إيمان الفرق الدوسيتية بصلب المسيح
إستغلّ البعض قول الهراطقة الدوسيتيين الغنوسيين بأنَّ المسيح إتّخذ جسدًا خياليًا، نجميًا، روحيًا، ولاهوتيًا ولم يتّخذ جسدًا فيزيائيًا ماديًا طبيعيًا، بل كان شبحًا وخيالاً، ولذا فقد كانت عملية صلبه أيضًا عملية خياليّة مظهريّة، بمعنى أنَّه صُلِبَ ظاهريًا، بدا للناظرين مصلوبًا علي الصليب ولكنه كان نورًا ومعلقًا أيضًا علي صليب من نور في آنٍ واحدٍ، وأنَّ بعضهم قال بصلب المسيح الإنسان وعدم صلب المسيح الإنسان، أي صُلِبَ الناسوت وصَعَدَ اللاهوت. وقالوا أنَّه وجدت فرق مسيحيّة قالت بعدم صلب المسيح، هكذا بعدم فهم، أو كمجرّد حجّة سوفسطائيّة (جدليّة) يتّخذونها علي المسيحيّين !!!!!
ونقول لهم : أنَّ هذه الفرق الهرطوقيّة التي برهنّا في الفصل السابق من أقوالهم إيمانهم بتعدّد الآلهة، وبالتالي فهي وثنيّة وليست مسيحيّة، ولكن قولكم أنَّها لم تكنْ تُؤمن بأنَّ المسيح قد صُلِبَ، هو قولٌ باطلٌ وغير صحيح، لأنَّ غالبيتهم العظمي، مع قلّتهم الشديدة، قالوا بأنَّ المسيح عُلِّقَ علي الصليب فعلاً ولكن لأنَّه إله وليس له جسد فيزيائيّ طبيعيّ من لحمٍ ودمٍ وعظامٍ، لذا بدا لهم يُصلب وبدا ينزف الدم وبدا لهم أنَّه مات ثم قام من الموت، ومنهم من قال أنَّ المسيح الإله نزل من السماء وحلّ علي يسوع (عيسي) في العماد وفارقه عند الصلب وبالتالي فالذي صُلب هو يسوع (عيسي)، أو المسيح الإنسان وليس المسيح الإله. ولم يقلْ أحد غير شخص واحد هو باسيليدس فقط ومن إتّبعوه بصلب بديل للمسيح وذلك بسبب إيمانه بأنَّ المسيح أحد الآلهة العديدين المتصارعين.
وبالرغم من أنَّ كتبهم تركّز علي ما تسمّيه بالأقوال السريّة الصوفيّة، ومعظمها عبارة عن مجموعات من الأقوال المنسوبة للمسيح والرسل، كما أنَّ الكثير منها
ــــــــــ
-69-
يتكلّم عمّا بعد قيامة المسيح من الموت وظهوره لتلاميذه وأحاديثه معهم، وعنصر الأحداث فيها قليل، إلاَّ أنَّه كثير منها ذكر أحداث الصلب والقيامة بصورة شبه متطابقة مع ما جاء في الإنجيل بأوجهه الأربعة.
وفيما يلي فقرات من بعض كتب هؤلاء الهراطقة التي أسموها أناجيل ونسبوها للرسل لتلقى رواجًا عند العامّة، تثبت إيمانهم بصلب المسيح:
(1) إنجيل بطرس
(1) : ويرجع إلي القرن الثاني وقد وُجدت نسخته في أخميم في شتاء 1886-1887م ، وهو الآن في متحف القاهرة. ويبدأ الجزء الموجود منه بغسل أيدي بيلاطس وهو يًبرّئ نفسه من دم المسيح ويشتمل علي محاكمة المسيح وصلبه وموته وقيامته وينتهي بعد القيامة بحديث يدلّ علي أنَّ له بقيّة مفقودة والعبارة الأخيرة منه مبتورة. وهذا نصه كاملاً :
"1:1 ولكن لم يغسل أحد من اليهود يديه، لا هيرودوس ولا أيًّـا من قضائه، وعندما رفضوا أنْ يغسلوا أيديهم قام بيلاطس 2 ثم أمر هيردوس الملك أن يأُخذ الرب وقال لهم: ما أمرتكم أنْ تفعلوه افعلوه .
3:2 وكان يقف هناك يوسف صديق بيلاطس وصديق الرب ، ولمعرفته أنَّهم كانوا علي وشك أنْ يصلبوه، جاء إلي بيلاطس وإلتمس جسد الرب ليدفنه، 4 فأرسل بيلاطس إلي هيردوس وإلتمس جسده 5 فقال هيردوس: أخي بيلاطس حتي إذا لم يلتمس الجسد أحد سوف ندفنه، خاصة وأنَّ السبت بدأ يحلّ لأنَّه مكتوب في الناموس لا تغرب الشمس علي جثة إنسان ميت. وأسلمه للشعب في اليوم الذي قبل الخبز غير المختمر (الفطير)، عيدهم.
6:3 وأخذوا الرب ودفعوه بسرعة وقالوا: لنسوق ابن الله الآن إذ صار لنا الآن سلطان عليه. 7 وألبسوه ثوب أرجوان وأجلسوه علي كرسي للقضاء وقالوا لحكم بعدل يا ملك إسرائيل وأحضر واحدًا منهم إكليلاً من الشوك ووضعه علي رأس الرب. 9 وآخرين من الواقفين بصقوا علي وجهه، وآخرين لطموه علي خديه
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1) New Testament Apocrypha Vol. 1. P. 184.
ــــــــــ
-70-
وآخرين ضربوه بقصبة والبعض سخروا منه قائلين: " فنُكرم ابن الله بمثل هذه الكرامة ".
