والنسخ في القرآن على وجوه ،
أحدهما : أن يثبت الخط وينسخ الحكم مثل آية الوصية للأقارب وآية عدة الوفاة بالحول وآية التخفيف في القتال ومنها أن ترفع تلاوتها أصلاً عن المصحف وعن القلوب ، كما روي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أن قوماً من الصحابة رضي الله عنهم قاموا ليلة ليقرؤوا سورة فلم يذكروا منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم فغدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال صلى الله عليه وسلم : "تلك سورة رفعت تلاوتها وأحكامها" .
والنسخ لا يدخل إلا الأحكام ، فلا يدخل النسخ على الأخبار وهو مذهب جمهور أهل العلم ، ولم ينكر النسخ إلا طوائف متأخرة ممن ينتسب إلى الإسلام وهؤلاء محجوحون بقوله تعالى: ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )[ البقرة : 106] وقوله تعالى

وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر)[ النحل : 101 ] .
فهاتان الآيتان صريحتان في وجود النسخ في القرآن ، وقد أجمع السلف على وجود النسخ ، وهذا الإجماع لا يضره ما ورد بعده من خلاف ممن لا يعتد بمخالفتهم.
وللنسخ فوائد منها إظهار امتثال العباد أوامر الرب جل وعلا ، ومنها التخفيف على العباد وهذا الغالب ، ومنها كذلك التدرج في الأحكام كنسخ الأحكام التي أباحت بعض الأمور التي كان عليها المسلمون إلى الحرمة .
وقد ينسخ الأثقل إلى الأخف والأخف إلى الأثقل كنسخ صيام يوم عاشوراء والأيام المعدودة برمضان ، وينسخ المثل بمثله نقلاً وخفة كالقبلة ، وينسخ الشيء لا إلى بدل كصدقة النجوى ، وينسخ القرآن بالقرآن والسنة ، وحذاق الأئمة على أن السنة نسخ بالقرآن كذلك كما في قوله تعالى: ( فلا ترجعوهن إلى الكفار ( [الممتحنة : 10] . فإن رجوعهن إنما كان بصلح النبي صلى الله عليه وسلم لقريش. والحذاق كذلك على جواز نسخ القرآن بخبر الواحد عقلاً واختلفوا هل وقع شرعاً ، فذهب أبو المعالي وغيره إلى وقوعه في نازلة مسجد قباء ، ولا يصح نسخ نص بقياس إذ من شروط القياس ألا يخالف نصاً . وهذا كله في زمن النبي (....) ، أما بعد موته واستقرار الشريعة فأجمعت الأمة أنه لا نسخ ، ولهذا كان الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به إذ انعقاده بعد انقطاع الوحي ، فإذا وجدنا إجماعاً يخالف نصاً فيعلم أن الإجماع استند إلى نص ناسخ لا نعلمه نحن وأن ذلك النص المخالف متروك العمل به . وإنما اختلف العلماء في مسألة من المؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بينها للأسباب التي اختلف بها كثير من الأئمة في مسائل الأحكام ، منها عدم بلوغ النسخ لهم ، ومنها اختلافهم في الحكم على الخبر الناسخ ، هل هو صحيح أم ضعيف ، ولاختلافهم في معرفة طرق النسخ وغير ذلك. والله أعلم .
المفتـــي: مركز الفتوى في
http://www.islamweb.net بإشراف د.عبدالله الفقيه
ما هي السور المشتملة على آيات ناسخة أو منسوخة ؟
فقد ذكر الإمام السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن أن الناسخ والمنسوخ قد جاء في إحدى وعشرين آية من إحدى عشرة سورة من القرآن، هي:
سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والنور والأحزاب والمجادلة والممتحنة والمزمل. ويمكنك أن تراجع تفصيل ذلك في المرجع المذكور( 1/ 653 ـ 658 ( . هذا والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى في
http://www.islamweb.net بإشراف د.عبدالله الفقيه
حكم العمل بالأحاديث المنسوخة
يعني : هل يجوز أن نعمل بكل حديث قيل في كتب الحديث = إنه منسوخ؟..
فإن العمل بالأحاديث التي ذكر أنها منسوخة، يختلف باختلاف الحديث، فإن كان الحديث قد أجمع العلماء على أنه منسوخ، فلا يعمل به، مثال ذلك: ما رواه أبو داود والترمذي من حديث معاوية: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه.
قال النووي في شرح مسلم: دل الإجماع على نسخه.
وكذلك إن كان الحديث قد دل في نفسه على أنه منسوخ، كقوله (.....): كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها... الحديث.
فلا يُعمل بهذا النوع من الأحاديث المنسوخة بالإجماع.
وأما ما كان من الأحاديث مختلفا في نسخه، فهذا يرجع إلى الاجتهاد، كقوله (....) : أفطر الحاجم والمحجوم. وكقوله صلى الله عليه وسلم: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم. .
فهذه الأحاديث وأمثالها اختلف فيها العلماء، فمنهم من قال: إنها منسوخة، ومنهم من لم يقل بنسخها، وجمع بينها وبين الأحاديث التي تعارضها، وهذا محل اجتهاد.
ومن المهم أن نعلم أن القول بالنسخ لا يُصار إليه إلا إذا توفر شرطان:
1- العلم بالتاريخ.
2- عدم إمكان الجمع بين الأحاديث.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى في
http://www.islamweb.net بإشراف د.عبدالله الفقيه
وعن المؤلفات في هذا الموضوع :
قد ألف في الناسخ والمنسوخ جمع من العلماء منهم النحاس وابن حزم والمقري والكرمي وقتادة وابن البارزي وابن الجوزي، وتكلم عليه من ألفوا في علوم القرآن كالسيوطي والزركشي والزرقاني ومن المتأخرين مناع خليل القطان وصبحي الصالح وقد تفاوت عدد ما ذكروه من المنسوخ في القرآن، فبعضهم عد بضع عشر آية، وبعضهم عد عشرين، وبعضهم رد على ذلك، ولكنه لم يبلغ أقصى ما ذكروه إلا نسبة ضئيلة في المائة هذا والله أعلم .
المفتـــي: مركز الفتوى في
http://www.islamweb.net بإشراف د.عبدالله الفقيه
وهل يجب على المسلم معرفة هذه الآيات؟
يمكنك أيها السائل أن تتعلم الآيات المنسوخة من الكتب التي ألفت في هذا الفن خصيصاً، ومنها: كتاب الناسخ والمنسوخ للنحاس، ولكل من ابن العربي المالكي وأبي داود السجستاني، وأبي القاسم بن سلام كتاب في نفس الموضوع ويحمل نفس الاسم، وكذلك عليك بمراجعة كتب التفسير بالمأثور كابن جرير الطبري، والدر المنثور للسيوطي، وتفسير ابن كثير.
هذا، وليُعلم أن تعلم الناسخ والمنسوخ بأحكامه لا يجب على جميع المسلمين، ولكن يجب على من أراد منهم أن يتصدى لتعليم الناس وإفتائهم، لئلا يقع في إصدار الأحكام بناءً على أدلة منسوخة، وتعلم أحكام الناسخ والمنسوخ لا بد فيه من قراءة كتب أصول الفقه القديمة والحديثة.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى في
http://www.islamweb.net بإشراف د.عبدالله الفقيه
هذا و أنا أنصح الأخ الذي يريد الاستزادة في الموضوع مراجعة هذا الرابط :
الناسخ المنسوخ :
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/F...ng=A&CatId=444