(6) بنو كلاب وبنو مرة:
أما بنو كلاب فهم: بنو كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، وبنو مرة هم أبناء كعب بن لؤى فيكون كلاب بطن من مرة ، وهذه نفس سلسلة النسب التى ذكرها الدكتور على الجندى معتمداً على أنساب ابن حزم (70) ، والغزوات التى كانت معهم: غزوة قريظة ـ غزوة بنى كلاب ـ غزوة بنى مرة ـ سرية ضحاك (71).
(7) عضل والقارة:
قال فى سبائك الذهب: "عضل بطن من بنى الهون من مضر" ، ونسبهم هكذا: عضل بن الهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، وأما القارة فلم يذكرها السويدى فى السبائك ولا الدكتور الجندى ، إلا أن الأستاذ الشيخ محمد الخضرى نسبها إلى خزيمة بن مدركة ، وذكر الفارة بالفاء الموحدة لا بالقاف المثناة (72) وقد غزاهم النبى صلى الله عليه وسلم غزوة واحدة هى غزوة الرجيع (73).
( بنو أسد:
قال السويدى: " بنو أسد حى من بنى خزيمة ، ونسبهم هكذا: أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر (74) ، والغزوات التى غزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هى: سرية قطن ـ سرية عمر مرزوق ـ غزوة ذات السلاسل (75).
(9) بنو ذكوان:
قال السويدى: " بنو ذكوان بطن من بهتة من سليم ، وهم من الذين مكث النبى صلى الله عليه وسلم شهراً يقنت فى الصلاة يدعو عليهم وعلى رعل (76) ونسبهم هكذا: ذكوان بن بهتة بن سليم بن منصور بن عكرمة خصفة بن قيس عيلان بن مضر (77) ، ولم يغزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة واحدة هى غزوة بئر معونة.
(10) بنو لحيان:
من المعروف أن بنى لحيان من هذيل ، وهذيل هو: ابن مدركة بن مضر(7 ، وغزاهم النبى صلى الله عليه وسلم غزوة واحدة هى:غزوة بنى لحيان (79).
(11) بنو سعد بن بكر:
نسبهم: سعد بن بكر بن هوازن بن سليم بن منصور بن عكرمة ابن خصفة بن قيس عيلان بن مضر (80) ، وقد أرسل لهم النبى صلى الله عليه وسلم سرية واحدة هى سرية فدك.
(12) بنو هوازن:
بنو هوازن بطن من قيس عيلان ، ونسبهم هكذا: هوازن بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر (81)، وقد غزاهم صلى الله عليه وسلم غزوة ذات عرق.
(13) بنو تميم:
بنو بطن من طابخة ، قال فى العبر: " وكانت منازلهم بأرض نجد دائرة من هنالك على البصرة واليمن ، ونسبهم هكذا: تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر " (82).
(14) بنو ثقيف:
بنو ثقيف بطن من هوازن اشتهروا باسم أبيهم ثقيف ، ونسبهم: ثقيف بن منبه بن بكر بن بهتة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر (83) ، وقد غزاهم النبى صلى الله عليه وسلم غزوتين هما: غزوة حنين ـ غزوة الطائف.
ونستطيع من خلال هذا التتبع أن نقول: إن هذه القبائل كانت جميعها تنتسب إلى مضر وهو جد النبى صلى الله عليه وسلم أو من والاهم ، وبالمعنى الأدق كانت نتيجة غضب إخوته من أجداده ، أما اليهود فقد كانوا مع قريش حسب معاهدتهم معهم ، وبذلك ظهر جلياً أن الغزوات والسرايا التى خاضها أو أرسلها النبى صلى الله عليه وسلم ، كانت موجهة فى نطاق ضيق هو نسل مضر ، فلا يمكن أن يقال حينئذ: أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أشعل نار الحرب ضد العرب جميعاً ، أو أنه خاض الحروب لإكراه الناس على اعتناق الإسلام ، ولو كان الأمر كما يقولون لوقعت حرب عدوانية أو دفاعية ضد أى قبيلة من مئات القبائل العربية ، وهذه الحقيقة تحتاج إلى مزيد من التعمق والتحليل فى بعض خصائص القبائل العربية ؛ إذ قد يقول قائل أو يعترض معترض: إن هذا الذى توصلنا إليه بالبحث ـ ألا وهو انحصار القتال مع المضريين ـ لم يحدث إلا اتفاقاً ، والأمور الاتفاقية لا تدل على شىء ولا يستخرج منها قانون كلى نحكم به على جهاد النبى صلى الله عليه وسلم ، إذ كان من الممكن أن يقاتل النبى صلى الله عليه وسلم ربيعة بدلاً من مضر ، أو يقاتل ربيعة ومضر معاً ، أو يقاتل القحطانية بدلاً من العدنانية أو يقاتلهما معاً ، وهكذا.
ذلك المتوقع أن تزيد الألفة والمودة بين أفراد وقبائل الجد الواحد لا أن تشتعل نار الحرب والقتال بينهم ، فما الذى عكس هذا التوقع وقلب الأمر رأساً على عقب ؟!
وللإجابة على هذه الشبهة نقول:
كان من أشهر الأمثلة العربية المثل المشهور " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " وقد كان العرب يطبقون هذا المثل تطبيقاً حرفياً ـ دون هذا التعديل الذى أضافه الإسلام عليه ـ فكانوا ينصرون إخوانهم وبنى أعمامهم نصراً حقيقياً على كل حال فى صوابهم وخطئهم وعدلهم وظلمهم ، وإذا دخلت قبيلتان منهم فى حلف كان لكل فرد من أفراد القبيلتين النصرة على أفراد القبيلة الأخرى ، وهذا الحلف قد يعقده الأفراد وقد يعقده رؤساء القبائل والأمر واحد فى الحالين.
