قطع صمت مكتبه رنين الهاتف ابتسم قليلا وهو يرفع راسه عن الاوراق التي كان يقلبها نظر الى ساعته بينما واصل الهاتف رنينه لقد قاربت الخامسة انها زوجته كالعادة تتصل قبل ان يترك مكتبه
في كل يوم شتوي في هذا الوقت كانت تتصل به لم يكن لينزعج من اتصالاتها الروتينية او اتصلاتها المفاجئة بل في الحقيقة كانت هذه الدقائق على الهاتف تريحه نوعا ما يحس في هذه المكالمات ابتعادا عن مشاكله اليومية لم تكن تاتي هذه الاتصالات بجديد لكن ............. من الصعب شرحها لكن من السهل الاحساس بشعوره
محبة هذه الاتصالات من محبة زوجته يحس نحوها بحب دافئ رزين يحب سماع صوتها الطفولي طريقة كلامها المرحة يحب رؤية البراءة في عينيها يا لها من طفلة نعم مجرد طفلة وعندما كانت تتصل به كانت تتصل لمجرد سماع صوته لا طلبات لا مشاكل لا نقود لا ذهاب لا اياب
ــ اهلا ــ .......................... ــ لا لن اتاخر ساخرج بعد قليل
ــ ..................... ــ خطط لهذا اليوم ؟؟؟؟؟ مممممممم لا اعتقد ان هناك من شيئ مميز ــ ......................
ــ لا لا قلت لك لا شيئ مميز جل ما اتمناه حمام دافئ ونوم مبكر ساسافر الى اللاذقية غدا
ــ ................ ــ في الصباح الباكر
ــ ................ ــ لا لا ابدا ــ ...................... ــ اها كما تريدين
ــ .................. ــ لا لن اتاخر ــ ......................... ــ قلت لك لا شيئ مميز
ــ .................. ــ نعم نعم الى اللقاء
اغلق السماعة وعلى شفتيه ابتسامة عريضة يالي من شرير اوتظن اني انسى عيد زواجنا الخامس ؟!
حسنا لنتاكد من كل شيء لبس معطفه واحكم الياقة حول رقبته اتقاء للبرد في الخارج تاكد من علبة الخاتم الذهبي ثم هاتف المطعم ليأكد حجزه و ....................... ماذا تبقى ..؟؟؟
علي ان اضيف لمسة رومانسية ................. باقة من الورود تفي بالغرض
خرج من مكتبه وهو يستعرض الطريق من معمله الصغير الى بيته 20 دقيقة لاصل البيت وساعرج على محل الورود في مدخل المدينة لقل ما اهديتها وردا خلال فترة ارتباطنا او تعارفنا نعم خمس سنوات من الزواج سبقتها شهور قليلة من التعارف نادرا ما اهديتها الورد
استعرض بذهنه الفترة التي قضياها معا تعرف اليها وتزوجها بسرعة دون تفكير او تخطيط او دراسة للخيارات الاخرى المتاحة تزوجها وكانه يهرب من شيء
تعرف اليها خطط للزواج منها بسرعة و ................ انتهى كل شيء اصبحا زوجا وزوجة وكل يوم يزداد لها حبا كلما تعرف اليها واقترب منها اكثر ولمس طيبتها اللامتناهية بالفعل لقد ساعدته دون ان تدري على طي صفحة من ماضيه للابد وبدء حياة جديدة ساعده على ذلك تفانيها لاسعاده كلما احست به حزن من ماض لم يكن ليخبرها به وكمكافأة لها قرر ان يكون كافضل ما يكون الزوج
الشيء الوحيد الذي كان يزعجها هو عدم الانجاب ولم يكن هو ليضايقها بهذا الموضوع يكره ان يرى الحزن في وجه الطفلة زوجته
ــ اه اين وصلت بافكاري اليوم عيد زواجنا سيكون يوما مميزا هذا وعد اقطعه على نفسي لنفسي
تابع القيادة بينما تباطأت حركة السير في احدى النقاط
ــ اه انه حادث في الامام يؤخر السير
تابع القيادة والتقدم ببطء بينما بدأ المطر يداعب زجاج سيارته
ــ حسنا سانام متاخر اليوم وعند الظهيرة اسافر الى اللاذقية مغادرا حمص
ــ اه اللاذقية ............ اين انت من هذه الايام ؟؟؟؟؟؟
تذكر اللاذقية فيها قضى اربع سنوات يدرس الهندسة وفيها تعرف على زوجته بالضبط في الشهرين الاخيرين في مكتبة الجامعة هي ايضا كانت قد شارفت على انهاء دراستها في فرع العلوم
وفيها ايضا بدأ عمله الذي تطور فيما بعد الى معمل صغير اسسه بعد عدة قروض من المصرف وابيه حتى امه اقرضته بعض المال لم يتبق من الدين الشيء الكثير مقارنة بما مضى منه لكن الانجاز الذي اتمه حتى الان كان يشعره بالارتياح
