سعد الحريري والتحضير للعركة القادمة
سعد الحريري والتحضير للعركة القادمة
انطون أبو العز
ينط كالبهلوان على عصا الزانة ،أو كالسعادين على الاشجار ، بتنا لا نعرف له موقعا ولا مستقرا ... بيته الطائرة ، ووجهته أرض الله الواسعة ... الى أين ؟ لا أحد يدري ( ربما ) ... أو ( ربما ) حسب التوجيهات .
من فرنسا الى امريكا الى السعودية الى مصر الى هونولولو ، وربما سرا الى دول أخرى !!!
ماذا يريد ؟ لا أحد يدري ( ربما ) ... أو ( ربما أيضا ) لا يريد ، بل يراد من خلاله .
هل هو الثأر لمقتل والده ؟ ربما ... ويمكن أن يكون عارفا بالحقيقة وساكت عنها ، أو يسير حسب ما تمليه عليه الارادات الاخرى ؟ .
الواضح بالامر ، انه أختار رفاق دربه ، أو لنقل اسياده .... وأختار طريقه ، الديمقراطية الامريكية يدا بيد مع قضيب الزعرور وسارق أرز الرب .
نصحه أولياء أمره ، واصحاب الفضل عليه وعلى والده ، بالتعقل ، فطار عقله ، وطار بطائرته الى باريس وبعد محادثاته مع شيراك الذي ربما أعلن عدم قدرته على ما يريد منه ونصحه بالام الحنون الجديدة أمريكا الغيورة على مصالح لبنان والعرب ، فحط العصفور الطيار باحضان سيدة القصر الابيض كونداليزا رايس ثم كان اللقاء مع مستشار بوش للامن القومي ستيفن هادلي ، ثم مع نائب الرئيس الامريكي شيني ثم لوغار ، وتوج بجلسة حب وغرام على انغام ذكريات الوالد الحبيب ..
حاجة غريبة ، كما يقول إخواننا المصريين ، من كان يخطر بباله يوما أن ينتفض سعد على اسياد نعمته الذين صنعوه وصنعوا اباه وعائلته من قبله ... من كان يظن انه سيأتي اليوم الذي يستطيع فيه سعد الحريري أو أي حريري آخر أن يرفض طلبا للملك عبدالله ، وكنا نراه يخر ساجدا على قدميه مقبلا يده عند كل مقابلة متهيبا حتى النظر بعينيه ...
هل هو العقوق ونكران الجميل .؟ .. أم الاستقواء وانتفاء الحاجة ؟
هل اتى الوقت الذي ينقلب فيه التمثال الذي صنعته السعودية باناملها الى متمرد عليها وخارج عن إرادتها ؟
ثلاثة أمور لا رابع لهم يمكن ان يبرروا موقف هذا العاق الخارج عن طوع اسياده ... ولنا حق الاستفسار والتساءل عن ايهم أصوب ، وليتفضل السيد سعد ( لانه حتما فقد لقب الشيخ ) ويجيبنا عنهما .
اولا : ما يمكن أن يبرر هذا الانقلاب المفاجيء هو أن يكون السيد الحريري قد توصل الى معرفة قتلة ابيه ، وإن السعودية لها ضلع بذلك مع سوريا ربما ، وهذا أمر أربأ بالسعودية أن تكون وراءه ، ولكنه أحد المبررات التي تبيح للسيد سعد أن يتخذ موقفه هذا ... وبذلك يمكن أن نمنحه الحق بأن يفعل ما يريده وأن يبقى متحفظا عن ذكر الاسباب حرصا على مصالحه وأعماله . فيكون بذلك قد أمسك ورقة رابحة بيده تقيه رد الفعل من جلالة الملك ، وأكثر من ذلك يمكن أن تكون ورقة ضغط يساوم فيها على كل شيء في سبيل مصلحته وإن كان ذلك على حساب دم ابيه وعلى حساب الحقيقة التي يتبجح بها .