بينما هم كذلك فى بنى أبيهم وفى حلفائهم ، إذ بك تراهم حينما تتشعب البطون قد نافس بعضهم بعضاً فى الشرف والثروة ، فنجد القبائل التى يجمعها أب واحد كل واحدة قد وقفت لأختها بالمرصاد تنتهز الفرصة للغض منها والاستيلاء على موارد رزقها ، وترى العداء قد بلغ منها الدرجة التى لا تطاق ، كما كان بين بطنى الأوس والخزرج ، وبين عبس وذبيان ، وبين بكر وتغلب ابنى وائل ، وبين عبد شمس وهاشم ، 000 إلخ ، فكانت روح الاجتماع سائدة بين القبيلة الواحدة ، تزيدها العصبية حياة ونمواً ، وكانت مفقودة تماماً بين القبائل المختلفة ؛ فكانت قواهم متفانية فى قتالهم وحروبهم ونزاعاتهم.
وقد علل الشيخ محمد الخضرى بك هذه الحقيقة العجيبة بأمرين:
الأمر الأول:
التنافس فى مادة الحياة بين بنى الأب الواحد ، إذ أن حياتهم كانت قائمة على المراعى التى يسيمون فيها أنعامهم ، والمناهل التى منها يشربون.
الأمر الثانى:
تنازع الشرف والرياسة ، وأكثر ما يكون ذلك إذا مات أكبر الإخوة وله ولد صالح لأن يكون موضع أبيه ، فينازع أعمامه رياسة العشيرة ولا يسلم أحد منهما للآخر ، وقد يفارق رئيس أحد البيتين الديار مضمراً فى نفسه ما فيها من العداوة والبغضاء ، وقد يبقيا متجاورين ، وفى هذه الحالة يكون التنافر أشد كما كان الحال بين الأوس والخزرج من المدينة ، وبين هاشم وأمية من مكة ، وبين عبس وذبيان من قيس ، وبين بكر وتغلب من ربيعة. ومتى وجد النفور بين جماعتين أو بين شخصين لا يحتاج شبوب نار الحرب بينهما إلى أسباب قوية ، بل إن أيسر النزاع كاف لنشوب نار الحرب وتيتم الأطفال وتأيم النساء ؛ لذلك كانت الجزيرة العربية دائمة الحروب والمنازعات (84).
هذه الحقيقة التى توصلنا إليها ـ وهى أن نار الحرب سريعة النشوب بين أبناء الأب أو الجد الواحد ـ تدعم ما توصلنا إليه من أن الحرب إنما كانت نتيجة غضب إخوته من أجداده ، وإذا كان الخلاف محصوراً فى السببين السابقين ، فأى سبب هو الذى أجج نار الغيرة والحقد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ هل السبب هو التنافس فى مادة الحياة الدنيا ، أم الخوف من انتزاع الشرف والسيادة التى تؤول إلى النبى صلى الله عليه وسلم إذ هم أذعنوا له بالرسالة والنبوة ؟
أما عن السبب الأول فليس وارداً على الإطلاق ، فلقد ضرب كفار مكة حصاراً تجويعياً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بنى هاشم وبنى عبد المطلب ، فانحازوا إلى شعب أبى طالب ثلاث سنوات كاملة ، عاشوا فيها الجوع والحرمان ما لا يخطر ببال ، حتى إنهم من شدة الجوع قد أكلوا ورق الشجر وكان يسمع من بعيد بكاء أطفالهم وأنين شيوخهم ، ومع ذلك فقد التزم النبى صلى الله عليه وسلم الصبر والثبات ، ولم يأمر أصحابه أن يشنوا حرباً أو قتالاً لفك هذا الحصار ، والخبير يعلم ما الذى يمكن أن يفعله الجوع بالنفس البشرية ، إن لم يصحبها نور من وحى أو ثبات من إيمان.
كان السبب الثانى إذن كفيلاً بإشعال هذه النار فى قلوب هؤلاء وعلى حد تعبير الأستاذ العلامة محمد فريد وجدى: " كان مقصوداً بالقتل من قريش ، وليس يعقل أن تغمض قريش عينها ، ومصلحتها الحيوية قائمة على زعامة الدين فى البلاد العربية ، وعن قيام زعامة أخرى فى البلاد كيثرب يصبح منافساً لأم القرى ، وربما بزها سلطاناً على العقول ، وكر على قريش فأباد خضراءها وسلبها حقها الموروث " (85) ، والذى يؤيد هذا ويقويه ذلك الحوار الذى دار بين الأخنس بن شريق وبين أبى جهل ؛ إذ قال له الأخنس: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ ـ يعنى القرآن ـ فقال ما سمعت ؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا على الركب ، وكنا كفرسى رهان قالوا منا نبى يأتيه الوحى من السماء ، فمتى ندرك هذا ؟! والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه.
ليست الصدفة إذن ولا محض الاتفاق هما اللذان دفعا النبى صلى الله عليه وسلم لقتال أبناء أجداده من مضر دون ربيعة أو غيرها من العرب ، بل الطبيعة العربية المتوثبة دائماً ، لمن ينازعها الشرف والسيادة من أبناء الأب الواحد ـ على ما بيناه آنفاً ـ كانت هى السبب الرئيسى لاشتعال هذه الحروب ولولاها لما اضطر صلى الله عليه وسلم للقتال بعد ثلاثة عشر عاماً من الدعوة والصبر تخللها من المشاق والعنت ما الله به عليم ، ومع ذلك فقد كان هجيراه ـ بأبى هو وأمى ـ " اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون ".
يتبع..................
http://www.anssar.com/nadera1_files/fer%20on.jpg
|