7 - حقيقية وتاريخية هذه المعجزات والعجائب :
ولأنَّ هذه المعجزات والعجائب، أو الظواهر الإعجازيّة التي حدثت وقت صلبه وموته، غير عاديّة، وقد برهنت بصورة قاطعة علي أنَّ المصلوب لم يكن سوي رب المجد، المسيح، فقد زعم البعض عدم صحّتها، بحُجَّة أنَّها، كما يزعمون، غير مُدَوَّنّة في التاريخ العام، فقال أحدهم " هذه حادثة عظيمة لو صحَّت لدوَّنها التاريخ العامّ الذي لم يُشِرْ إلي المسيح بكلمة (حسب إدّعائه). ولو صحَّت أيضًا لآمن الرومان واليهود 000 ولكن (حسب زعمه) لم تردْ أخبار بإيمان أحد من اليهود علي أثر تلك البيِّنات الباهرات!! ". وهذا الإدعاء المبني علي الهوي وغير المدروس لا أساس له من الصحة ويتجاهل حقائق التاريخ المؤكدة .
أولاً: لأنَّه عندما صُلب المسيح وحدثت هذه الظواهر الإعجازيَّة لم تكنْ بشارته ورسالته المسيحيّة قد خرجت خارج نطاق فلسطين وسوريا وكان في نظر أهل هذه البلاد مُجَرَّد " نبي اليهود "
(11) أو " النبي الذي من ناصرة الجليل "
(12) ، وبالتالي فلم يكن أحد قد سمع به كثيرًا خارج فلسطين أو سوريا. كما أنَّ عمليّة القبض عليه ومحاكمته وصلبه وموته لم تستغرق أكثر من 20 ساعة، من بعد عشاء الخميس إلي ما قبل غروب شمس يوم الجمعة، فقد تمَّ كلّ شئ بصورة مفاجئة وسريعة، وهذا لم يجعل أحدًا خارج أورشليم يعرف شيئًا عمَّا حدث إلا بعد ذلك بأيَّام فما بالنا بالعالم الوثنيّ خارج فلسطين.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(11) يقول الكتاب انه " كان عندهم مثل نبي " (مت5:14؛46:21) .
(12) ) متى 11:21 ولم يطلب السيد من تلاميذه أن يذهبوا إلى العالم أجمع وإلى أقصى الأرض كلها إلا بعد قيامته (متى29:28؛ أع8:1). كما أن طلب منهم أن لا يبرحوا أورشليم إلا بعد أن يحل عليهم الروح القدس (لو 49:24).
ــــــــــ
- 144 –
ثانياً: وبالرغم من أنَّ كثيرين من كتَّاب التاريخ وعلماء الفلك المعاصرين سجَّلوا حدوث هذه الظواهر وقت حدوثها وفي نفس تاريخها المذكور في الإنجيل إلاَّ إننا لا نتوقَّع منهم أنْ ينسبوا سبب حدوثها لصلب المسيح وموته لأنَّهم لم يكونوا قد سمعوا عنه، وقتها، وإنما نتوقَّع، كما حدث بالفعل، أنْ ينسبوا سبب حدوثها لآلهتهم الوثنيّضة أو يعتبرونها ظواهر طبيعيَّة غير عاديَّة دون أنْ ينسبوا سبب حدوثها لأحد أو لشيء. وهذا ما حدث بالفعل، وعلى سبيل المثال فقد نقل لنا يوليوس الأفريقي Juluis Africanus (200-245م) شهادة اثنين من معاصري هذه الأحداث :
1
- فليجون Phlegon والذي سجَّل أنَّه " في زمن طيباريوس قيصر، والقمر في تمامه، حدث كسوف تام للشمس من الساعة السادسة إلي الساعة التاسعة "
(13) .
2
- تالوس Thallus الذي سجَّل في الكتاب الثالث من تاريخه الظلمة التي حدثت في ذلك اليوم. وإعتقد أنَّ ما حدث كان " كسوفًا للشمس "، وذلك دون أنْ يذكر سبب هذا الكسوف. ويُعلق يوليوس علي ذلك بقوله " أنَّ العبريّين يحتفلون بعيد الفصح يوم 14 للقمر وقد حدثت آلام المسيح في اليوم السابق للفصح، وكسوف الشمس يحدث فقط عندما يأتي القمر تحت الشمس، وهذا لا يمكن أنْ يحدث إلا في الفترة ما بين اليوم الأخير من الشهر القمري السابق واليوم الأول من الشهر القمري الجديد، وليس في أي وقت آخر "
(14) .