ثانيا : أن يكون سعد الحريري مطمئنا كل الاطمئنان عن مصير اعماله مراهنا على شيء كبير يعلم خفاياه وأسره له اسياده الجدد في البيت الابيض من ضمن المخطط الكبير للشرق الاوسط الجديد الذي يطبخ في كواليس الكونغرس والبينتغون الذي اصبح الحريري من اعضاء الشرف فيه ، في أحضان اصحاب القرار الامريكي. هذا الامر المستور لا بد أن يكون فيه ضمانا ورهانا مؤكدا على مؤامرة تحضر للملكة العربية السعودية للاطاحة بنظامها والاتيان بنظام آخر أشد ولاء لبوش واتباع بوش وزبانية بوش على انغام الديمقراطية والحرية التي يريدون تصديرها للمنطقة ... فيكون بذلك قد خسر شيئا حاضرا ليكسب اشياء في المسقبل لجماعة ( المستقبل ) الذي يبشر به .
لأنه إن كان الامر لا يتعدى ضغط امريكا على السعودية للسكوت عليه بناء لرغبته أو لرغبتهم ، فإن الامر ، وإن أدى الى انصياع السعودية قصرا ، فإن الملك عبدالله ، المشهور برجولته وبداوته التي تطبع فيها ، والذي يعرفها سعد جيدا ، سيمد الحبل له قليلا ، وسينحني لمصلحة بلاده حتى تمر العاصفة وبعدها سينقض عليه كالاسد الجريح أمام حمل ظن نفسه يوما إنه اسد .. أو ظن إن سبعه القابع في وزارة داخليته يمكن أن يحميه من براثن الاسود ..
وهذا يعني خيانة لوطنه الاول ( حيث هو سعودي أولا بحكم الولادة والانتماء والولاء والجنسية ) ، ويكون قد أعطى العالم مثلا جديدا في العرفان بالجميل ورد المعروف ، وستتندر به الامثال ويذهب اسمه بالتاريخ ( عاق كسعد ) كما يقال ( كريم كحاتم ، وبخيل كاشعب ) ...
الامر الثالث ، هو أن يكون متورطا مع صاحبه جنبلاط ، الذي أقر واثقا ، انه رغم كل شيء ومهما حصل ، فإن حلفه مع الحريري الابن مقدس وسيدوم الى مئة سنة ... فإن كان الامر ثأرا لابيهما ، فمعنى ذلك إن القاتل معروف لديهما ليس شبهة بل تأكيدا وبدلائل دامغة لا تدع مجالا للشك ، وعليه فمن واجبهما أن يقدما الدليل الذي يملكانه ، لتظهر الحقيقة ، وتنتهي قصة ابريق الزيت ... ونخرج من هذا المستنقع الذي وضعونا به ...
وإن كان ذلك حقيقة ، فلا أرى مبررا لاخفائها سوى الاستغلال الرخيص والمتاجرة بالدم ... أو مبرر آخر يملك وحده حقيقته مع موجهه وقائد مسيرته جنبلاط ، هو سر العلاقة المشبوهة بين هذين الرجلين ، وقدرة هذا الرجل على تسييره بالخط الذي يريده ووفق ما يرسمه له دون ابداء رأي أي ممانعة .. فما هو هذا السر يا ترى ؟
وما هي الورقة التي يحملها جنبلاط على الحريري لتجعله فاقدا للارادة مضحيا حتى بمصالحه ومصالح الالوف من عماله من أجل خاطر جنبلاط والعلاقة الوطيدة المقدسة بينهما ؟ أم هي صفقة كبيرة أكبر من المصالح الآنية التي يمتلكها الحريري بحكم العلاقة مع السعودية ؟
وبالنسبة للبنان ، هل تم بيعه لامريكا وقبض ثمنه ؟ وهل يكون الثمن وعدا بدويلات ينصب فيها سعدا وجنبلاط وجعجع وشيعي موالي كباسم لسبع مثلا ( استنادا الى تواجده الدائم معه كممثل للشيعة في قوى 14 آذار ) حكاما لإمارات فدرالية موالية لاسرائيل وبوصاية أمريكية ، فيكونوا بذلك قد أمنوا تمثيلا كاملا لطوائف لبنان ... وأمنوا دولة يحكمونها وفق رغباتهم وأهوائهم مفتوحة على اسرائيل ومقرا ومستقرا لامريكا تتحكم من خلالها بالمنطقة .
