الموضوع: خلاص المسيح
عرض مشاركة واحدة
قديم 10/12/2005   #40
صبيّة و ست الصبايا آية اللطف
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ آية اللطف
آية اللطف is offline
 
نورنا ب:
Aug 2005
المطرح:
سوريا
مشاركات:
242

افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين
نعود لإكمال الموضوع بعون الله جل وعلا
قولك :

أنت هنا إفترضتى أن الصفة هى العصيان، وهذا غير صحيح
هناك مدرستان بخصوص الصفة التى أضيفت من الخطيئة الأولى
1- معرفة الخير والشر
وهذا مستمد من إسم الشجره، فلا يوجد نبات بالطبع يسمى الخير والشر، ومن أول خطيئة عرف أدم الخير والشر، وتوارث نسله بالكامل هذا من بعده

2- الجنس أو بمعنى أدق الشهوه
والشهوة تفرق عن الغريزة التى خلق بها أدم أن الإنسان يشتهى الشئ
فالجوعان يأكل للشبع، ولكن يمكن للإنسان أن يأكل لشهوة الأكل وليس للشبع
الخليقة تمارس الجنس للتكاثر، ولكن الإنسان يمكن أن يمارس الجنس لشهوته
هناك شهوات أخرى، مثل شهوة التملك والمال والسيطرة وغيرها الكثير الذى لو تأملنا به لوجدناه قد خرج عن نطاق الغرض من الخلقه وسار فى إتجاه مختلف تماما

الدليل الأكبر على تغير صفة من صفات الإنسان منذ أول خطيئة هى الأيات التالية
قبل الخطيئة
(وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان)
بعد الخطيئة
(فرأت المرأة ان الشجرة جيدة للأكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهيّة للنظر.فأخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها ايضا معها فأكل. فانفتحت اعينهما وعلما انهما عريانان.فخاطا اوراق تين وصنعا لانفسهما مآزر)
فور الأكل من الشجرة هناك شيئا تغير، إنفتحت أعينهما
(نادى الرب الاله آدم وقال له اين انت. فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لاني عريان فاختبأت. فقال من اعلمك انك عريان.هل اكلت من الشجرة التي اوصيتك ان لا تأكل منها)
من أعلمك أنك عريان؟

هل عرفت أن هناك شيئا تغير فى خلقة الله لأدم بأول خطيئة؟

لو كان الموضوع كما تتصورون عن خطيئة أدم لهان الموضوع، لكن حقيقة ما حدث أعمق كثيرا مما تعتقدون، فأنتم نتظرون بسطحية تامة لهذه الأمور

