عرض مشاركة واحدة
قديم 28/12/2005   #34
شب و شيخ الشباب عبد الرحمن الرحيم
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ عبد الرحمن الرحيم
عبد الرحمن الرحيم is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
مشاركات:
1,221

افتراضي


وكما قال سبحانه:
{فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} (سورة الأنعام ـ 54)
وهذه الكتابة لا تنفي أن الرحمة صفة أصلية له .. متعلقة بذاته .. ولكي نفهم ذلك ينبغي أن ندرك أن صفات الله عز وجل لا ترغمه على أن يتصرف وفقا لها .. بمعنى أنه عز وجل رحيم، والرحمة صفة أصليه له، متعلقة بذاته .. ولكننا نرى أحيانا أنه ـ سبحانه ـ يعامل بعض مخلوقاته بلا رحمة؛ لأنه إن شاء ذلك فعل .. فهو سبحانه وتعالى لا يحكم على نفسه معاملة خلقه بمنتهى الرحمة .. فكان الفرض منه وعليه، ورحمة الله قد وسعت كل شيء، فشملت المؤمن والكافر، المطيع والعاصي، الحيوان والنبات، بل وشملت الجماد أيضا .. وقد قال جل وعلا:
{قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعك كل شيء} (سورة الأعراف ـ 156)
وقال تعالى:
{ربنا وسعت كل شيء رحمته وعلماً} (سورة غافر ـ 7)
ولعلك تشعر بالرحمة الفياضة إذا تأملت قطة ترضع صغيرتها. أو أسدا يداعب شبله في معركة لا يلحق الصغير منها أذى .. إنها رحمة الله التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة في الكون إلا غمرتها. وقد قلنا مرارا إن الله عز وجل رحمن الدنيا ورحيم الآخرة .. فرحمانيته في الدنيا شملت جميع خلقه .. المؤمن والكافر والطائع والعاصي .. بينما يختلف الأمر في الآخرة، إذ أن رحمته ستشمل المؤمن فقط .. فكما شملتهم في الدنيا باسمه (الرحمن) فإنه سوف يشملهم في الآخرة باسمه (الرحيم) فيغفر لهم خطاياهم ويرحمهم ويدخلهم جنته برحمته، وفي ذلك يقول جل وعلا:
{أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (سورة التوبة ـ 71)
ويقول سبحانه:
{فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه} (سورة النساء ـ 175)
ويقول وقوله الحق:
{سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم} (سورة التوبة ـ 99)
وإذا تتبعنا اسمه عز وجل (الرحمن) في الآيات القرآنية التي ورد فيها وكذلك إذا تتبعنا اسمه (الرحيم) لتأكد لدينا أنه رحمن الدنيا ورحيم الآخرة. خذ على سبيل المثال قوله تعالى:
{يا أبت لا تبعد الشيطان أن الشيطان كان للرحمن عصياً "44" يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً "45"} (سورة مريم)
لقد ورد اسم (الرحمن) في الآيتين السابقتين ولم يرد اسم الرحيم .. وذلك لأن رحمانية الله في الدنيا شملت جميع خلقه. ولو لم تشملهم جميعا لما أمهل الله عز وجل الشيطان إلي يوم القيامة، ولما أمهل آزر رغم أنه متمسك بشركه وكفره .. وتأمل أيضا قوله تعالى:
{لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن} (سورة الرعد ـ 30)
فعلى الرغم من كفر الكافرين، وضلال الضالين .. تجد أن الحق جل وعلا يشملهم برحمانيته فيمهلهم ويمد لهم في الوقت لعلهم يذكرون أو يخشون. وبينما تدل الآيات التي ورد فيها اسم الرحمن على شمول الرحمانية لجميع المخلوقات في الدنيا، نجد أن اسم (الرحيم) لا يرد في الغالب إلا مع المؤمنين الطائعين أو التائبين النادمين ويتجلى ذلك في قوله تعالى:
{فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} (سورة البقرة ـ 160)
وقوله سبحانه:
{أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم} (سورة البقرة ـ 21
وقوله تعالى:
{فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم "192"} (سورة البقرة)
ومن كمال رحمته جل وعلا أنه لا يأخذ الكافر والمشرك والعاصي بذنوبهم على الفور .. بل يمد لهم ويمهلهم لعلهم يرجعون. وفي ذلك يقول تبارك وتعالى:
{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمىً فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً "45"} (سورة فاطر)
يأخذ الجميع ثم يتغمد عباده برحمته .. فيقيهم عذاب ناره، ويسكنهم فسيح جناته. وإن كانت رحمة الله عز وجل عامة شاملة في الدنيا كما أوضحنا .. فهذا لا ينفي أن المؤمن يختص منها بنصيب متميز. فالرحمن بالكفار والعصاة تتجلى في إبقاء الله لهم وإمهالهم إلي أن يحين أجلهم .. ويتجلى أيضا في أن الله تبارك وتعالى لا يرحمهم من نعمه. أما رحمة الله بالمؤمن .. فهي الحياة الكريمة الهادئة المستقرة في الدنيا والآخرة .. إنها الحياة التي ينعم المؤمن فيها برضاه عن نفسه وعن خالقه وعن حياته .. وحتى ولو ابتلى أشد البلاء .. في صحته أو ماله أو أهله .. وماذا يبغي الإنسان منا أكثر من ذلك؟
وانطلاقا من هذه الحقيقة اختص تبارك وتعالى أمة التوحيد الصحيح الكامل .. أمة المصطفى عليه افضل الصلاة وأتم التسليم برحمات لا تحصى منها بل من أهمها القرآن الكريم .. الرحمة العظمى .. تلك الرحمة العامة التي قبلوها دون غيرهم من أمم الكفر والشرك .. فغمرتهم دون سواهم .. هذه الرحمة التي تتجلى في القلوب فلا يشعر بها إلا من قبلها .. ويعمي عنها من رفضها وردها فلا يلمس لها أثرا في نفسه ولا في غيره.
ومن هذه الرحمات أيضا أن الحق تبارك وتعالى جعل لأمة محمد في قلب نبيهم رأفة ورحمة بهم .. ولقد كان لرحمته صلى الله عليه وسلم بصحابته والتابعين ما لها من الآثار والنعم .. تلك النعم التي لم تنقطع منا بعثته وإلي وقتنا هذا. فحسبه عليه افضل الصلاة وأتم التسليم أنه على المسلمين أن من لا يرحم لا يرحم .. وأن مثلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .. وقد قال جل وعلا:
{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم "128"} (سورة التوبة)
ومن هذه الرحمات أيضا أنه عز وجل جعل في قلوبهم رأفة ورحمة فيما بينهم مما أشاع الود والترابط بينهم .. وفي ذلك يقول تبارك وتعالى:
{وجعلنا في قلوب الذين أتبعوه رأفةً ورحمةً} (سورة الحديد ـ 27)
ويقول سبحانه أيضا:
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (سورة الفتح ـ 29)
ومن هذه الرحمات أنه جل وعلا يسر عليهم الحساب حتى يجتازوا الاختبار ويؤدوا الأمانة التي حملوها باختيارهم .. فينتهوا إلي النعيم الأبدي الذي لا يعتريه شقاء ولا كرب ولا ملل .. فمن جاء منهم بالحسنة ضاعفها له إلي عشرة أمثالها .. وإلي سبعمائة ضعف .. ويضاعف فوق ذلك لمن يشاء .. ومن أتى بالسيئة فلا يجزي إلا بها، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى:
{من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لا يظلمون "160"} (سورة الأنعام)
كما قال سبحانه:
{من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون "89"} (سورة النمل)

{ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور "23"} (سورة الشورى)
وقال تبارك وتعالى:
{مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبلةٍ مائة حبةٍ والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم "261"} (سورة البقرة)


يتبع.....

http://www.anssar.com/nadera1_files/fer%20on.jpg
 
 
Page generated in 0.03775 seconds with 10 queries