عرض مشاركة واحدة
قديم 22/12/2005   #6
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي


المدافعون عن الطغاة


GMT 9:00:00 2005 الإثنين 19 ديسمبر
الراية القطرية



--------------------------------------------------------------------------------


د. عبدالحميد الأنصاري

من مآسي الحياة العربية أن الخطابين: السياسي والديني وعلي امتداد نصف قرن من التثقيف الديني والسياسي، انتجا في النهاية - صنفين غير سويين من البشر: طغاة وإرهابيين، لكن الأكثر مأساوية وفاجعة أن يحظيا بتعاطف واسع وتأييد من قبل الجماهير والنخب المثقفة.
الإرهابيون وجدوا من يساندهم ويمولهم وينظر لهم، وتبارت منابر دينية وإعلامية والكترونية في تسويغ عملياتهم الانتحارية والتفجيرية عبر المئات من الفتاوي الدينية، التي مجدت ما يقوم به هؤلاء وعدته جهاداً واستشهاداً، بذريعة المظلومية الراهنة للمسلمين في فلسطين والعراق والشيشان والبوسنة وكشمير.
وهدد بعض المشايخ، الغرب الصليبي، بأنهم اذا كانوا يملكون القنابل الذرية فإن المسلمين يملكون القنابل البشرية الذرية لقد اختطف هؤلاء منابر بيوت الله التي جعلت للهداية والتسامح والقيم الجامعة الرفيعة، وحوّلوها منابر للتحريض والتغرير بالشباب، دفعوا الشباب للجهاد في العراق ومنوهم بنساء الجنة وقعدوا هم هنا يستمتعون بنساء الدنيا مثني وثلاث. لقد جرّمت قمة مكة فتاوي التحريض ورفضت كل المبررات للعمل الإرهابي، فهل يفعل العرب والمسلمون توصيات القمة عبر تشريعات صريحة وحازمة تعاقب المبررين والمحرضين وفتاوي التكفير؟!.
لكن الإرهابيين ليسوا وحدهم أهل الحظوة في الساحة المجتمعية، فطغاة العرب من القادة المستبدين هم الأكثر حظوة، هؤلاء يجدون جماهير عريضة تهتف بحياتهم وتسير وراءهم ولو قادوهم للهزيمة والدمار!.
بل وحتي بعد مماتهم، وهناك من النخبة السياسية من يمجد أفعالهم وتاريخهم، ولا يزال الأستاذ الكبير يطل علينا عبر الجزيرة مبرراً ومدافعاً عن أسوأ حقبة في تاريخ العرب المعاصر حقبة الهزيمة والإذلال حقبة استباحة كرامة المواطن العربي في سجون ومعتقلات المؤسسة العسكرية العربية، حقبة النظم الثورية المتسلطة والتي أذلت الإنسان العربي وخرّبت نفسيته وداست كرامته، تقمّص الاستاذ الكبير دور الراوي الحكواتي، يلوي عنق الحقيقة ويزيف الوقائع ويتقول علي الأموات ويوهم الناس بوثائق يأتيها الباطل ويشرعن للطغيان، لا يقول لنا شيئا عن انتهاك الحريات ولا حقوق الانسان ولا أي شيء عن آلاف البشر الذين ذهبوا وراء الشمس تُري بأي ذنب قتلوا ؟!.
لقد أعلن الأستاذ الكبير عزمه علي الإنصراف ولم يصدق لأن إغراء الجزيرة كان شديداً، وليته صدق!!.
الطغاة عند العرب محظوظون أحياء وأمواتاً وفي حالة تسلطهم علي شعوبهم وحالة انكسارهم وهزيمتهم والعرب وحدهم - دون سائر الأمم يعشقون طغاتهم المهزومين لا لشيء إلا نكاية في الآخرين كما قالوا قديماً: لا حباً في معاوية ولكن نكاية في علي. وإلا هل من تفسير لخروج متظاهرين يهتفون بالروح وبالدم فداء لطاغية العراق؟! قد يُقال ان الجماهير تقودها مشاعرها العاطفية المتعلقة بمن تعتقده بطلاً قومياً في مخيالها البسيط، حسناً، كيف نفسر ظاهرة رجال القانون المتكالبين علي خدمة الطاغية؟! كيف انقلب من نذر نفسه دفاعاً عن المظلوم الضحية الي مدافع عن الظالم الجلاد؟!. المحامون العرب صمتوا دهراً عن المقابر الجماعية و الإبادة البشرية و استباحة كرامة المواطن في سجون النظم الثورية - نصف قرن - ثم أفاقوا فجأة - في حالة هستيرية - دفاعاً عن القائد الضرورة !! ما سر هذه الظاهرة في حياة العرب؟! (ظاهرة الإعجاب بالدكتاتور) بالأمس القريب، بعد مرور (4) أيام من حرب العراق قام أحد المشايخ ممتدحاً ومعظماً صدام ومبشراً بانتصاره وبأنه سيعيد للأمة الخلافة الراشدة تحت قيادته!! تري ماذا يقول الآن؟! محامو صدام يطعنون في شرعية المحاكمة ويطلبون محاكمة عادلة وهم قد فقدوا أي إحساس بالعدالة، منذ أن ماتت ضمائرهم أمام صرخات آلاف الضحايا المجني عليهم من قبل صدام ونظامه. لقد سألوا الرشدان رئيس هيئة الدفاع السابق - إذا طلب منك أحد ضحايا صدام مساعدته في الاقتصاص ممن عذبوه فهل تقبل؟ فرفض وسألوه عن المقابر الجماعية قال: تلك كذبة أمريكية - خليل حيدر: رجال القانون في خدمة الطغاة، الوطن 12/7/2004 - وسألوا النعيمي عن غزو صدام للكويت وجرائمه، فقال: صدام تمت معاقبته من قبل الأمريكان سواء بالضربة العسكرية أو بعزله وأما بشأن اغتصاب النساء أو القتل فهذا خارج مسؤولية صدام - القبس 10/12 - هذا هو مستوي إحساس محامي صدام بالحق والعدالة!!.
لا تفسير لديّ لهذه الحالة الشاذة سواء لدي المحامين عن صدام أو الجمهور المتعاطف معه إلا أن مجتمعاتنا، فقدت المناعة ضد جرثومة الاستبداد التي عششت في الرحم الأيديولوجي لمبدأ الطاعة الذي تحول في تراثنا فضيلة الفضائل كما يقول تركي الربيعو - الحياة 17/4 - إنها ثقافة الرضا بالطغيان، وثقافة الصبر عليه كما يقول الرميحي وقد تم ترسيخها في البنية المجتمعية عبر مفاصل رئيسية حاكمة: التربية، التعليم، الإعلام، الخطاب الديني، الثقافة السياسية، وأفرزت في النهاية بشراً لا يحسنون شيئاً غير الهتاف للظالمين. يبدي المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري قلقاً عميقاً من استشراء هذه الظاهرة - ظاهرة انقياد الشارع وراء البطل المهزوم - لجهة وعي الجماهير ومدي قدرتها علي أخذ زمام مصيرها بيدها. وهي الظاهرة التي استرعت انتباه المستعرب الياباني نوتو هارا في كتابه العرب: وجهة نظر يابانية فتساءل بحسرة: لماذا يتعلق العرب بزعمائمهم الي هذه الدرجة؟! ولعل هذا ما دفع المخرج العالمي - العقاد - رحمه الله للقول بأن أوضاع العالم العربي في ظل الاحتلال الأجنبي أفضل كثيراً من الاحتلال الوطني - القاهرة 4/11/2003 - فالأجنبي يجد من ثقافته وازعاً يمنعه من الطغيان لكن الوطني يجد من يشجعه علي الطغيان!!.
الاستبداد العربي، إرث طويل تمتد جذوره الي بدايات تحول حكم الشوري الي حكم الفرد ليمتد الينا طوال (14) قرناً، كان الاستبداد هو القاعدة وأما العدل فومضات مضيئة في ليل طويل. كانت الأمة مغيبة، والفرد مهمشاً لا حول له ولا طول، والشوري محجوبة. وكانت هناك - دائما - لدي النخب السياسية والدينية، تلك النظرة المستريبة المتوجسة تجاه أصوات المعارضة باعتبارها مروقاً وخروجاً علي الشرعية والطاعة، وكانت هناك - دائما - تلك النظرة المختصرة للجماهير - دوراً ومكانة - في الحياة العامة، باعتبارها عامة و سوقة و رعاع و دهماء ما اجتمعوا إلا ضروا، تحكمهم الأهواء وتتجاذبهم الفتن وهم بحاجة مستمرة الي وصاية أهل الحل والعقد الذين يحتكرون الحكمة و الرشد .
لقد كان الاستبداد تاريخياً، جزءاً من الواقع المعاش للعربي، يتقبله كما يتقبل طبيعياً كل حقائق الحياة، ولم يكن يمثل نقيصة بل هو حزم مطلوب، ينسجم مع التصور التاريخي التراثي لفن الحكم - ومن لا يظلم الناس يُظلم - طبقاً لشاعر العرب الأكبر، ولهذا يعلل أحمد شهاب استمرار الاستبداد المعاصر وفشل تجارب الحرية بأننا لا نزال نرفض الاعتراف بأن تاريخنا مبتلي بالاستبداد والمستبدين بل نحاول جاهدين أن نلتمس لهم الأعذار - القبس 13/5 -.
وإذا كان الاستبداد حزماً مطلوباً في تاريخنا وتراثنا، فلا عجب أن يصبح الدفاع عن الطغاة مصدراً للفخر والتباهي في الساحة الجماهيرية!.

كاتب قطري




عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03961 seconds with 10 queries