في الفترة الأخيرة، وبالتحديد بعد مقال "إخلعي الحجاب" بدأت أتلقى رسائل كراهية كثيرة.
أخرها رسالة وصفني صاحبها بألفاظ لا نستخدمها في تعاملاتنا الحضارية، ثم أكمل قائلاً "أنت تستحقين الموت، وهو قريب إن شاء الله".
تهديد بالموت؟
ربما.
كدت أشعر بالأحباط.
الإحباط من واقع إجتماعي له وجهان.
وجه سياسي تسود فيه ثقافة الإستبداد، يؤسس لها حكم متسلط لا تتغير وجوهه رغم عمليات التجميل المتكررة، وأدوات قمعية على رأسها جهاز المخابرات، تزرع الخوف في النفس قبل أن تولد.
تزرع الخوف في النفس قبل أن تولد.
ووجه فكري، إنسلخ من واقع الإستبداد، إبنُه بالدم والنسب، يؤطر لثقافة الترهيب، ويسعى بالتجريح والتهديد، بأية وسيلة كانت، يسعى جاهداً عامداً متعمداً لقتل الفكرة قبل أن تولد في عقل صاحبها.
يقتل الفكرة قبل أن تولد في عقل صاحبها.
نفس حرة،
فكرة حرة،
يتيمان،
يا للمسكينان،
يبحثان عن هواء ليتنفسا فيه،
لولا أن الهواء مسموم بالخوف والفزع،
فيكون القتل مصيرهما.
أيُ موتٍ حزين هذا؟
قلت كدت أشعر بالأحباط.
كدت.
لولا أني تذكرت.
تذكرت الحلم.
فتنفست من جديد.
حلمي وحلمك وأحلامنا، وربما أيضاً حلم ذاك الذي يدعو لي بالموت وهو غاضب.
قلت لنفسي عيشي الحلم من جديد في خيالك.
تخيليه.
تخيلي.
تخيلي واقعاً نحيا فيه دون خوف!
دون خوف!
لا نخاف فيه.
لا نخاف فيه من حاكمنا.
لا نطأطيء الرأس له ونحن نهلل له كالقرود.
لا نحني ظهورنا أمامه كالعبيد،
لا نخاف منه،
بل نقول له أنت مسئول.
أنت مسئول أمامنا،
نحن من نعطيك هذه السلطة،
ويمكننا أن نحاسبك.
لست الله كي تكون فوق القانون.
موقعك هذا ليس حقاً إلهيا تفعل به أنت وقبيلتك، أنت وعشيرتك، أنت وحاشيتك، ما تشاء.
موقعك هذا موجود كي تعمل لمصلحة هذا المجتمع، لا لمصلحتك.
نقول له هذا ورؤوسنا مرفوعة أمامه.
ظهورنا مستقيمة، ليست منحنية.
وأعيننا تنظر إلي عينيه لا تتفاداها.
تخيلي!
تخيلي واقعاً لا نخاف فيه من رجل الأمن.
ننظر فيه إلى رجل الأمن ونشعر بالآمان.
بالآمان!
لا نخاف منه هو الآخر.
لا نرتعش ونحن نقف أمامه.
لا نرتعد ونحن نتحدث معه،
لا نداري أعيننا منه، ونحن ندعو الله أن يكفينا شره.
ننظر إليه ونقول واثقين "إنه يعمل من أجل حمايتنا"،
" فعلاً".
لا نخاف من رجل الأمن.
تخيلي!
تخيلي واقعاً لا نشعر فيه بالخوف على لقمتنا.
نعمل، نكد، ونكدح،
نذرف عرقاً،
لكننا نرى مردوده أمامنا، يتجسد لنا ما دمنا نعمل من أجله.
لا نجري فيه في دوامة يومية،
نلهث ونلهث،
نشقى ونشقى،
ثم تتطاير أوراق النقد قبل إكتمال منتصف الشهر.
مدري عووووووووو,,,, مدري نيوووووووووووو.
يا طالب الدبس من طيز النمس ... كفاك الله شر العسل
مافي الله لتروح اسرائيل.