مدير عام
كان قد شغل العديد من المناصب الحساسة والمرموقة، آخرها، منصب مدير عام في مؤسسة بنكية معروفة . قبل أقل من خمس سنوات كنت تراه وقد ارتدى بدلة أنيقة، يقود سيارة من أحدث الموديلات. وأما اليوم، فلم يعد يطيق حالته البائسة وهو يجوب شوارع مدينته الفقيرة، في عز الصيف الحار. المدينة التي ولد وترعرع فيها كانت من أجمل المدن وأحلاها، لكن البرابرة أحالوها الى مرتع للصوص والمجرمين، والى مجرد أنقاض تعتاش على نفاياتها الحيوانات السائبة. إنتظر طويلاً، وهو يمد يده، سائلاً إحساناً. دام إنتظاره أكثر من ساعتين، من دون أن يكترث لحاله المارّة.
الجوع ينخر جوفه الذي لم يذق حتى قطعة خبز صغيرة منذ مساء البارحة، بينما حرارة الشمس اللاهبة تذيب حتى الحديد، فكيف بمقدور جسده الواهن أن يتحمل حرارتها الجهنمية!
أخيراً، نفد صبره، وهويرسل بنظره هنا وهناك. غرس يده اليمنى، وعلى طولها، في جوف كيس القمامة، المركون في زاوية ما من الشارع العام، بحثاً عن ما يكتم أنفاس هذا التوق الشديد للقمة يسكت بها جوعه
قالولي ليش رافع راسك و عينك قوية .. التلهم العفو كلنا ناس بس أنا من الأراضي السورية ...
|