12/05/2006
|
#13
|
عضو
-- مستشــــــــــار --
نورنا ب: |
Jul 2005 |
المطرح: |
بالسيرفر |
مشاركات: |
2,180 |
|
عهد الاستقلال
لم تكد سورية تشعر بنعمة الاستقلال، حتى صدر قرار تقسيم فلسطين 1947 وأنشئت دولة اسرائيل التي كانت تهدد العرب باحتلال الأرض من الفرات إلى النيل وقامت بتشريد الفلسطينيين الذين بدأوا حركة التحرير ضمن صعوبات كثيرة.
وكان على سورية ومصر أن تبادرا إلى توحيد قوة المجابهة اعتماداً على الإيمان بالوحدة العربية، فأعلنت الوحدة بين القطرين في 22/2/ 1958 وأصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة وعاصمتها القاهرة.
ولم يطل زمن الوحدة فلقد تم الانفصال في 28/9/1961 فقامت ثورة الثامن من آذار.1963 لتنادي بإعادة الوحدة، ولكن اسرائيل فاجأت بالعدوان على سورية ومصر والأردن في الخامس من حزيران 1967. واحتلت جزءاً من الأرض العربية، وبرغم من صدور قرارات مجلس الأمن بوجوب إعادة الحقوق والأراضي إلى أصحابها، ما زالت اسرائيل تعاند تنفيذ هذه القرارات.
وفي تشرين الثاني عام 1970 انعقد المؤتمر العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي، فانتخبت قيادة جديدة للحزب برئاسة الأمين العام الفريق حافظ الأسد، وتم إعلان الحركة التصحيحة، وتضمن برنامجها الأساسي إنشاء الجبهة الوطنية التقدمية، وإحداث مجلس للشعب وإعداد دستور دائم للبلاد. وفي 21/3/1971 انتخب الفريق حافظ الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية وتجدد انتخابه عام 1978 و1985 و 1992 و 1999.
وفي تشرين الأول من عام 1973 خاضت سورية ومصر حرباً لاسترجاع الأراضي المحتلة من اسرائيل، تبعتها حرب الاستنزاف التي استمرت ثمانين يوماً، فاستعادت سورية جزءاً من الجولان وفي مقدمته القنيطرة.
وفي نيسان 1975 بدأت الحرب الأهلية في لبنان، وكان لسورية الدور الحاسم في إنهاء هذه الحرب وإعادة الوحدة الوطنية والاستقرار في لبنان، وفي تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي الذي استمر 22 عاماً حتى 10/5/2000.
هكذا ومنذ عام 1970 يبتدأ عصر جديد في سورية، عصر حافل بالإنجاز وبالتقدم، إذ تم بناء سد الفرات الذي وفر تأمين الري لمساحة تزيد عن 640 ألف هكتار، وازدادت العائدات النفطية أضعافاُ، وحققت المشاريع الكبرى زيادة في الانتاج الزراعي والصناعي، و في توسيع شبكات المواصلات وإعمار المدن والقرى. وتأمين الضمان الاجتماعي للشعب والسكن والتعليم المجاني وإيجاد فرص للعمل، وتشجيع الثقافة والبحث العلمي والرياضة وكانت استضافة الدورة العاشرة لألعاب البحر المتوسط في مدينة اللاذقية عام 1978 من أبرز النشاطات الرياضية الدولية.
ولكن هموم تحقيق السلام العادل المعتمد على القرارات الدولية مازالت هاجس السياسة في النطاق الدولي والعربي.
وفي 10/6/2000 منيت سورية بخسارة فادحة بوفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد. وكان الشعب بجميع فئاته مجمعاً على متابعة المسيرة ،فقام بإنتخاب الدكتور بشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية في 17/7/2000، وفي مجلس الشعب أعلن الرئيس الجديد عن برنامج وطني مستقبلي طموح وعن سياسة عربية ودولية منفتحة متضامنة، وعن عزم في إحلال السلام العادل في المنطقة كلها.