من كان يتوقع اني ساتزوج بعد شهر واحد من التخرج ؟؟؟؟؟؟
لطالما كان موضع تندر رفاقه بانه لن يتزوج حتى بعد عشرين عام
يا له من قدر من من رفاقي كان ليتوقع هذا ؟؟؟؟
تذكر ايام الثانوية طوال ثلاث سنوات كان قادرا وبطريقة عجيبة اذهلت رفاقه ان يصادق من يشاء من الجنس الاخر ويضعه تحت سحر كاذب يا للهو الشباب قالها في نفسه ثم ردد من من رفاقي كان ليتوقع هذا ؟؟؟
لكن من منهم كان يتوقع اننا لن نرى بعضنا البعض الا مصادفة ؟؟؟؟؟
كل شعارات صداقتهم الابدية التي كانوا يرددونها كل يوم في طريقهم المعتاد من ثانوية خالد الى المركز الثقافي مرورا بالدبلان كل هذه الشعارات اكلها الزمن
حتى انا لم اكن لاتوقع ان يختفي غسان فجأة
غسان صديقي للابد لطالما كتبتها على جدران المدرسة ومقاعد الحدائق في الوعر وعلى اشجار جوانب الطريق
لكن فجأة كل شيء اختفى تبخر
لطالما اردت ان اراه ان احدثه عن حب الجامعة الذي دام اربع سنوات لطالما اردت ان اريه الفتاة التي روضتني الفتاة التي تركت من اجلها كل فتيات الجامعة
ــ اه ......... ها هو متجر الورود
خرج من سيارته وركض الى المتجر تفاديا للسع البرد والمطر المنهمر دخل الى المتجر وبسرعة اعطى البائع التعليمات عن طلبه رغم انه انقطع خمس سنوات عن عادة اهداء الورود الا انه ما زال محتفظ بمهارته في انتقائها منذ ايام الجامعة
وبينما كان يراقب عمل البائع بانتباه سمع صوتا من الماضي يسأل :
ــ عادل ؟؟؟؟؟ يا الله السماء انه عادل
التفت الى الصوت : ــ غسان ؟؟؟؟؟
جمعهما عناق طويل وقبلات عشوائية تلعثما بالكلام لم يدر كل منهما ما بقول للاخر ثم بشكل الي ساله السؤال الذي طالما حيره :
ــ اين اختفيت
اجابه غسان بانطلاق باد : ــ حدث كل شيئ فجاة توفي عمي في دمشق ذهبنا الى هناك بعد صدور نتائج الثانوية العامة ومن هناك اتخذ ابي قرار ارسالي الى اسبانيا لدراسة الطب البشري
صفعته كلمتان اسبانيا ؟ الطب !!!!!!!!!!!!!
اذا فانت طبيب الان
نعم وانت قل لي لمن هذه الورود ؟؟؟؟؟ كما توقعت لم تتغير ستظل كل عمرك مراهقا
ــ لا لا ابدا منذ ايام الجامعة لم اتعرف الا على واحدة فقط
ــ ماذا اربع سنوات رقم قياسي بايام الثانوية كان عمر العلاقة شهرا او اثنين اذا فقد احببتها
وجد نفسه يجيب بانطلاق واندفاع : ــ نعم لقد احببتها بجنون
ــ ثم ماذا ؟؟؟؟
ــ ثم ماذا ؟!!!!
ــ ماذا حل بكما ؟؟؟؟
وجد عادل نفسه بشكل الي يكذب : تزوجتها
ــ ايها الفاجر هل تزوجت ؟؟؟؟
ــ نعم هل تصدق ؟؟؟؟؟؟
ــ احك لي :
العينين الجريئتين النظرة الثابتة الواثقة اللامبالية التي لطالما اخترقته وقرأت افكاره وعرفت مكنون نفسه الخطوات الواثقة كل ايام عشق اللاذقية الاحاديث اليومية الهادئة في مكتبة الجامعة الصاخبة في مقهاها هواتف كل يوم وكل وقت تبادل الصور وكلمات الحب خلسة النزهات اليومية الطويلة خططهما الساذجة وامالهما العريضة الاحاديث السخيفة الجميلة هراء كل يوم وكل اليوم المتكرر
كل ذلك قد عاد من جديد بعدما اعتقد انه دفن في ذاكرته
وغسان طبيب ؟؟؟؟ يا للاقدار غسان اصبح طبيبا ؟؟؟ لطالما اعتبرته احمقا متهورا وهو الان ذو مركز اجتماعي ؟؟؟؟؟ بالكاد استطاع ان يتجاوز الحد الادنى للنجاح في امتحانات الثانوية والان هو افضل مني ؟؟؟؟؟
سحقا للاقدار التي تحركنا كالدمى
هذه اللقاء البسيط ايقظ في نفس عادل الماضي الذي دفنه بعد زواجه لكن الان كل شيئ قد بعث للحياة من جديد
كل هذه راه عادل في لحظة واحدة من الزمن ومضت في ذاكرته كضوء الكاميرا
لم يجب على سؤال صديقه بل بادره بسؤال :
ــ وانت هل تزوجت ؟؟؟؟؟؟
ــ نعم من سورية مغتربة في اسبانيا
صدمته كلمة اسبانيا لطالما كره هذا البلد عندما ...........
