وإنكار هذه الروايات يستلزم إنكار تلك الروايات التي تثبت مسألة الإمامة والخلافة بلا فصل لعلي ـ رضي الله عنه ـ وأولاده من بعده عندهم ، لأن الروايات عنها ليست بأكثر من روايات التحريف ، وقد صرح بهذا علامة الشيعة الملا محمد باقر المجلسي حيث قال : وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى ، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسا بل ظنى أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبارالإمامة فكيف يثبتونها بالخبر".
ثانيا : مذهب الشيعة قائم على أقوال الأئمة وآرائهم فقد أثبتنا آرائهم وأقوالهم مقدما وهي تبين أنهم لا يرون القرآن الموجود في أيدي الناس قرآنا ، كاملا، محفوظا باستثناء هؤلاء الأربعة الذين أظهروا إنكار التحريف ولم يستندوا إلى قول من الأئمة المعصومين ( حسب قولهم ) ولم يأتوا بشاهد منهم ، وأما القائلون بالتحريف فإنهم أسسوا عقيدتهم على الأحاديث المروية عن الأئمة الاثنى عشر ، الأحاديث الصحيحة ، المثابتة ، المعتمد عليها.
ثالثا: لم يدرك واحد من هؤلاء الأربعة القائلين بعدم التحريف زمن الأئمة الاثنى عشر " المعصومين " ـ حسب زعمهم ـ بخلاف متقدميهم القائلين بالتحريف ومعتقديه ، فإنهم أدركوا زمن الأئمة ، وجالسوهم ، وتشرفوا برفقتهم ، واستفادوا من صحبتهم ، وصلوا خلفهم ، وسمعوا وتعلموا منهم بلا واسطة ، وتحدثوا معهم مشافهة .
رابعا : الكتب التي رويت فيها أخبار وأحاديث عن التحريف والتغيير كتب معتبرة ، معتمد عليها عند الشيعة ، وقد عرضت بعض هذه الكتب على الأئمة المعصومين ، ونالت رضاهم مثل الكافي للكليني ، وتفسير القمي ، وغيرهما.
خامسا : أن هؤلاء الأربعة الذين تظاهروا بإنكار التحريف يروون في كتبهم أنفسها ـ أحاديث وروايات عن الأئمة وغيرهم تدل وتنص على التحريف بدون تعرض لها ولإسنادها ورواتها.
فمثلا ابن بابويه القمي القائل بأنه " من نسب إلينا القول بالتحريف فهو كاذب : هو نفسه الذي يروي في كتابه " الخصال " حديثا مسندا متصلا " حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي المعروف بالجصاني قال : حدثنا عبدالله بن بشر قال : حدثنا الحسن بن زبرقان المرادي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش الأجلح عن أبي الزبير عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون ، المصحف ، والمسجد ، والعترة ، يقول المصحف يا رب حرقوني ومزقوني " الحديث" .
وأبو علي الطبرسي الذي ينكر التحريف بشدة هو نفسه يروي في تفسيره وأحاديث يعتمد عليها تدل على أن التحريف قد وقع ، فمثلا يعتمد في سورة النساء على رواية تضمنت نقصان كلمة " إلى أجل مسمى " من آية النكاح فيقول: وقد روى عن جماعة من الصحابة منهم أبي بن كعب ، وعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن مسعود أنهم قرأوا فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فأتوهن أجورهن ، وفي ذلك تصريح ومثل هذا كثير عندهم وهذا يدل دلالة واضحة أنه ما أنكر بعضهم التحريف إلا نفاقا وتقية ليخدعوا به المسلمين ، والمعروف في مذهب الشيعة أنهم يرون التقية أي التظاهر بالكذب أصلا من أصول الدين كما يذكر ابن بابوية القمى هذا في رسالته " الاعتقادات " : التقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية ، وخالف الله ورسوله والأئمة ، وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " قال : أعملكم بالتقية ".
فما كان ذاك إلا لهذا وإلا فكيف كان ذلك ؟
سادسا : لو سلم قول الأربعة لبطلت الروايات التي تنص على أن القرآن لم يجمعه إلا علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وأنه عرضه على الصحابة فردوه إليه وقالوا لا حاجة لنا به ، فقال : لا ترونه بعد هذا إلا أن يقوم القائم من ولدي " وهناك رواية في " الكافي " عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ما يستطيع أحد أن يدعى أن عنده جميع القرآن ، ظاهره وباطنه غير الأوصياء".
وأيضا تبطل الأراجيف التي تقول إن الصحابة وبخاصة الخلفاء الثلاثة منهم رضوان الله عليهم أجمعين أدرجوا فيه ما ليس منه وأخرجوا منه ما كان داخلا فيه ، ـ ويعترف بمجهودات الصحابة وفضلهم الذين جمعوا القرآن وتسببوا في حفظه بتوفيق من الله ، وعنايته ، ورحمته ، وكرمه.
وفسد أيضا اعتقاد أنه لا تقبل عقيدة ولا يعتمد على شيء لم يصل إلينا من طريق الأئمة الاثنى عشر ، والثابت أن القرآن الموجود في الأيدي لم ينقل إلا من مصحف الإمام عثمان ذي النورين ـ رضي الله عنه ـ وأن جمع القرآن كان بدايته من الصديق ونهايته من ذي النورين رضي الله عنهما.
ولأجل ذلك لم يقبل هذا المتقدمون منهم ولم يقبله المتأخرون بل ردوا عليهم ـ فهذا مفسر شيعي معروف محسن الكاشي يقول في تفسيره الصافي بعد ذكر أدلة السيد المرتضى : أقول لقائل أن يقول كما أن الدواعي كانت متوفرة على تغييره من المنافقين ، المبدلين للوصية ، المغيرين للخلافة ، لتضمنه ما يضاد رأيهم وهواهم ـ إلى أن قال ـ : وأما كونه مجموعا في عهد النبي على ما هو عليه الآن فلم يثبت ، وكيف كان مجموعا وإنما كان ينزل نجوما وكان لا يتم إلا بتمام عمره".
وقال أحد أعلام الشيعة في الهند ردا على كلام السيد المرتضى : فان الحق أحق بالاتباع ، ولم يكن السيد علم الهدى ( المرتضى ) معصوما حتى يجب أن يطاع ، فل ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقا لم يلزمنا اتباعه ولا خير فيه ".
وقال الكاشي ردا على الطوسي بعدما نقل عبارته فقال : أقول يكفي في وجوده في كل عصر وجوده جميعا كما أنزل الله محفوظا عند أهله ، ووجود ما احتجنا إليه عندنا وان لم نقدر على الباقي كما أن الإمام كذلك ".
سابعا: قد ذكرنا سابقا أن عقيدة الشيعة كلهم في القرآن هو أن القرآن محرف ومغير فيه غير هؤلاء الأربعة فهم ما أنكروا التحريف إلا لأغراض .
منها سد باب الطعن لأنهم رأوا أن لا جوال عندهم لأعداء الإسلام حيث يعترضون على المسلمين " إلى أي شيء تدعون وليس عندكم ما تدعون إليه ؟
فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: صَحِيحٌ، يَامُعَلِّمُ! حَسَبَ الْحَقِّ تَكَلَّمْتَ. فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.
- انجيل مرقس 12:32
موقع مسيحيات فقط
http://www.answer-me-muslims.com/