""عندما نكون في سورية نجدنا نمتزج مع التاريخ ذاته , فكل ذرة من ترابها هي حرف مضيء في سفر الإنسانية الخالد "" جورجيو بوتشيلاتي ( رئيس البعثة الأميركية التي كانت تعمل في الكشف عن مملكة ((خانا )) القديمة التي ازدهرت
في الألف الثانية قبل الميلاد قرب التقاء الفرات و الخابور . )
هذه هي أرض سورية العربية , مخزن التاريخ , التي يعبق من ترابها أريج الحضارات و التي على إثرها ولدت و تفاعلت
أعظم المدنيات و أبدع الإنسان المنجزات التي لا تزال ترفل البشرية في نعمائها حتى اليوم .
قصة الزراعة بدأت هنا منذ أكثر من عشرة آلاف عام .
كان الإنسان قبل ذلك و على مدى ملايين السنين يجمع ما يصادفه حوله من مزروعات برية فيقتات بها,
و لكن ما لبث الإنسان في سورية أن تعلم كيف يزرع بعد أن عرف كيف يزاوج بين القمح و الماء
و كيف يستنبت من السنبلة الواحدة آلاف السنابل .
في لحظة الابداع تلك بدأت المدينة بالاستقرار فقد راح الانسان يبني المساكن ليعيش فيها بدل الكهوف
و بدأ يعي ذاته و يناجي السماء بالترانيم الاسطورية الدينية الاولى كما راح يجرب أصابعه في الرسم و النحت و الزخارف .
هذه الفترة البعيدة من حياة الانسانية لا تزال بقاياها متناثرة في أكثر من مكان في سورية :
في المريبط , جيرود , يبرود , و على ضفاف الانهر .
هنا في سورية أيضا ما لبث الانسان أن أهدى البشرية انجازا حضاريا كبيرا حين اكتشف النحاس و ابتدع خليطة البرونز .
حضارة المعدن هذه نشات في ( تل حلف ) على ضفاف الخابور .
و تتابعت الابداعات و الانجازات منذ الالف الثالثة قبل الميلاد : في مملكة ماري ( تل الحريري ) على الفرات
كانت قصور و رسوم و كان ازدهار ثقافي و تجاري مشهودان . مملكة أوغاريت ( رأس الشمرة )
على الساحل السوري قدمت للانسانية ابتكارها المعجز : الابجدية الاولى في العالم .
أما في مملكة ايبلا ( تل مرديخ ) فقد اكتشف في قصرها الملكي أروع و أضخم مكتبة وثائقية تنظم أمور الادارة و التجارة
و الدبلوماسية و الصناعة و علاقات الحرب و السلم مع الاقطار الاخرى .
هذه الممالك السورية القديمة التي اكتشفت تباعا منذ العشرينات من هذا القرن أضافت الكثير الى المعرفة الانسانية .
كان كل كشف يبهر العالم و يغير من معطيات التاريخ و طريقة قراءته , الا أنه كان في الوقت ذاته يقدم الشواهد تلو الشواهد
بأن مهد الحضارة كان على هذه الارض السورية في حقبة بعيدة كان العالم خلالها يعيش في ظلام ما قبل التاريخ ,
و كأن كل ضربة معول في أماكن التنقيبات كانت تفجر نورا يضيء مرحلة أخرى مجهولة من مراحل قصة الانسان
على هذا الكوكب الارضي
و لعل أهم جانب أضاءته و أكدته تلك التنقيبات هو أن تلك الممالك كانت عربية الروح و الوجه و اللسان : ماري , أوغاريت ,
ايبلا , خانا .... كلها كانت تتكلم لغة ذات أصل عربي واحد و لكن بلهجات مختلفة تشبه اختلاف اللهجات في أيامنا هذه
بين قطر عربي و قطر عربي آخر . فأهل هذه الممالك كانوا من سلالة أولئك العرب الذين جاؤوا منذ القرون الاولى
من الجنوب من شبه الجزيرة العربية و كانوا يعرفون مرة بالعموريين ( الالف الثالثة قبل الميلاد ) و أخرى
بالكنعانيين و الفنيقيين ( سكان الساحل ) و تارة بالآراميين ( سكان المناطق العليا )
و أخرى بالغساسنة و الانباط ( سكان الجنوب ) . فهذه الهجرات المتتالية حفظت الطابع العربي لسكان سورية منذ فجر التاريخ ,
و لذلك استطاع هذا الطابع أن يصمد أمام الغزوات التي اجتاحت سورية طمعا بثرواتها و بمركزها الاستراتيجي الفريد
كغزوات الحثيين و الفرس و اليونان و الرومان .
