بقلم الدكتور زغلول نجااار
اقتربت الساعة وانشق القمر; وهؤلاء قد لا يعلمون أن عمر الأرض التي نحيا عليها يقدر بنحو خمسة آلاف مليون سنة( علي أقل تقدير), وأن عمر مادة كل من الأرض والكون المحيط بها يقدر بنحو عشرة آلاف مليون سنة( علي أقل تقدير), وأن بعثة المصطفي( صلي الله عليه وسلم) كانت منذ أربعة عشر قرنا فقط, ونسبة هذا التاريخ إلي ملايين السنين التي مضت من عمر كل من الأرض والكون يؤكد قرب نهاية العالم. ولذلك يروي عنه( عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم) قوله الشريف: بعثت أنا والساعة هكذا وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي. وهي قولة حق خالص, وإعجاز علمي صادق لأنه لم يكن لأحد في زمانه( صلي الله عليه وسلم) أدني تصور عن قدم الأرض إلي مثل تلك الآماد الموغلة في القدم; وهذا كاف للرد علي الذين قالوا إن في استهلال سورة القمر بالقرار الإلهي اقتربت الساعة وانشق القمر إيحاء بأن انشقاق القمر مرتبط باقتراب الساعة, بمعني أنها إذا جاءت انشق القمر, لأن المعجزة قد وقعت فعلا علي زمن رسول الله( صلي الله عليه وسلم). وقد يشير إلي ذلك وجود شق كبير بالقرب من القطب الجنوبي للقمر علي الوجه الذي لا يري من فوق سطح الأرض يزيد طوله علي225 كيلو مترا ويدعمه عدم تماثل نصفي القمر الحالي, ويؤكده وصف القرآن الكريم لنهاية القمر بابتلاع الشمس له( لا بانشقاقه) وذلك كما جاء في قوله( تعالي):
فإذا برق البصر, وخسف القمر, وجمع الشمس والقمر( القيامة:7 ـ9).
ويأتي العلم في قمة من قممه مؤكدا تباعد القمر عن الأرض بمعدل ثلاثة سنتيمترات في كل سنة مما يشير إلي حتمية دخوله في مجال جاذبية الشمس فتبتلعه, وإن كان ذلك ـ كغيره من إرهاصات الآخرة سوف يتم بالأمر الإلهي: كن فيكون, وليس بالسنن الدنيوية التي يبقيها لنا ربنا( تبارك وتعالي) لإثبات إمكان وقوع الآخرة; بل حتميتها.
وبعد فراغي من الإجابة علي سؤال السائل الكريم وقف بريطاني مسلم عرف نفسه باسم داود موسي بيدكوك
(DavidMusaPidcock)
وبمنصبه كرئيس للحزب الإسلامي البريطاني, واستأذن في إمكان إضافة شيء إلي ما قلته في إجابتي فأذنت له بذلك فقال: إن هذه الآية كانت مدخلي لقبول الإسلام دينا, فقد شغفت بعلم مقارنة الأديان, وأهداني صديق مسلم نسخة من ترجمة معاني القرآن الكريم فأخذتها منه شاكرا وتوجهت بها إلي مسكني, وعند تصفحها لأول مرة فوجئت بسورة القمر فقرأت: اقتربت الساعة وانشق القمر ثم توقفت متسائلا: كيف يمكن للقمر أن ينشق ثم يعود ليلتحم؟ وما هي القوة القادرة علي إعادته إلي سيرته الأولي؟ فتوقفت عن القراءة وكأن هذه الآية الكريمة قد صدتني عن الاستمرار في ذلك...!!
ولكن لعلم الله( تعالي) بمدي إخلاصي في البحث عن الحقيقة أجلسني أمام التلفاز لأشاهد حوارا بين مذيع بريطاني يعمل بقناة التليفزيون البريطاني
B.B.C
واسمه جيمس بيرك
(JamesBurck)
وثلاثة من علماء الفضاء الأمريكيين, وجري عتاب علي الإسراف المخل في الإنفاق علي رحلات الفضاء في الوقت الذي تتعرض جماعات بشرية عديدة لأخطار المجاعات, والأمراض, وانتشار الأمية بين البالغين, ولمختلف صور التخلف العمراني والعلمي والتقني.
