كتب: (لم يعد لي مكان في الأرض) :
"أحبك.. أحبك جداً" .. قالها وهو يمسد شعرها المنسدل فوق كتفيها...
"أردت أن أعبر عن حبي لك منذ سنين.. ولكن هذا ليس بالمهم، فأمامنا العمر كله لنمضيه سوية..
"أرجوكِ .. انظري إلي وأجيبيني!!"
أدارت وجهها نحوه، وإذ به يفاجأ بوجهها المليء بالبثور وقد غطاه القيح النتن الرائحة، وعينيها الغائرتين كعيني الوحوش، وابتسامتها الخبيثة التي كشرت بها عن أنيابها..
استيقظ مذعوراً. مد يده إلى الطاولة بجانبه، شرب كوب الماء دفعة واحدة..
"كما هي العادة.." تمتم لنفسه "نفس الكابوس اليومي ونفس النهاية البشعة.."
عدّل من وضعيته في السرير، وأخذ يتأمل الضوء الخافت عبر النافذة..
متى ستنتهي قصته هذه.. إنه لم ينعم بطعم النوم منذ شهور، فهذا الحلم المزعج يلاحقه كلما أغنض عينيه..
لقد أحبها منذ سنتين.. مذ رآها للمرة الأولى في الجامعة وأدرك أنها قدره ومصيره..
كان حبها ينمو في داخله كل يوم، وخوفه من فقدانها يكبت توقه لمصارحتها..
قرر أن يصارحها بحبه عشرات المرات، وبعد أن يجلسا لوحدهما كان بشعر أن الهواء انقطع عن رئتيه، ييذل جهده ليتكلم، لكن شفتاه ترفضان الامتثال لأوامر صاحبها، وتتحدثا عن الطقس أو عن صعوبات الدراسة..
"كم أنت غريب الأطوار!" قالت له في إحدى هذه المرات بعد أن طلبها لأمر هام، وإذ به يتحدث عن اكتشاف مبيدٍ حشريّ سيحسن محصول أهله في القرية هذا العام..
هكذا كان يمضي حياته.. كوابيس مزعجة وقرارات في الليل، ومن ثم التراجع والتأجيل عن تنفيذ هذه القرارات في النهار..
حدق في النافذة طويلاً، إلى أن أحس أن الأضواء بدأت تسطع عبرها.. أدرك أن الشمس قد أشرقت.. لبس ثيابه على مهل، شرب فنجاناً من القهوة، وانطلق إلى الجامعة..
افترب منه صديقه وسأله:"يبدو عليك الإرهاق، ألم تنم البارحة أيضاً؟" أومأ برأسه وقال بصوت خافت:"أنت تعرف أن الامتحانات على الأبواب، ولدينا الكثبر لندرسه.."
ولكن زميله علق قائلاً: "امتحانات.. امتحانات.. وهل سنقضي حياتنا في هذه الترهات!! تعال، أريد أن أن أخبرك شيئاً.. إن صديقك مغرم، ولكنك لن تخمن من أحب!! إنها أجمل فتاة في الكلية، ذات الشعر الأسود، والعينين الرائعتي الجمال.. لقد سهزنا البارحة معاً.. ها.. انظر إنها هناك..."
نظر إلى حيث أشار صديقه.. ذهل لهول ما رأى.. لقد كانت هي نفسها، أجمل فتاة على وجه الأرض، كانت هي نفسها فتاة أحلامه.......
تثبت في مكانه و لم يأتي بأية حركة ثم تكلم بصوت أعياه التعب تلعثم بضع كلمات ثم رحل
نعم ذهب إلى منزله أو بالاحرى إلى سريره لعله يكون شاهدا له عما حدث
لعله يستطيع أن يبوح له بإحساسه الذي لم يستطيع أن يبوح به لأحد
أتى صامتا دخل إلى غرفته جلس على سريره انطلقت الدموع تنهمر على خديه دون سابق تصميم نظر إلى سريره و قال
- ارايت ما حدث لي
- لقد قلت لك أكثر من مرة عليك أن تعترف بحبك لها
- نعم حاولت و لكن لم اقدر
- لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- لقد تخيلتها زهرة........... زهرة جميلة خفت عليها ان تقطف فتذبل فكتفيت بمراقبة جمالها من بعيد
- ما الجدوى فلقد ملت هذه الزهرة و ارتمت في اول مزهرية حملتها
جلس صامتا مدة قد أحسها دهرا و هو يفكر بما سيفعله كيف سوف ينظر اليها و الى صديقه
آه ما أصعبه من موقف لماذا اعتاد القدر أن يكافئني بهذا الشكل من الأشكال لماذا اعتاد أن يعطي لعبتي الجميلة إلى غيري و أن يبقيني أتفرج من بعيد
و أخيرا انتصب و البسمة تعلو شفتاه و ابتدأ بالضحك الذي لم يتوقف حتى الآن
|