الموضوع: كوارث و'معجزات'
عرض مشاركة واحدة
قديم 13/01/2005   #1
شب و شيخ الشباب yass
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ yass
yass is offline
 
نورنا ب:
Jul 2004
المطرح:
الآن... هنا
مشاركات:
9,461

افتراضي كوارث و'معجزات'


حاكم مردان


لم أتصوّر يوماً أن الإسفاف والتفاهة ستبلغان بالبعض حدّ اعتبار أن الزلزال الذي ألمّ بآسيا هو عقاب من الله لبعض دولها على انتشار الدعارة فيها، حتى أني سمعت قبل ايام في مجلس تعزية (حسيني) شخصاً يسأل الشيخ بعد تلاوته العزاء هل ما يحصل للعراقيين الآن من تفجيرات واغتيالات ليس سوى عقاب من الله لأنهم خذلوا الحسين بن علي وخانوه ولم ينصروه.

هؤلاء وأمثالهم من الجهلة لا يصح قياس مجتمعاتنا "المتحضّرة" بهم، رغم أن ثقافة العقاب والثواب، وهما من عند الله، سائدة لدينا. وثمة برامج دينية كأن مهمتها طرح كل ما هو متعارض مع العقل والمنطق، ورجال الدين "الفقهاء" ليسوا في وارد التصديق أن ثمة أجهزة متطورة تتنبأ بالزلازل والبراكين وتترصد حركة الريح والاعاصير، كما أنه من الثابت لديهم أن الله وحده يعلم ما في الارحام، أما جهاز "الإيكو" الذي يُري الحامل ثمرة بطنها ويصوّر حركاته أمامها ويُعلمها عن جنسه ذكراً أو انثى، فهو إشراك بالله وكفر ما بعده كفر.

الى ظاهرة تناقلها بعض وسائل الاعلام عن زلزال تسانومي كأنها معجزة يدلّل على وجودها ويعزّز الرأي القائل إن الزلزال كان عقاباً إلهياً على انتشار الدعارة هناك، والظاهرة المعجزة هي صمود الجوامع أمام الطوفان، ولعل ذلك يفسّر شحّة المساعدات العربية الاسلامية للدول المتضررة. وما دامت الجوامع في خير فإن غضب الله لم يصب غير الكفّار من ناشري الدعارة في تايلاندا، رغم أن الكثير من التايلانديين والتايلانديات يعملون في الدول العربية والاسلامية كخدم في البيوت. وماذا عن أندونيسيا البلد ذي الاكثرية المسلمة؟! لا بدّ أن الرفاه الذي عرفته من جراء انخراطها في ورشة عمل آسيوية للحاق بركب الصناعة والاقتصاد العالميين أثار حفيظة الدول الاسلامية التي تجد في خروج أندونيسيا على إجماع المسلمين واتجاهها الى متّحدها الجغرافي حتى باتت كتلة جنوب آسيا تُعرف اقتصادياً وصناعياً بنمور آسيا، أنه عمل "لا يرضي" الله، فسارعت الى تدارك الامر، وهم الأعرف أن تطوراً صناعياً وتحرراً اقتصادياً سيؤدي في جملة ما يؤدي الى حياة مرفهة وبحبوحة ستقود المجتمعات حتماً الى التخفيف من غلواء الدين، خاصة اذا كان هذا الدين يحمل هموماً أُخروية أكثر مما يهتم بشؤون دنيوية، رفاهية... معاذ الله!

تعرفت أندونيسيا الى الاسلام عبر تجار اليمن والعراق واقتنعت به وقبلته بلا إكراه، ولعلها البلاد الاسلامية الوحيدة خارج المنظومة العربية التي لم يدخلها الاسلام بالسيف بل بالقناعة والإفهام، وحتى هذا الاسلام لم يقنع أرباب الحروب الذين يريدونه جهاداً لا هوادة فيه. وانتشرت هناك البعثات التي ظاهرها تعليم اللغة العربية وتدريس الدين وبناء الجوامع وباطنها نشر الفكر الوهابي وإشاعة الجهاد سمة تكاد تكون وحيدة في هذا الفكر، وسرعان ما أتى الامر بالنتيجة المرجوّة فكانت تفجيرات بالي في أندونيسيا أول الغيث.

بعدما عرف العالم حقيقة الجمعيات الدينية والبعثات المرافقة والمؤسسات الداعمة وتدارك أمرها منعاً ومطاردة لمصادر تمويلها، لم يبق لهؤلاء ما يفعلونه هناك، ولو حصل زلزال او طوفان او أي كارثة أخرى فإنما هي تعابير عن غضب الله لأن "الربع" لم يواصلوا مسيرة الجهاد، ولعل ذلك يفسّر ضآلة حجم المساعدات المخجلة التي قدمتها الدول العربية الغنية بالبترول والتي لم تبلغ ربع ما قدمته بلاد صغيرة كالنروج مثلاً (180 مليون دولار) واكتفوا بصمود الجوامع هناك في وجه الاعصار، كأنه تعبير عن شماتة.


النهار اللبنانية - www.annahar.com

أبو مـــــــــ1984ـــــــارال
خبز,, سلم,, حرّية

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02524 seconds with 10 queries