ــ دعني اناديها انها في الخارج
هم غسان بان يناديها بينما هم عادل بان يعترض لكن الخطوات الواثقة اخترقت المتجر النظرة اللامبالية تاملت الزهور مرورا بالبائع وغسان حتى تخاذلت امام النظرة المندهشة لعادل
ــ يا الهي بعد كل هذه السنوات ؟! انها هي
ربما استمر اللقاء مدة طويلة لكن عادل لم يشعر بهذه المدة استمر بالمجاملات لبعض الوقت اخذ باقة الورد من البائع واعطى مواعيد وارقام هاتف كاذبة واخذ من غسان رقمه ثم خرج من المتجر
ــ ترك اكثر اثنين يحبهما في العالم لينعما ببعضهما البعض اكمل المشي بجانب سيارته مرورا بالسيارة الفاخرة العائدة لغسان اختار احد الشوراع المظلمة ليمشي بها
ــ اللعنة على الاقدار وسخريتها ها هما ينعمان ببعضهما البعض
من الصعب جدا ان ترى من تحب سعيدا مع غيرك رددها مرات
ــ لشد ما احببتها ولشد ما احبتني لكن عندما هم اهلها بالسفر لم استطع ان امنعها وكيف سافعل ؟؟؟ كنت مجرد طالب تافه وما زلت للان ازداد تفاهة مع توالي الايام وكيف سامنعها من السفر ؟؟؟ ااذهب واطلبها للزواج ؟؟؟؟ هه لست بند لسليلة الاشراف شعر بالكره لاسرتها مجددا لم لم تولد فقيرة معدمة ؟؟؟؟؟ لم لم اولد انا من اسرة غنية كغسان ؟؟؟؟؟
نعم نعم لست بند لبيت العز والجاه قالها باحتقار لنفسه
وغسان ؟؟؟؟ ترك كل الدنيا وتزوجها ؟؟؟؟ اللعنة طول مدة تعارفهما لم يحك احدهما عني للاخر ؟؟؟؟؟ لو عرف اني كنت احبها لتركها ولو عرفت اني صديقه المقرب لما تزوجته
هاهو الان ينعم بثراء فاحش وفراش دافئ
وانا ؟؟؟؟؟ مازلت اركض لاسدد ديوني مع زوجة عقيم ؟؟؟؟؟ والله اني ادفن نفسي في الحياة لا حب لا مال لا اطفال
اللعنة علام استمر في الحياة اذا ؟؟؟؟؟ ومع من ؟! مع زوجة لم تكن يوما قريبة مني ؟؟؟؟؟
ردد مرة اخرى ثراء فاحش مركز مرموق وفراش دافئ اللعنة انه يملك كل شيئ
والله ما هكذا يجب ان تقسم الارزاق
تابع افكاره السوداوية بينما تابع المطر انهماره لكن رنين هاتفه الخلوي قاطعه مرة اخرى دون ان يبظر الى الرقم وضع الهاتف على اذنه
ــ الو
جاءه صوت الطفلة وببساطة متناهية قالت : ــ اين انت لقد تاخرت ؟؟؟
يا الهي يا لبرائتها
هم بان يقول شيئا هم بان يفجر بركان غضبه الذي تلاشى عندما سمعها تردد : ــ عادل ....... عادل اين انت حبيبي ؟؟؟؟
ــ هنا هنا ساصل الى البيت بعد قليل قالها وهو يركض باتجاه سيارته
ــ هل حصل معك شيئ اليوم ؟؟؟؟؟ هل من شيئ مميز ؟؟؟؟؟
ــ اليوم ؟؟؟؟ لا لاشيء مميز يوم ككل الايام
ــ حسنا انا بانتظارك قلقت عليك
ــ اه لا داع لهذا لست بطفل
سمع ضحكتها البريئة حسنا الى اللقاء
الى اللقاء كان عندها وصل الى سيارته مد يده لتناول المفاتيح فتلمست اصابعه بطاقة غسان التي عليها رقمه ابتسم ابتسامة عريضة وهو يمزق الرقم وكانما يقول ليس عندي وقت للماضي امامي حياة جميلة لاحياها وزوجة رائعة لاحتفل معها دخل سيارته ومن المرة الاولى دار المحرك قاد بسرعة كبيرة ليصل الى بيته
كن مع الله ولا تبالي
|