ويتكلم الرب يسوع المسيح هنا عن ثلاث حقائق جوهرية ، الأولى عن المن الذي أرسله الله الأب إلى بنى إسرائيل في البرية كطعام جسدي لغذاء الجسد فقط فترة وجودهم في برية سيناء ليقيهم من الموت جوعاً ، والثانية عن نزوله من السماء كابن الله الحي الذي نزل من السماء لأجل خلا العالم ، أو كما قال " الخبز الحي الذي نزل من السماء " لكي يبذل نفسه عن حياة العالم ، والثالثة عن تقديم هذا الخبز السماوي ، أي جسده ودمه ، من خلال تحول الخبز والخمر في سر التناول إلى جسد حقيقي ودم حقيقي لغذاء الروح ، حيث يقول هو " جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق ، من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه " ، انه يتكلم عن جسد حقيقي لابد أن يأكله الإنسان أكلا حقيقياً ودم حقيقي لابد أن يشربه الإنسان شرباً حقيقياً في سر التناول . ولأن الدم كان محرماً في العهد القديم حيث يقول الكتاب في سفر اللاويين " وكل إنسان من بيت إسرائيل ومن الغرباء النازلين في وسطكم يأكل دما
اجعل وجهي ضد النفس الأكلة الدم واقطعها من شعبها . لأن نفس الجسد هي في الدم فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم لان الدم يكفر النفس لذلك قلت لبنى إسرائيل لا تأكل نفس منكم دماً ولا يأكل الغريب النازل في وسطكم دماً. وكل إنسان من بنى إسرائيل ومن الغرباء النازلين في وسطكم يصطاد صيداً وحشاً أو طائراً يؤكل يسفك دمه ويغطيه بالتراب ، لان نفس كل جسد دمه هو بنفسه فقلت لبنى إسرائيل لا تأكلوا دم جسداً ما لان نفس كل جسد هي دمه كل من أكله يقطع " (لا10:17-13) . لذا كان لابد أن يقدم الرب يسوع المسيح دماً روحياً سمائياً بتحويل الخمر إلى دم حقيقي ولكنه ليس دم حيوان أو مخلوق آخر وإنما دم حقيقي متحول من الروح القدس بطريقة إعجازية سرية إلى دم المسيح نفسه ، مثلما سبق وحول الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل (يو2) ومثلما بارك الخمس خبزات والسمكتين وأشبع بهما اكثر من خمسة آلاف نفس (يو6) .
ثم يقارن بين هذا الخبز السماوي ، جسد ابن الإنسان الآتي من السماء وبين المن الذي سبق وأكله بنو إسرائيل ، فقد أكل بنى إسرائيل المن في البرية وماتوا لأن كان طعاماً جسدياً لغذاء الجسد فقط أما جسد الرب ودمه فهو طعام روحي يغذى الروح ويؤدى إلى الحياة الأبدية " من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الاخير