وهذه الحادثة كانت مُسجَّلة في سجَّلات الرومان الرسميَّة؛ إذ يقول القسّ ترتليان (140-220م) من قرطاج بشمال أفريقيا؛ أنَّه في نفس الساعة التي أسلم فيها المسيح روحه علي الصليب " اختفي ضوء النهار والشمس في أوج إشراقها 000 وأنتم أنفسكم (أيها الرومان) لديكم وصف لأعجوبة العالم (هذه) مُدوَّن في سجَّلاتكم "
(15) .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(13) Antes N.F. Vol.6 p. 137.
(14) Ibid p. 136.
(15) Apology: 21.
ــــــــــ
- 145 –
كما أنَّ الذين دوََّنوا هذه الظواهر في حينها ونسبوها للآلهة أو اعتبروها ظواهر طبيعيَّة غير عاديّة وآمنوا بالمسيحيّة بعد ذلك وعرفوا أنَّ سبب حدوثها هو صلب المسيح وموته ظلَّت شهادتهم، هذه، محفوظة لنا ولكن في سجّلات المسيحيّة ومن هؤلاء القديس ديوناسيوس الأثيني الذي كان وثنيًا وكان عالمًا في الفلك وقد ذهب إلي مصر ليتبحّر في ذلك العلم وعندما كان في مدينة هيرابوليس يرصد النجوم في وقت صلب المسيح كسفت الشمس علي غير عادتها فإندهش لهذا الكسوف الغير عادي والغير متوقّع والذي دام لمدّة ثلاث ساعات فصرخ قائلاً " إمَّا أنَّ إله الطبيعة يتألَّم أو أنَّ العالم أوشك أنْ ينهدم " وعندما عاد إلي أثينا وسمع القديس بولس الرسول ( أع17/34 ) يتحدَّث عن صلب المسيح وموته وما رافق ذلك من معجزات وعجائب أدرك مغزي ما سبق أنْ شاهده وسجّضله وآمن بالمسيحيَّة وسجَّل لنا هذه الشهادة في رسالته السابعة وصار أوَّل أسقف لأثينا.
ثالثاً: وسُجّلت هذه الظواهر الإعجازية، أيضًا، في الكتب المسيحيّة غير القانونيّة وفي كتب التاريخ اليهودية وفي التلمود اليهودي؛ فقد جاء في الكتاب الأبوكريفي (المزيف - المنحول - غير القانوني) والمسمى بـ " الإنجيل بحسب العبرانيين " والذي إقتبس منه القديس جيروم
(16) سكرتير بابا روما في نهاية القرن الرابع الميلادي، وكذلك في الكتاب الأبوكريفي المسمى بـ "إنجيل الناصريين " والذي إقتبس منه هيمو الأكسيري سنة 850 م أنَّ العتبة العليا ذات الحجم الضخم ورائعة النقوش والمثبت بها حجاب الهيكل قد انشطرت في اللحظة التي مات فيها المسيح وتحوّلت إلي قطع متناثرة " أنَّه في الوقت الذي مات فيه المسيح إنشطرت عتبة الهيكل العليا ذات الحجم الضخم "
(17) . وهذا نفس ما ذكره المؤرخ اليهودي يوسيفوس
(1
، ويُضيف، أيضًا أنَّ أصوات علويَّة مرعبة سُمعت تقول " لنرحل من هذا المسكن "
(19) ، أي الهيكل .
ـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(16) The Pulpit com. Vol. 15 p. 594.
(17) N. T. Apoc. Vol. 1p. 150.
(1
Ibid 153.
ــــــــــ
فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: صَحِيحٌ، يَامُعَلِّمُ! حَسَبَ الْحَقِّ تَكَلَّمْتَ. فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.
- انجيل مرقس 12:32
موقع مسيحيات فقط
http://www.answer-me-muslims.com/