2006/02/11
فرانسوا باسيلي
لماذا تخلف العرب عن ركب الحضارة المعاصرة المتوثبة؟
كان هذا هو السؤال الاهم الذي شغل المفكرين العرب منذ اصطدام طلائعهم الاولي بالحضاره الغربية المتفوقة. وحدثت هذه الصدمة اولا مع دخول نابليون الي مصر بعتاده وعلمائه ومدافعه فصدم المصريون الذين كانوا يدافعون بالسيوف والخيول صدمة حضارية هائلة اكتشفوا معها مدي تخلفهم عما وصلت الية الحضارة الغربية، ثم تأكدت الصدمة بعد ذلك عندما بدأت طلائع الدارسين والمفكرين المصريين والعرب تزور اوروبا وخاصة لندن وباريس لتكتشف اسلوبا مختلفا تماما في الحياة وفي التفكير وفي التدبير، ووجدوا حضارة باهرة تتجلي في مدن عامرة زاهرة تتميز بالتخطيط العمراني الرشيد وبالجمال والذوق والنظام والنظافة.. مما لم تعرفه اكبر المدن العربية وقتها وهي القاهرة. كما اكتشفوا في الانسان الاوروبي نمطا انسانيا مغايرا لما عرفوة فيمن حولهم.. فهو انسان جاد يعمل بحزم ونشاط وامانة واتقان. كما انه انسان هاد، متعقل لا ينفعل وينفجر لاتفه الاسباب ولا يتقلب في طباعة من النقيض للنقيض ولا يبالغ حتي ان الصفة التي اطلقها المصريون علي الانكليز هي صفة: البرود حين وجدوهم يواجهون الامور بشكل عام بهدوء وعقلانية وليس بانفعال وعاطفية مثل الانسان في الشرق ولم تخف علي هذه الطلائع العربية التي ذهبت الي باريس ولندن للزيارة او للدراسة ان لهذه الحضارة الغربية المختلفة التي صدموا بها جوانبها المتكاملة في منظومه حضارية شاملة تتضمن مختلف الفنون والعلوم من عمارة وهندسة وصناعة وطب إلي علوم عسكرية وادارية وانسانية الي الفنون بانواعها من موسيقي ورقص ورسم ونحت الي مسرح وادب وشعر وقصة. يصاحب هذا كله سرعة لاهثة نحو التغيير واكتشاف الجديد والتقدم والابتكار والاختراع، فكل ما حولهم من مظاهر حضارية واليات تقنية ومدارس فكرية وفنية ونظريات علمية هي منتجات الحاضر وليس الماضي التليد.. عمرها كله لا يتجاوز القرن الواحد منذ بزوغ الثورة الصناعية وسيطرة افكار عصر النهضة ومبادئ التنوير التي حررت العقلية الاوروبية من الاغلال الفكرية التي كانت تكبله بها هواجس التزمت الديني والرؤية الدينية المتشددة المنغلقة للحياة.. فاذا بالعقل الاوروبي المتحرر ينطلق كطفل فرح، مندهش ليكتشف اسرار الكون سرا بعد سر وليبدع في كل مجال وكل مكان وقد خفت في وجدانه صوت المتاجرين بالدين المتوعدين بجهنم وبئس المصير.
كان طبيعيا ان يتساءل هؤلاء الزوار العرب الاولون عن اسباب تفوق الاوروبيين وتخلف العرب. وكان طبيعيا ان يبدأ البحث عن الاجابة في اكثر جوانب الاختلاف وضوحا. وكان من السهل ملاحظة ان الأوروبيين يختلفون عن المصريين والعرب في الدين واللغة والشكل الجسدي.
كانت اللغة هي اسهل هذه العوامل في تفنيدها واستبعادها اذ ان اوروبا نفسها لا تتكلم لغة واحدة اذ هناك الانكليزية في لندن والفرنسية في باريس والالمانية في برلين وهذه كلها مراكز حضارية بارزة اذن ليست اللغة هي مفتاح الحضارة الاوروبية وبالتالي ليست اللغة العربية هي سبب التخلف العربي.
اختلاف الدين كان عاملا اكثر صعوبة علي التفنيد والاستبعاد اذ ان اوروبا برمتها كانت تدين بالمسيحية سواء في مذهبها الكاثوليكي في فرنسا او البروتستانتي في انكلترا والمانيا بينما كان المصريون والعرب بشكل عام يدينون بالاسلام. ولكن اختلاف الدين لم يصمد طويلا كسبب اساسي لتخلف العرب لان العرب قرأوا لباحثين ومؤرخين اوروبيين يعترفون بالتفوق السابق للحضارة الاسلامية حينما كانت اوروبا تعاني الاندحار والتخلف بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ورقاد اوروبا كلها في ظلمات العصور الوسطي بينما كان الشرق العربي من بغداد الي الاندلس يتوهج بالعلوم والفنون والمدنية الزاهرة. وراينا عالما مسلما مثل ابن خلدون يؤسس علم الاجتماع ومفكرا مثل ابن رشد يضع العقل فوق النقل وفوق النص ورأينا الاندلس العربي يحتضن الاقليات اليهودية والميسحية في تفتح وتسامح لم تعرفه اوروبا بعد ذلك بسنوات طويلة حين راحت تنصب محاكم التفتيش لكل من يختلف عن الفكرالسائد المتزمت.
اما اختلاف الجنس اوالعرق الذي يظهر واضحا في الشكل الاوروبي ذي العيون الزرقاء والخضراء والبشرة البيضاء والشعر الاشقر والذي قد تؤيده بعض الدراسات الانثرويولليجية فهو الآخر لم يصمد طويلا كسبب للتخلف العربي اذ يمكن حتي للانسان العربي الجاهل سواء في صعيد مصر او في العراق او لبنان ان ينظر حوله ليري آثار حضارات قديمة صنعها اجداده في فجر التاريخ. هذا اذن انسان عرف كيف يصنع الحضارة ذات زمن سحيق بينما كان قرينه في اوروبا يعيش في عصور ما قبل التاريخ او ما قبل الحضارة. فاذا صنع المصري تلك الحضارة المصرية الشاهقة في فجر الانسانية فلماذا يتخلف عن الحضارة الانسانية اليوم؟
يتبع
عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you