بوليكاربوس القدِّيس إريناؤس أسقف ليون بفرنسا، وبالتالي ما يقوله الواحد هو ما نقله عن الآخر، فقد نقل بوليكاربوس عن يوحنّا ونقل إريناؤس عن بوليكاربوس وبالتي ما كتبه إريناؤس هو شهادة القدِّيس يوحنا المنقولة عبر بوليكاربوس، وهكذا . وهؤلاء سلَّموه بدورهم لمن بعدهم حتي جاءت المجامع الكنسيّة سواء المحليّة والتالي بدأت في نهاية القرن الثاني الميلادي، أو المسكونيّة التي بدأت بمجمع نيقية سنة 325م. وقد واجه هؤلاء العالم كله بحقيقة الصلب والقيامة، وكان العالم جميعه ينظر إليهم كأتباع المصلوب الذي صلبه اليهود ولكنهم واجهوه بحقيقة قيامته وانتصاره علي الموت وصعوده إلي السماء وجلوسه عن يمين العظمة في السماء. وهذه بعض فقرات مما كتبوه :
(1) اكليمندس الروماني (30 – 100م) : تلميذ الرسل وأسقف روما : يقول في رسالته : " لنركز أنظارنا علي دم المسيح متحقّقين كم هو ثمين لدي أبيه، إذ سفكه لأجل خلاصنا، وقدَّم نعمة التوبة للعالم كله" . " لنُكرم الرب يسوع المسيح الذي قدَّم دمه لأجلنا " . " وقد صار الرب يسوع المسيح باكورة القائمين من الموت " . " وبعدما تسلم الرسل أوامرهم واقتنعوا بقيامه ربنا يسوع المسيح تمامًا، وتأكَّدوا من كلمة الله، ذهبوا في ثقة الروح القدس للكرازة ".
(2) أغناطيوس الأنطاكي ( 30 – 107م) تلميذ بطرس الرسول وأسقف كنيسة إنطاكية : يقول في رسالته إلي أفسس " إنَّ روحي هي ضحيّة الصليب، والصليب هو عثرة لغير المؤمنين، أمَّا لنا نحن فهو خلاص وحياة أبديّة" (أف 1:1

.
ويقول في رسالته إلي ترالس " يسوع المسيح 000 تألم حقاً علي عهد بيلاطس البنطي، وصُلب حقًا ومات حقًا أمام السمائيّين والأرضيّين ومن تحت الأرض قام حقًا من الأموات " (9: 1و2).
وقال في رسالته إلي سميرنا " أنا أؤمن أنَّه بعد القيامة كان ما يزال له جسد، وأؤمن أنَّه هكذا الآن، ومثال ذلك، عندما جاء للذين كانوا مع بطرس قال لهم "
ــــــــــ
- 166 –
جسّونى وانظروا أني لست روحًا بدون جسد " وفي الحال لمسوه وآمنوا أنَّه كان روحًا وجسدًا 000 وبعد قيامته أكل وشرب معهم 000 " (ف2) .
(3) بوليكاربوس (65-155م) تلميذ القديس يوحنا الرسول: يقول في رسالته إلى فيلبى: "يسوع المسيح سيدنا الذي تحمَّل الموت من أجلنا وأقامه الله حالاً رباطات الجحيم " (2:1). "آمنوا بمن أقام سيدنا يسوع المسيح من بين الأموات وأعطاه مجدًا " (1:2). " فلنلتصق دائمًا برجائنا وعريس عدالتنا يسوع المسيح الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة (الصليب)" (1:7) .
(4) رسالة برنابا المكتوبة سنة 100م وقد جاء فيها : " أنَّ السيد قد إحتمل تسليم جسده إلي الفساد. كان المقصود هو تنقيتنا وغفران خطايانا الذي تمَّ بنضح دمه " (1:5). " يا أخوتي إذا كان السيد قد إحتمل أنْ يتألَّم من أجل نفوسنا وهو ربّ المسكونة 000 فكيف قبل أنْ يتألَّم علي أيدي الناس؟ ولكي يُعطّل الموت ويُبَرْهِن علي القيامة من الأموات ظهر بالجسد وإحتمل الآلام " (5:5). " إنَّه هو الذي أراد أنْ يتألَّم هكذا، وكان عليه أنْ يتألَّم علي الصليب " (12:5).
وأيضًا " قد تألَّم ليُحْيينا بجراحه، فلنؤمن أنَّ ابن الله لم يتألَّم إلاَّ لأجلنا وقد سُقِيَ الخلّ والمرارة عندما صُلِبَ " (7: 2و3). " لذلك نُعَيِّد اليوم الثامن بفرح. اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات وظهر وصعد إلي السماء " (9:15).
(5) يوستينوس الشهيد (100-165م) : يقول في حواره مع تريفو اليهودي " لأنَّه حقًا بقي المسيح علي الشجرة (الصليب) حتي المساء تقريبًا ودفنوه في المساء وفي اليوم الثالث قام ثانيه "
(2) .
وقال في كتابه علي القيامة " لماذا قام (المسيح) في الجسد الذي تألَّم به إلاَّ لكي يُبَينِّ قيامة الجسد؟ وتأكيدًا لهذا، فعندما لم يعرف تلاميذه إنْ كان قد قام بالجسد
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(2) Dialogue. Ch. 97.
ــــــــــ
- 167 –
حقًا وكانوا ينظرون إليه بشكٍّ قال لهم : " أليس لكم إيمان حتي الآن، أنظروا أنَّى أنا، وسمح لهم أنْ يجسُّوه ويروا آثار المسامير في يَدَيْه، وعندما اقتنعوا تمامًا أنَّه هو نفسه وفي الجسد سألوه أنْ يأكل معهم كي ما يكونوا أكثر يقينًا، أنَّه قام في جسده الحقيقيّ ؟ فأكل شهد عسل وسمكًا "
(3) .
(6) ايريناؤس (120 – 220) أسقف ليون بفرنسا : هذا القديس كتب فصولاً طويلة شرح فيها آلام السيد المسيح وصلبه وموته ودفنه وقيامته نكتفي منها بهذه الفقرة : " وكما قام المسيح بجوهر الجسد وكشف لتلاميذه آثار المسامير والفتحة في جنبه 000 فقد قام بقوته هو"
(4) .
4 - التقليد المسيحي وحقيقة الصلب والقيامة :
التقليد المسيحي هو تعليم رسل السيد المسيح الذي تسلموه من السيد نفسه وسلموه لخلفائهم وتلاميذهم، وقد مارسوه عمليًا من خلال شعائرهم وصلواتهم وأصومهم واحتفالاتهم " تَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ. " ( 1كو 11/2 )، " فَاثْبُتُوا إِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا. " ( 2 تس 2/15 )، " فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هَذَا مِقْدَارُهُ، قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِداً اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَّوِعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ؟ " ( عب 2/3-4 ).
(1) القداس الإلهي : والذي يتركَّز جوهره حول موت المسيح مصلوبًا ودفنه وقيامته من الأموات وصعوده. وقد مُورست صلوات القدَّاس منذ فجر الكنيسة علي أيدي الرسل، حيث بدأ بعد حلول الروح القدس مباشرة " وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ وَالشَّرِكَةِ وَكَسْرِ الْخُبْزِ وَالصَّلَوَاتِ. " ( أع2/42 ).
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: صَحِيحٌ، يَامُعَلِّمُ! حَسَبَ الْحَقِّ تَكَلَّمْتَ. فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.
- انجيل مرقس 12:32
موقع مسيحيات فقط
http://www.answer-me-muslims.com/