10:4 وجاءوا بلصّين وصلبوا الرب في الوسط بينهما، أمّا هو فعقد سلامه كما لو أنَّه لم يشعر بألم 11 وعندما نصبوا (رفعوا) الصليب كتبوا عليه العنوان : هذا هو ملك إسرائيل 12 ونزعوا عنه ملابسه أمامه واقتسموها بينهم واقترعوا عليها . 13 ولكن أحد اللصّين وبخهم قائلاً : إننا نتعذب بسبب الأعمال الشريرة التي صنعناها، ولكن هذا الرجل، الذي صار مخلصًا للبشر، ماذا صنع من شر ؟ 14 وكانوا حانقين عليه وأمروا أنْ لا تكسر رجليه حتى يموت بعذابات كثيرة.
15:5 ولما صار منتصف النهار غطت الظلمة كل اليهودية وكانوا قلقين ومضطربين لئلا تغرب الشمس وهو ما يزال حيًا، لأنَّه مكتوب لهم: لا تغرب الشمس علي أحد تحت حكم الموت، 16 وقال واحد منهم: أعطوه ليشرب خلّ مع مرّ، فمزجوهما وأعطوهما له ليشرب. 17 وأتموا كلّ شئ وأكملوا مكيال خطاياهم علي رؤوسهم، 18 وذهب إلي هناك كثيرون بالمشاعل فقد ظنّوا أنَّه كان ليلاً، فذهبوا للنوم أو تعثّروا . 19 ونادى الرب وصرخ: قوّتي يا قوّتي، أنت تركتني، ولما قال هذا كف. وفي تلك الساعة إنشق حجاب الهيكل في أورشليم إلي إثنين.
21:6 ثم سحبوا المسامير من يدي الرب وأنزلوه علي الأرض فتزلّزلت كلّ الأرض وحدث خوف عظيم، ثم أشرقت الشمس ووجدوا أنَّها الساعة التاسعة. 23 فإبتهج اليهود وأعطوا جسده ليوسف ليدفنه حيث أنَّه رأى كلّ ما صنع (يسوع) من خير. 24 وأخذ الرب وغسّله ولفّه بكتّان ووضعه في قبره الذي كان يُدعي بستان يوسف.
25:7 ثم أدرك اليهود والشيوخ والكهنة مدي الشر العظيم الذي فعلوه لأنفسهم وبدءوا ينوحون ويقولون: الويل علي خطايانا، فقد اقتربت الدينونة ونهاية أورشليم. 26 وحزنت أنا ورفقائي ولأنّنا جُرحنا في قلوبنا أخفينا أنفسنا إذ كانوا
ــــــــــ
-71-
يبحثون عنا كفاعلي شر وكراغبي إشعال النار في الهيكل. 27 وبسبب كلّ هذه الأشياء كنّا صائمين وجلسنا ننوح ونبكى ليلاً ونهارًا حتي السبت.
28:8 ولكن الكتبة والفرّيسيّين والشيوخ اجتمعوا معًا الواحد مع الآخر عندما سمعوا أنَّ كلّ الشعب كان ينوح ويقرع صدوره ويقول: إذا كان بموته قد حدثت كل هذه العلامات العظيمة، انظروا كم كان هو بارًا. 29 وكان الشيوخ خائفين وذهبوا إلي بيلاطس وتوسّلوا إليه وقالوا: 30 أعطنا جنود لنحرس قبره لمده ثلاثة أيام لئلا يأتي تلاميذه ويسرقونه ويظنّ الشعب أنَّه قام من الأموات ويفعلوا بنا شرًا. 31 فأعطاهم بيلاطس بيتروتيوس قائد المئة مع جنود لحراسه القبر. وجاء معهم إلي القبر شيوخ وكتبة. 30 ودحرج كل الذين كانوا هناك معًا حجرًا عظيمًا ووضعوه علي مدخل القبر مع قائد المئة والجنود. 33 وختموه بسبعة أختام ونصبوا خيمة وحرسوه.
34:9 وباكرًا في الصباح عندما كان السبت ينسحب جاء جمهور من أورشليم وتخومها ليروا القبر الذي خُتم. 35 ثم في الليلة التي كان ينسحب فيها يوم الرب عندما كان الجنود يقومون بحراستهم اثنان اثنان في كل ساعة رن صوت عظيم في السماء. 36 ورأوا السموات مفتوحة ونزل رجلان من هناك بنور عظيم واقتربوا من القبر. 37 وبدأ الحجر الذي وضع علي باب القبر يتدحرج من ذاته وجاء علي جانب وفُتح القبر ودخل الشابان.
38:10 وعندما رأى أولئك الجنود ذلك أيقظوا قائد المئة والشيوخ. لأنَّهم كانوا هناك للمساعدة في الحراسة. 39 وبينما كانوا يُعلنون الأمور التي رأوها رأوا ثانيه ثلاثة رجال خارجين من القبر واثنين منهم يساندان واحدًا وتبعهم صليب. 40 ووصلت رؤوس الإثنين السماء ولكن رأس ذلك المُنقاد منهم باليد تجتاز السموات. 41 وسمعوا صوت من السماء يقول: لقد بشرت الراقدين. 42 وسُمعت إجابة من الصليب: نعم .
43:11 لذلك إستشار هؤلاء الرجال أحدهما الآخر عما إذا كانوا يذهبون ليخبروا
فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: صَحِيحٌ، يَامُعَلِّمُ! حَسَبَ الْحَقِّ تَكَلَّمْتَ. فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.
- انجيل مرقس 12:32
موقع مسيحيات فقط
http://www.answer-me-muslims.com/