أو القديسة أو عذراء أورليان (1412 ـ 1431م)، وجان دارك فلاحة فرنسية، شديدة الإيمان، روت الحكايات الفرنسية عنه أنها سمعت صوتاً ربما كان صوت العذراء مريم يناديها، فهبت لتحمل فكرة تحرير فرنسا من المحتلين الإنكليز، وجاهدت كثيراً، ووقفت العناية الإلهية إلى جانبها، حتى استطاعت إقناع الملك الفرنسي المتخاذل آنذاك باستلام سلطته، وقد تمكنت من ذلك بفضل معجزة من المعجزات. ثم أجبرت بعد ذلك الإنكليز على رفع الحصار عن أورليان بفضل بسالتها في قيادة مجموعة صغيرة من المقاتلين، وتوَّجت شارل السابع ملكاً على فرنسا. وتروي حكايتها الشعبية أن جان دولوكسمبور باعها إلى الإنكليز بعد كل ذلك فأعلنوها ساحرة، وتم إحراقها حية في 30 أيار 1431 في روان، لكن الشعب والكنيسة أعادا الاعتبار لها في عام 1450، وأصبحت طوباوية عام 1909، ثم قديسة عام 1920.
إن المطلع على حكاية جان دارك الشائقة، التي صنعت السينما منها عدة أفلام، يلمس تدخل الخيال الشعبي الفرنسي في رسم ملامحها وتقديم بطولاتها وقدراتها الخارقة، إنصافاً من هذا الشعب لشخصية لعبت الدور الأكبر في تحريره من الإنكليز. والطريف كما ترون أن جان دارك فلاحة، أي من عمق الشعب، وكأن الخيال الشعبي قد أراد أن يؤكد أن الطبقات الفقيرة الشعبية هي القادرة على التحرير ورد الغزاة وليس الملوك. ومن التاريخ الفرنسي أيضاً يمكن أن نقف عند شخصية رولان، وهو أشهر الأبطال الأسطوريين في دائرة شارلمان الأسطورية، وغيره وغيره. ومن إيطاليا في العصر الحديث تلفت الانتباه الحكايات الشعبية عن موحّد إيطاليا جسبي غاريبالدي (1807 ـ 1882)، وهو بطل عسكري حارب لتوحيد إيطاليا وجعلها مملكة واحدة. ومن تلك الحكايات أن بعض السيدات الإيطاليات كن يقسمن أن الرصاص كان يثقب معطف عاريبالدي في كل معركة، فإذا ما خلعه تساقطت منه المقذوفات بكميات كبيرة، تلك المقذوفات التي لم تستطع اختراق جسده بإرادة الرب! وكم من أشياء مشابهة صاغها سكان أمريكا اللاتينية عن محررها سيمون بوليفار، وبعد ذلك عن تشي غيفارا وغيرهما.