عضو
-- أخ لهلوب --
نورنا ب: |
Dec 2005 |
المطرح: |
دبي |
مشاركات: |
339 |
|
هذه الخريطة مستوحاة من الخريطة التي وضعها الفلكي وعالم الرياضيات اليوناني بطليموس للجزيرة العربية في القرن الثاني قبل الميلاد (المصدر: مجلة الثقافة العالمية العدد 65)
شبه الجزيرة العربية في الماضي
كان ذلك في مرحلة متقدمة من حقبة جيولوجية تُعرف باسم «الحقبة البليستوسينية كما يقول علماء الجيولوجيا( يقسم العلماء التاريخ الجيولوجي للأرض إلى أزمنة, وفقا للخصائص العامة للحياة في كل زمن, وينقسم كل زمن إلى عصور تبعا لأنواع وأشكال الحياة التي وجدت فيه, والتي تعرف من الحفريات التي ترسبت في طبقات الصخور التابعة لذلك العصر ) «pleistocenc» والتي بدأت قبل أكثر من مليون سنة, وانتهت منذ عشرة آلاف سنة خلت, وخلال هذه الحقبة من الزمن ساد الأرض مناخ بارد وغطت الكتل والمسطحات الجليدية الضخمة الأجزاء الشمالية من أوروبا وأمريكا الشمالية ـ حتى وصل الجليد إلى شمال فرنسا ـ فيما أطلق عليه العصور الجليدية «Glacials» إلا أن الجليد كان يذوب خلال الفترات الأدفأ ـ والتي عرفت باسم «الفترات بين الجليدية Interglacials» ـ فتحسن الأحوال المناخية تسحنا كبيرا(نورمان ويلن ودافيد بيز «أوائل البشر في شبه الجزيرة العربية» مجلة الثقافة العالمية, عدد 59 نقلا عن مجلة (Aramco World, August 1992).).
وكان انتشار المسطحات الجليدية في الأجزاء الشمالية ـ أثناء العصور الجليدية ـ يؤثر في مناخ الأرض فيؤدي إلى زحزحة نطاق المطر إلى الجنوب, فتدخل شبه الجزيرة العربية والصحراء الكبرى بشمال إفريقيا في نطاق الرياح الغربية الممطرة, والتي تهب الآن على غرب أوروبا ـ فيؤدي ذلك إلى أزدهار تلك الصحراوات وامتلائها بالأنهار والوديان الخصبة(دكتور إبراهيم أحمد رزقانة «الجغرافيا التاريخية الطبيعية»: ص 146 بتصرف)
وفي فترات الدفء بين العصور الجليدية تتحرك نُطُقْ الأمطار إلى الشمال فتصبح شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا ضمن نطاق الرياح التجارية ويسودها مناخ مشابه لمناخها اليوم(تحتل الصحارى العربية الجزء الأكبر من نظام كوكبي يعرف بـ «صحارى الرياح التجارية» Trade Wind Deserts وهو نظام يتسم بالجفاف الدائم.. فالقطاع الفعال من التوبوسفير, مابين 2 ـ 6 كيلومترات فوق سطح البحر ـ وهو القطاع الفعال فيما يتعلق بنشأة الاضطرابات الجوية ـ يشغله حزام متصل من الضغط المرتفع الدائم على مدار السنة, فوق أرض الصحراء والمسطحات المائية على السواء, وكما هو معروف, تقترن حالات الجفاف بصفة عامة بظروف الضغط المرتفع.. وعلى هذا فالصحراء الكبرى والصحراء العربية بوقوعها ضمن نطاق التجاريات تصنف كصحارى مناخية, أي كنتيجة مباشرة لميكانيكا الدورة الكوكبية العامة حول الأرض. بتصرف من «جغرافية الصحارى العربية» 147,149).
واستنادا إلى أبحاث الجيولوجي الأمريكي هال ماكلور ـ في رسالة دكتوراة عن الربع الخالي ـ فإن البحيرات كانت تغطي هذه المنطقة الصحراوية خلال العصور المطيرة (العصور الجليدية) وأنها ظهرت مرتين, الأولى قبل 37000 إلى 17000 سنة, والثانية بين 10000 إلى 5000 سنة خلت (مجلة آفاق علمية, عدد (42): ص 15 ).
البعثات الجيولوجية:
هذه الصورة الزاهية لشبه الجزيرة العربية, بأنهارها الرقراقة, وأشجارها الوارفة, والتي كانت شائعة في الأدبيات التراثية (نبه التراث الأدبي واللغوي العربي إلى ما شهدته شبه الجزيرة العربية من تغيرات مناخية.. فإذا تتبعت أسماء الحيوان عند العرب هالتك تلك الأسماء العديدة لحيوان واحد كالأسد مثلا, وهذا يؤكد أن تلك الأسماء قد تعددت بحكم تكاثر ذلك الحيوان وتواجده بينهم في الأزمنة الغابرة.. وكذلك الأنهار وتعدد أسمائها..
وجاء في تغريبة بني هلال: «إنه لا يخفى على أهل المعارف بأن بلاد نجد كانت من أخصب بلاد العرب, كثيرة المياه والغدران والسهول والوديان, حتى كان يذكرها شعراء الزمان بالأشعار الحسان, وتفضلها على غيرها نظرا لحسن هوائها, وكانت منازل بني هلال من سالف الأجيال ـ وما زالت ـ على رونقها الأول, حتى تغير قطرها, واضمحل عنها الحشيش والنبات, وعمت المجاعة جميع الجهات, ولم يعد فيها شيء من المأكولات حتى صارت أهاليها تأكل الحيوانات...» (تطور مناخ السعودية وأثره على هجرات البشرية) مجلة الخفجي, عدد سبتمبر 1980, ص 25), أصبحت حقيقة علمية الآن بفضل البعثات الجيولوجية الباحثة عن بصمات تلك الأزمنة الغابرة في قلب رمالها.
ومن أكبر هذه البعثات بعثة جيولوجية بقيادة بيتروايبرو من المتحف البريطاني, والتي توجهت إلى دولة الإمارات في أوائل عام 1989, واكتشفت بقايا للحياة الحيوانية تعود إلى أواخر عصر الميوسين, أي إلى حوالي 7 ملايين سنة.
والحيوانات التي عثر بيتروايبرو وزملاؤه على بقاياها حيوانات من رتبة البهيميات (وهي خرطوميات ثديية تعتبر من الأقارب البعيدة للفيلة المعاصرة) وأفراس النهر, وآكلات اللحوم الصغيرة, والجياد, ووحيدي القرن, والسلاحف والتماسيح والأسماك والطيور, وقرود تشبه الماكاك.. وواضح أن كل هذه الحيوانات من أصول حبشية.. ففي حقبة الميوسين كان البحر الأحمر مفتوحا على البحر المتوسط, ولكنه كان مغلقا من جنوبه بجسر بري قائم بين الحبشة واليمن, وفي الشرق كانت شبكة نهري دجلة والفرات تمتد إلى الجنوب أكثر مما هي عليه اليوم, وتشير أنواع الحيوانات التي عثر عليها إلى أنها قد ازدهرت في دلتا هذه الشبكة(مجلة آفاق علمية, عدد (المرجع السابق, ص: 63), ص 14 نقلا عن مجلة «نيتشر Nature» عدد 27/4/1989م ).
|