و حين أتى الفتح العربي الاسلامي ( عام 636) أكد هوية سورية العربية و جلا صدأ الغزوات الاجنبية عنها
و أعاد اليها جوهرها و أصالتها .
منذ القدم أخذت سورية شانها الاستراتيجي بحكم موقعها الفريد فهي ملتقى قارات ثلاث , و مصلبة للطرق العالمية ,
و همزة الوصل بين البحر الابيض المتوسط و المحيط الهندي و بين بحر قزوين و البحر الاسود و بين نهر النيل ,
و عبر أراضيها كان يمر طريق الحرير القادم من أقاصي الصين اذ كانت محطته السورية الاولى دورا أوروبوس ( الصالحية )
ثم تدمر و حمص الى أن يصل الى مرافيء البحر الابيض الذي عرف مجد الملاحين السوريين قبل آلاف السنين حين جعل منه
أولئك الرواد بحيرة سورية تجوب فيها مراكبهم ذات الاشرعة الواسعة البيضاء .
ان هذا الموقع الهام جعل سورية مكانا متميزا لا لمجرد مرور القوافل و المبادلات التجارية فحسب بل لانه كان كان ملتقى
للافكار و المبتكرات و المعتقدات و التمازج الثقافي , فما من حضارة عرفتها البشرية على مر العصور الا و في سورية شواهد
منها تراها شامخة باهرة في كل مكان , في السهول و الجبال و البوادي . فهنا القصور و المساجد و الكنائس و هنا القلاع
الحصينة و العمارات الفريدة ذات الاعمدة و الاقواس و الزخارف و النقوش المبتكرة فالرحلة عبر سورية هي رحلة عبر الزمن
لانها قبل كل شيء تكون عبر حضارات توالت على أرضها واحدة بعد أخرى في مسيرة باهرة و في تواصل مدهش .
و حين تتجول في الاسواق القديمة تدرك أن التاريخ في سورية ليس فكرة مجردة أو بطاقة مغبرة في مكتبة ,
بل هو شيء حي تراه و تلمسه و تكاد تسمع ايقاعه و نبضه المتواصلين : امش في السوق القديم ( مدحت باشا ) بدمشق
من باب كيسان الى باب الجابية فلا تلبث أن تحس بخطواتك ترافق خطوات القديس بولس ا
لذي انفتح على عينيه نور الايمان _"نور طريق دمشق .
أما نساج الحرير في دمشق و حماة و حلب الذي تراه يعمل وراء نوله الخشبي فتكاد تحسبه أنه هو نفسه ذلك النساج
الذي كان يعمل في ايبلا قبل أربعة آلاف عام . و نافخ الزجاج الملون في المعامل الشعبية الذي تراه قبالة فرن الطين
و الآجر حيث لهب البلور السائل انما يردك الى أجداده أصحاب الساحل السوري الذين ابتكروا الزجاج و لونوه قبل ثلاثة آلاف عام
و الى أيام الفن العربي الاسلامي و بخاصة فن الزجاجين السوريين في القرن الرابع عشر اللذين رق بلورهم حتى كانهم
صنعوه من شفافية سمائهم الزرقاء . و اللوحة التي يرسمها فنان شعبي معاصر لواحد من أبطال و فرسان السير و الملاحم
العربية ما هي الا توأم لوحة فارس آخر نحتها على الحجر فنان عربي سوري من دورا أوروبوس في القرن الثالث قبل الميلاد
ان خصب الارض السورية بآثار الحضارات الانسانية العظيمة التي تراكمت على ثراها أو ترعرعت و تفاعلت فوق ترابها هو الذي
يجعل الكثيرين يصفون سورية بأنها أكبر بلد صغير في العالم , و لا عجب بعد هذا كله أن يكون كل انسان حديث مدينا بفكره
و فنه و انجازاته الى هذه الارض و أن يشعر بانتمائه اليها كما الى وطنه حتى قيل بحق :
( لكل مثقف وطنان : بلده و سورية )
«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»(ملك الهكرز)«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»
ان كانــــــت جنــــة الله في الدنيــا فــهي دمشــــــــــــــــــــــــــــــــقُ
الرجاء من كافة الاعضاء الكرام (والاقارب) عدم ارسال رسائل تخص الاختراق والندف
وتانكيو
|
|
|