وهنا تكمن مراهنة هؤلاء على دعم أمريكي واضح للعيان ، ومطلق ... ومن أهم شروطه تنفيذ ما تبقى من بنود القرار الامريكي 1559 ، والقاضي بنزع سلاحي المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية ، الذي بات يشكل الهاجس الاكبر لاسرائيل وأمريكا اللتين فشلتا بكل امكانياتهما العسكرية والإرهابية من تحقيق أي نصر عليهما ، بل على العكس مرغا رأسيهما بالتراب .
فهل يكون البديل سلاح أمريكي وتقنية وخبرات اسرائيلية بيد حريرية وجنبلاطية وجعجعية هذه المرة .. وهل يراهن هؤلاء على قوى الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي الذين بدؤا باحكام سيطرتهم عليه من خلال تغيير قياداته وتوجهاته وخطه الوطني ،ومن خلال اختيار بعض العناصرالقيادية الموالية منه أو تطعيمه بعناصر مواليه قيادية جديدة من خارج السلك يتم تثقيفها وتدريبها في معسكرات الجيش الامريكي بالاردن والعراق وأمريكا ، اضافة الى مرتزقة من اتباعهم أو مستوردين من الخارج يتم تدريبهم وتحضيرهم للفتنة الداخلية بحجة حمايتهم وحماية مصالحهم ؟
هل بات التنفيذ قريبا ؟ هذا هو السؤال ... والظاهر ان الجواب نعم ...
لقد أخذوا وقتهم للتحضير وجاء وقت التنفيذ ، كذبوا على المقاومة وهذا ليس عيبا في عرف السياسة التي يتبعونها ، فالكذب ملح سياستهم والخيانة ديدن طباعهم ، ولا بد لنا هنا من متابعة فصول هذه المؤامرة والالمام بخيوطها ومراحلها التي تمت على مراحل مدروسة ومخطط لها وفق تسلسل الاحداث كالتالي :
المرحلة الاولى : وتتمثل بالاستفراد بالمقاومة وتجريدها من عناصر قوتها دون معاداتها أو شن الهجوم عليها ( لا بل التحالف معها في البداية وبطريقة ذكية دبلوماسية سياسية) وتتمثل هذه المرجلة التي تم تطبيقها فعلا بالامور بتحقيق الاهداف الاستراتيجية التالية :
• إخراج الجيش الشامي وبسرعة من لبنان على خلفية اغتيال رفيق الحريري ومحاولة اغتيال مروان حمادة واتهام النظام الشامي بذلك ، وإقناع العالم بضرورة هذا الخروج وتصويره بالمحتل رغم شرعية وجوده ، واتهامه بالسيطرة على لبنان ومحاولة قضمه .. ( وقد تأمن لهم ذلك عبر الضغوط العالمية والعربية ).
• إيجاد شرخ بالعلاقة اللبنانية الشامية ، وابراز حالة عداء بين شعب البلدين ، وقد لعب الاعلام دورا كبيرا على هذا الصعيد بأيد مأجورة حقنت النفوس بالبغض والكراهية ، حتى بات الشعب بالشام بعد خروج جيشه مناديا ( يا جماعة خذوا لبنان واعملوا فيه ما تريدون بس حلو عنا ) .
• تم الهاء النظام الشامي بأموره داخلية طارئة ، وصب اهتمامه للحفاظ على وجوده وبقائه ، من خلال تحريك المؤامرات الداخلية وإبراز المعارضة الخارجية وتحريك بعض رموز النظام السابقين الحانقين أو المأجورين لتغيير النظام التي استفاقت امريكا فجأة وبهذا التوقيت إنه نظام فاسد وديكتاتوري وقامع للحريات• قطع الطريق عن وصول أي مساعدات خارجية للمقاومة عن طريق اقفال المعابر بين البلدين ووصفها باللاشرعية ومراقبة الحدود وإحكام السيطرة عليها ، والمطالبة بترسيم الحدود لزيادة الضغوط على الشام ودراسة المواقع التي يمكن ان تنفذ منها المساعدات بدقة بالغة لاغلاقها والسيطرة عليها .