ووقف علماء الفضاء مدافعين عن مهنتهم بأن الإنفاق علي رحلات الفضاء ليس مالا مهدرا لأنه يعين علي تطوير تقنيات تطبق في مختلف المجالات الطبية والصناعية والزراعية, ويمكن أن تعود بمردودات مادية وعلمية كبيرة, وفي غمرة هذا الحوار جاء ذكر رحلة إنزال رجل علي سطح القمر علي أنها كانت من أكثر هذه الرحلات كلفة فقد تكلفت عشرات المليارات من الدولارات. فسأل المحاور: هل كان كل ذلك لمجرد وضع العلم الأمريكي علي سطح القمر؟ وجاءت الإجابة بالنفي, وبأن الهدف كان دراسة علمية لأقرب أجرام السماء إلينا; فسأل المحاور: ألم يكن من الأجدي إنفاق تلك المبالغ الطائلة علي عمارة الأرض؟ وجاء الجواب بأن الرحلة أوصلتنا إلي حقيقة علمية لو أنفقنا أضعاف هذا المبلغ لإقناع الناس بها ما صدقنا أحد...!!
فسأل المحاور: وما هذه الحقيقة العلمية؟ فكان الجواب أن هذا القمر كان قد انشق في يوم من الأيام ثم التحم بدليل وجود تمزقات طويلة جدا وغائرة في جسم القمر, تتراوح أعماقها بين عدة مئات من الأمتار وأكثر من الكيلو متر وأعراضها بين نصف الكيلو متر وخمسة كيلو مترات وتمتد إلي مئات من الكيلو مترات في خطوط مستقيمة أو متعرجة. وتمر هذه الشقوق الطولية الهائلة بالعديد من الحفر التي يزيد عمق الواحدة منها علي تسعة كيلو مترات, ويزيد قطرها علي الألف كيلو متر, ومن أمثلتها الحفرة العميقة المعروفة باسم بحر الشرق
(MareOrientalis).
وقد فسرت هذه الحفر العميقة باصطدام أجرام سماوية بحجم الكويكبات
(ImpactofAsteroid-SizedObjects)
أما الشقوق التي تعرف باسم شقوق القمر
(RimaeorLunarRilles)
فقد فسرت علي أنها شروخ ناتجة عن الشد الجانبي
(TensionalCracks)
أو متداخلات نارية علي هيئة الجدد القاطعة, ولكن أمثال هذه الأشكال علي الأرض لا تصل إلي تلك الأعماق الغائرة, ومن هنا فقد فسرت علي أنها من آثار انشقاق القمر وإعادة التحامه.
يقول السيد بيدكوك: حين سمعت هذا الكلام انتفضت من فوق الكرسي الذي كنت أجلس عليه أمام التلفاز, وتساءلت: معجزة تحدث لمحمد( صلي الله عليه وسلم) من قبل ألف وأربعمائة سنة يثبتها العلم في زمن التقنية الذي نعيشه بهذه البساطة, وبهذا الوضوح الذي لا يخفي علي عالم في مجال علم الفلك اليوم, فلابد أن يكون القرآن حقا مطلقا وصادقا صدقا كاملا في كل خبر جاء به; وعلي الفور عاودت القراءة في ترجمة معاني القرآن الكريم, وكانت هذه الآية التي صدتني في بادئ الأمر عن الاستمرار في قراءة هذا الكتاب المجيد هي مدخلي لقبول الإسلام دينا.
ولا أستطيع أن أصف لكم وقع هذه الكلمات, ووقع النبرة الصادقة التي قيلت بها علي كل الحضور من المسلمين وغير المسلمين فقد هزت القلوب والعقول, وأثارت المشاعر والأفكار, ولم أجد ما أقوله أبلغ من أن أردد قول الحق( تبارك وتعالي):
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد( فصلت:53).
المصدر الدكتور زغلول نجار
|