مئة رسالة حب 66-----70
(66)
أنتِ لا تستحقّين البحرَ أيتها البيروتيّة..
ولا تستحقّين بيروتْْ
فمنذ عرفتك..
وأنتِ تقتربين من البحر..
كراهبة خائفة من الخطيئة..
تريدُ ماءً بلا بَلَل
وبحراً بلا غَرَق..
وعبثاً .. حاولتُ أن أقنعك
أن تخلعي نظَّارتكِ السوداءْ..
وجواربَكِ السميكة
وساعةَ يدِك..
وتنزلقي في الماء كسمكة جميلة..
ولكنّني فشلت.
وعبثاً حاولتُ أن أشرح لكِ
أن الدُوَارَ جزءٌ من البحر
وأن العشقَ فيه شيء من الموت
وأن الحُبَّ والبحر..
لا يقبلان أنصافَ الحلولْ..
ولكنني يئستُ من تحويلك إلى سمكة مغامرة..
فقد كانت كلُّ شروشك بريّة
وكلُّ أفكارك بريّة..
لذلك أبكي عليكِ يا صديقتي
وتبكي معي بيروت..
(67)
كان عندي قبلّكِ .. قبيلةٌ من النساءْ
أنتقي منها ما أريدْ..
وأعتق ما أريدْ..
كانت خيمتي..
بستاناً من الكُحْل والأساورْ
وضميري مقبرةً للأثداء المطعونة
كنتُ أتصرّف بنذالة ثريّ شرقي..
وأمارسُ الحبَّ..
بعقلية رئيس عصابة..
وحين ضربني حبُّكِ.. على غير انتظارْ
شبَّت النيرانُ في خيمتي
وسقطتْ جميعُ أظافري
وأطلقتُ سراحَ محظيّاتي
واكتشفتُ وجهَ الله..
(6
مرّتْ شهورٌ..
وأنا لا أعرف رقم هاتفكْْ
أنتِ تفرضين حصاراً..
حتى على رقم هاتفكْ..
تمنعين الكلامَ أن يتكلّمْ..
ترفضين صداقةَ صوتي..
وزيارةَ كلماتي لكِ..
*
إذا كنتُ لا أستطيع أن أزورَكِ
فاسمحي لصوتي..
أن يدخلَ غرفةَ جلوسك
وينامَ على السجّادة الفارسيّة..
أنا ممنوع..
من دخول مملكتك الصغيرة..
فلا أعرف في أيِّ ركن تجلسينْ
وأيَّ المجلات تقرأينْ..
لا أعرف لونَ غطاء سريرك..
ولا لونَ ستائرك..
لا أعرف شيئاً عن عالمك الخرافيّّ
ولكنَّني أخترعه..
أضع الأبيضَ .. على الأحمرْ
والأزرقَ .. على الأصفرْ
حتى أصبحَ عندي ثروةٌ من اللوحاتْ
لا يمتلك مثلَها متحفُ اللوفر..
ولكنْْ..
إلى متى أظلّ أخترعك
كما يخترع الصوفيُّ ربَّهْ..
إلى متى؟
أظلُّ أصنعكِ من خلاصة الأزهارْ
كما يفعل بائع العطور..
إلى متى أظلّ أجمعكِ..
قطعةً .. قطعة
من حقول التوليب في هولندا..
وكروم العنب في فرنسا
وهفيفِ المراوح في إسبانيا..
(69)
حين رقصتِ معي..
في تلك الليلة..
حدث شيء غريبْ.
شعرتُ .. أن نجمةً متوهّجة
تركت غرفتها في السماء
والتجأت إلى صدري..
شعرتُ ، كما لو أنّ غابةً كاملة
تنبتُ تحت ثيابي..
شعرتُ..
كما لو أن طفلةً في عامها الثالث
تقرأ .. وتكتب فُروضَها المدرسيّه
على قماش قميصي..
*
ليس من عادتي أن أرقص..
ولكنني .. في تلك الليلة
لم أكن أرقص فحسب..
ولكنني ..
كنتُ الرقصْ..
(70)
عاد المطرُ ، يا حبيبةَ المطرْ..
كالمجنون أخرج إلى الشرفة لأستقبلَهْ
وكالمجنون ، أتركه يبلّل وجهي..
وثيابي..
ويحوّلني إلى إسفنجة بحريّة..
*
المطر..
يعني عودةَ الضباب ، والقراميد المبلّلة
والمواعيد المبلّلة..
يعني عودتَكِ .. وعودةَ الشعر.
أيلول .. يعني عودة يديْنا إلى الالتصاقْ
فطوال أشهر الصيف..
كانت يدُكِ مسافرة..
أيلول..
يعني عودةَ فمك، وشَعْرك
ومعاطفك، وقفّازاتك
وعطركِ الهنديّ الذي يخترقني كالسيفْ.
*
المطر.. يتساقط كأغنية متوحّشة
ومَطَركِ..
يتساقط في داخلي
كقرع الطبول الإفريقية
يتساقط ..
كسهام الهنود الحُمْرْ..
حبّي لكِ على صوت المطرْ..
يأخذ شكلاً آخر..
يصير سنجاباً..
يصير مهراً عربياً..
يصير بَجَعةً تسبح في ضوء القمرْ..
كلما اشتدَّ صوتُ المطرْ..
وصارت السماء ستارةً من القطيفة الرمادية..
أخرجُ كخَرُوفٍ إلى المراعي
أبحث عن الحشائش الطازجة
وعن رائحتك..
التي هاجرتْ مع الصيف..
انسان بلا حدود
بين الرغبات الأبدية الجارفة...و الأقدار المعاكسة...كان قدري
وكان الحب يأتي،متسللا إلي،من باب نصف مفتوح،وقلب نصف مغلق
أجمل حب هو الذي نعثر عليه أثناء بحثنا عن شيء أخر
|