• اسقاط النظام اللبناني القديم بخطه الوطني الممانع والمؤيد للمقاومة والعلاقة مع الشام وذلك بداية من التصويب على عدم دستورية التمديد لرئاسة الجمهوربة ومرورا باتهام النظام الامني اللبناني بالمشاركة بعمليات الاغتيال وسجن قياديه وتسريح معاونيهم ومن يمت لهم بصلة وإقالتهم و تجريدهم من صلاحياتهم ، وتعيين الموالين للنظام الجديد مكانهم .
• اسقاط الحكومة ومجلس النواب القديم ورموز الحقبة لسابقة من خلال اتهامهم بعمليات الاغتيال والتبعية للشام ،ودلك عبر ضغط الشارع ، ولم يكن ليتأمن لهم تحقيق ذلك لولا كذبهم واحتيالهم عن طريق تحييد المقاومة وانصارها عن حلبة الصراع ووعدها بالمحافظة عليها وعدم استهدافها ، وللاسف فقد وقعت المقاومة في الفخ الذي نصبوه لها ، لا بل ساعدتهم بالوصول الى السلطة والمجلس النيابي وسلطة القرار ، طمعا بالاستقرار ودرءا للفتنة ووضعا للثقة في غير مكانها ، وكان ذلك بمثابة انقلاب أبيض قلب المقاييس رأسا على عقب .
• محاولة خلق شرخ بين المقاومة وشرائح المجتمع الاخرى ، وذلك من خلال التركيز على تمثيلها لطائفة واحدة بلبنان بحكم تواجدها ، واعتبارها مقاومة أو ميليشيا شيعية وزرع فتنة ما زالت نارا تحت الرماد بين ابناء المذهبين الشيعي والسني اضافة الى طوائف لبنانية أخرى والتركيز ايضا على تبعيتها لايران بحكم وحدة المذهب .
• التركيز على انتهاء تطبيق القرار 425 ووجوب دراسة مصير السلاح الموجود لدى المقاومة عبر تسليمه للجيش تارة ، أو تخزينه تحت اشراف الدولة تارة أخرى ...
ومقاربة سلاح المقاومة مع أي سلاح لدى أي شريحة أخرى لدى اللبنانيين ، من خلال المعاملة بالمثل ، فبما إن الشيعي يمتلك السلاح ( سلاح شيعي لا سلاح مقاومة ) فمن حق الطوائف الاخرى حمل السلاح أيضا .
• تحريك ملف السلاح الفلسطيني والضغط على السلطة الفلسطينية وتطويق المواقع التي تقع خارج المخيمات بغية تجريدها من السلاح الذي يمكن أن يكون عنصرا مساندا للمقاومة في حال استفرادها من باب وحدة الهدف .. ثم قيام حملة منظمة ضد الفلسطينيين ( الارهابيين بعرفهم ) وتذكير اللبنانيين بمقولات منها طريق فلسطين تمر بجونية او الناعمة .. واقتل فلسطينيا تنقذ لبنان وغيره من الاقوال التي تضع شرخا بين الشعب الفلسطيني واللبناني .
• خلق حال من النزاع بين ايران الداعمة للمقاومة ودول العالم ، عن طريق اثارة مسألة اسلحة الدمار الشامل ، لالهاء ايران بدفاعها عن حقها بتخصيب اليورانيوم وحماية اراضيها ، وتهديدها بفرض عقوبات اقتصادية عليها او توجيه ضربة عسكرية وقائية ضدها ، واقفال الطريق عن أي مساعدات يمكن ان ترسلها للمقاومة عن طريق الشام وعبر التركيز على خطوط النقل ومراقبة خطوط الامداد
Nothing Else Matters
عندما قرر ادم اكل التفاحة لم يكتفي بقضمها بل اكلها كلها ربما كان يعرف انه ليس هناك فرق بين انصاف خطايا وخطايا
jesus i trust in you
|