ككل. فإذا كان كل شخص متكيفاً بشكل كامل في مجتمع اليوم، فكيف يمكن إذن أن يرقى مستوى أي فرد عن المجتمع لكي يرى كيف يمكن تغيير آليات التكيف هذه؟ فهل هناك مثلا أقلية مختارة من الله تمتاز بالمناعة الكاملة ضد الضغوط التي تسيطر على باقي البشر؟
فإذا كنا جميعا حيوانات في سيرك، فمن الذي سيصبح مروض الأسود؟
إن أولئك الذين يؤمنون بهذه النظرية ينتهي بهم الحال إلى القول بأن المجتمع لا يمكن أن يتغير (مثلهم في ذلك مثل أصحاب نظرية القرد العاري)، أو أنهم يعتقدون أن التغيير يحدث بواسطة شيء ما خارج نطاق المجتمع - مثل الله، أو "رجل عظيم"، أو من خلال قوة أفكار الأشخاص. فـ "ماديتهم" تتيح لنموذج آخر من المثالية أن يدخل من باب خلفي.
وكما أشار ماركس، إن هذه العقيدة تنتهي بالضرورة إلى تقسيم المجتمع إلى فريقين بحيث يكون أحدهما متفوق على الآخر.
وتعتبر وجهة النظر "المادية" هذه ما هي إلا رد فعل.
إن أحد أنصار هذا الرأي من المشهورين اليوم هو عالم نفسي أمريكي يدعى سكينر. يريد سكينر أن يكيّف الناس بحيث يتصرفون بطرق معينة. ولكن بما أنه هو نفسه نتاج للمجتمع الرأسمالي الأمريكي، فطرق "التكييف" التي سيتبعها تعني محاولة جعل الناس يتأقلمون مع هذا المجتمع.
وهناك رأي مادي آخر يوقع بكل البؤس الموجود في العالم على عاتق "الضغوط السكانية".
(ويطلق عادة على هذا الرأي - مالثسي - نسبة إلى مالثس وهو الاقتصادي البريطاني الذي عاش في القرن الثامن عشر وأول من ابتدعوا هذه النظرية).
ولكن هذا الرأي لا يستطيع تفسير لماذا مثلا تحرق الولايات المتحدة فائض الذرة لديها بينما يموت الكثيرون في الهند من الجوع.
ولا يستطيع أيضا أن يفسر لماذا لم يكن هناك منذ 150 سنة غذاء من إنتاج الولايات المتحدة يكفي لإطعام 10 مليون من البشر، بينما في عالم اليوم لديهم من الغذاء ما يكفي لإطعام 200 مليون فرد.
فتلك النظرية تتناسى أن كل فم إضافي يحتاج للغذاء هو أيضا إنسان إضافي يستطيع العمل وتحقيق الثروة.
أشار ماركس إلى أن كل تلك التفسيرات الخاطئة ما هي إلاّ أشكال للمادية "الميكانيكية" أو "البدائية". فكلها تتناسى أنه بينما يعيش البشر كجزء من العالم المادي، فهم أيضا أشخاصا فاعلة قادرة على تغيير هذا العالم.
التفسير المادي للتاريخ "يمكن تمييز البشر عن الحيوانات بالوعي، الدين أو أي شيء آخر تحبه.
فهم أيضا يبدءون في تمييز أنفسهم عن الحيوانات بمجرد أن يبدءوا في إنتاج وسائل العيش - أي غذاءهم ومسكنهم وملبسهم."
بهذه الكلمات، أكد كارل ماركس من البداية على النقطة الأساسية التي تميز تفسيره لكيفية تطور المجتمع.
إن البشر حيوانات تطورت من كائنات تشبه القردة.
ومثل الحيوانات الأخرى، فإن أول ما يشغلهم هو إطعام وحماية أنفسهم من المناخ.
فالطريقة التي تقوم بها الحيوانات الأخرى لعمل ذلك يعتمد على بنيتهم البيولوجية المتوارثة.
فالذئب يبقى حيا من خلال مطاردة وقتل فريسته بطرق تحددها غرائزه البيولوجية المتوارثة.
وهو ينعم بالدفء في الليل البارد بسبب الفرو الذي يغطيه.
وهو أيضا يربي أطفاله بالطرق السلوكية المتوارثة.
أما حياة البشر فهي غير جامدة أو محددة بهذه الطريقة.
فالبشر الذين جابوا أنحاء العالم منذ 100,000 أو 30,000 سنة قد عاشوا حياة مختلفة تماما عنا اليوم.
لقد عاشوا في الأكواخ وبطون الأرض، ولم يكن لديهم أواني لحفظ الطعام أو الماء، واعتمدوا في غذائهم على جمع البذور أو إلقاء الحجارة على الحيوانات البرية.
كما أنهم لم يستطيعوا الكتابة أو عدّ الأرقام فيما عدا أرقام أصابعهم.
ولم يكن لديهم أي معرفة حقيقية بما كان يجري بعيدا عن جيرانهم القريبين أو ما قد فعله آباءهم من قبلهم.
ومع ذلك، فإن شكلهم الجسماني منذ 100,000 سنة كان مشابها لشكل إنسان العصر الحديث، وكان مطابقا له تماما منذ 30,000 سنة. فإذا أتيت مثلا برجل الكهف وغسلت جسده وحلقت له ذقنه وشعره وألبسته بدلة وجعلته يمشي في الشارع، فلن يتصور أحد أنه يبدو مختلفا.
فكما أشار عالم الحفريات جوردون تشايلد:
"إن هياكل أجدادنا الأوائل تنتمي إلى المراحل الأخيرة للعصر الثلجي …
ومنذ بداية ظهور الهياكل البشرية في السجلات الجيولوجية، فإن تطور جسم الإنسان وقف عند نقطة معينة على الرغم من أن تطوره الحضاري كان في بداياته."
حول نفس هذه الفكرة، قال عالم الحفريات ليكي:
"إن الاختلافات الجسمانية بين إنسان حضارتي الأوريجناسيان والماجدلينيان (منذ 25000 عام) من ناحية، وإنسان اليوم من ناحية أخرى هي اختلافات ثانوية، بينما نجد الاختلاف الحضاري شديد الاتساع."
وبكلمة "حضارة" يعني عالم الحفريات الأشياء التي يتعلمها الرجال والنساء ويعلموها لبعضهم البعض ( كيفية حياكة الملابس مثلا من الفرو أو الصوف، كيفية عمل الأواني من الطين، كيفية إشعال النار للطهي، كيفية بناء السكن، … إلخ)
مقارنة بالأشياء التي تعرفها الحيوانات بغريزتها.
إن حياة الإنسان الأول كانت مختلفة تماما عن حياة الحيوانات الأخرى. فالإنسان الأول كان يستطيع استخدام الصفات الجسمانية الخاصة بالبشر - مثلا المخ الكبير، والأوصال الأربعة التي يستطيع إمساك الأشياء بها - لكي يشكل الطبيعة من حوله ويطوعها لاحتياجاته.
ولقد عني ذلك أن الإنسان يمكنه التأقلم مع كمّ هائل من الظروف المختلفة وبدون أي تغيير في بنيته الجسمانية.
فالإنسان لم يعد يقوم بردود أفعال تجاه ما حوله فقط، ولكنه بدأ في اتخاذ مبادرات والقيام بأفعال تجاه ما حوله وبدأ يغيرها تبعا لإرادته.
في البداية، استخدم الإنسان العصي والحجارة لمهاجمة الوحوش الضارية، وقام بإشعال النار ليوفر لنفسه الدفء والضوء، وقام أيضا بتغطية نفسه بأوراق الأشجار وجلود الحيوانات.
وعلى مدار عشرات الآلاف من السنين، تعلم الإنسان أن يشعل النار بنفسه ويشكل الحجارة باستخدام أنواع أخرى منها، كما تعلم في النهاية زراعة غذائه وتخزينه في أوانٍ مصنوعة من الطين وأيضا تعلم تربية الحيوان.
ومنذ 5000 سنة من التاريخ الإنساني الذي يعود إلى نصف مليون سنة مضت، تعلم الإنسان سر تحويل المعدن الخام إلى معادن يمكن تشكيلها لصناعة الآلات التي يمكن الاعتماد عليها كأسلحة فعالة.
وكل من تلك التطورات كان لها تأثيرا هائلا، ليس فقط في جعل الحياة أسهل للإنسان لإطعام نفسه وتوفير ملبسه، ولكن أيضا في تغيير نظام الحياة البشرية ذاتها. فمنذ البداية، كانت حياة الإنسان اجتماعية.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07652 seconds with 10 queries