أي سطحية يا أخي أنا أصلا – كما أخبرتك سابقا – إن كان التصور للخطيئة كما تعتقدون فأفضل الإلحاد على أن أعبد إلها عاجزا عن منع صدور أي شيء مخالف لإرادته عن طريق مخلوقاته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
أما بالنسبة لما ذكرت من أن هناك شيئا تغير بعد الأكل من الشجرة فهذا أكيد ولكن هذا لا يعني أنها لم تكن موجودة في الأصل بخلق الله لها في نفس آدم عليه السلام ولكنه كان ذاهلا عنها ثم كيف أنه يعلم ما سيكون ثم يدبر ما لا يريد من خلق هذا الإنسان الذي سيغير في ملك الله مالا يريد كما - تزعمون – بل ويخلق الشجرة التي كانت سبب التغيير فإذا التغيير حصل من شيء قد خلقه الله يعني المريد الأساسي للفعل هو الله جل وعلا لحكمة يعلمها
وأما بالنسبة لقصة سيدنا آدم عليه السلام التي ذكرتها فقد ذكر ما يشبهها في القرآن الكريم ولم يفسر أحد من المفسرين ذلك بأنه اكتسب صفة لم تكن مخلوقة فيه ولكنه تعرف عليها
مثلا في سورة الأعراف يقول الله تعالى : ( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاََّهما بغرور , فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة , وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون ) الأعراف
ويقول الدكتور سيد قطب رحمه الله في كتابه ( في ظلال القرآن ) في تفسير هذه الآيات :
( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )
يسكت القرآن عن تحديد هذه الشجرة لأن تحديد جنسها لا يزيد شيئا في حكمة حظرها مما يرجح أن الحظر في ذاته هو المقصود لقد أذن لهما بالمتاع الحلال ووصاهما بالامتناع عن المحظور ولا بد من محظور يتعلم منه هذا الجنس أن يقف عند حد وأن يدرب المركوز في طبعه من الإرادة التي يضبط بها رغباته وشهواته ويستعلي بها على هذه الرغبات والشهوات فيظل حاكما لها لا محكوما بها كالحيوان فهذه هي خاصية الإنسان التي يفترق بها عن الحيوان ويتحقق بها فيه معنى الإنسان
والآن يبدأ إبليس يؤدي دوره الذي تمحض له
إن هذا الكائن المتفرد الذي كرمه الله هذا التكريم والذي أعلن ميلاده في الملأ الأعلى في ذلك الحفل المهيب والذي أسجد له الملائكة فسجدوا والذي أخرج بسببه إبليس من الجنة وطرد من الملأ الأعلى ... إن هذا الكائن مزدوج الطبيعة مستعد للاتجاهين على السواء وفيه نقطة ضعف معينة يقاد منها – ما لم يلتزم بأمر الله فيها – ومن هذه النقاط تمكن إصابته ويمكن الدخول إليه إن له شهوات معينة ومن شهواته يمكن أن يقاد
وراح إبليس يداعب هذه الشهوات :
( فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين )
ووسوسة الشيطان لا ندري نحن كيف تتم لأننا لا ندري كنه الشيطان حتى ندرك كيفية أفعاله وكذا اتصاله بالإنسان وكيفية إغوائه ولكننا نعلم – بالخبر الصادق وهو وحده المعتمد عندنا عن هذا الغيب – أن إغواء على الشر يقع في صورة من الصور وإيحاء بارتكاب المحظور يتم في هيئة من الهيئات وأن هذا الإيحاء وذلك الإغواء يعتمدان على نقط الضعف الفطرية في الإنسان وأن هذا الضعف يمكن اتقاؤه بالإيمان والذكر حتى ما يكون للشيطان سلطان على المؤمن الذاكر وما يكون لكيده الضعيف من تأثير
وهكذا وسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما فهذا كان هدفه لقد كانت لهما سوآت ولكنها كانت مواراة عنهما لا يريانها – وسنعلم من السياق أنها سوآت حسية جسدية تحتاج إلى تغطية مادية فكأنهما عوراتهما – ولكنه لم يكشف لهما هدفه بطبيعة الحال إنما جاءهما من ناحية رغائبهما العميقة :
( وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملَكين أو تكونا من الخالدين )
بذلك داعب رغائب الإنسان الكامنة ...إنه يحب أن يكون خالدا لا يموت أو معمرا أجلا طويلا كالخلود ويجب أن يكون له ملك غير محدد بالعمر القصير المحدد
وفي قراءة ( ملِكين ) بكسر اللام وهذه القراءة يعضدها النص الآخر في سورة طه : ( هل أدلكما على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) وعلى هذه القراءة يكون الإغراء بالملك الخالد والعمر الخالد وهما أقوى شهوتين في الإنسان بحيث يمكن أن يقال : إن الشهوة الجنسية ذاتها إن هي إلا وسيلة لتحقيق شهوة الخلود بالامتداد في النسل جيلا بعد جيل – وعلى قراءة ( ملَكين ) بفتح اللام يكون الإغراء بالخلاص من قيود الجسد كالملائكة مع الخلود ولكن القراءة الأولى وإن لم تكن هي المشهورة – أكثر اتفاقا مع النص القرآني الآخر ومع اتجاه الكيد الشيطاني وفق شهوات الإنسان الأصيلة
ولما كان اللعين يعلم أن الله نهاهما عن هذه الشجرة وأن هذا النهي له ثقله في نفوسهما وقوته فقد استعان على زعزته – إلى جانب مداعبة شهواتهما – بتأمينهما من هذه الناحية فحلف لهما بالله إنه لهما ناصح وفي نصحه صادق :
( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين )
ونسي آدم وزوجه – تحت تأثير الشهوة الدافعة والقسم المخدر – أنه عدوهما الذي لا يمكن أن يدلهما على خير وأن الله أمرهما أمرا عليهما طاعته سواء عرفا علته أم لم يعرفاها وأنه لا يكون شيء إلا بقدر من الله فإذا كان لم يقدر لهما الخلود والملك الذي لا يبلى فلن ينالاه
نسيا هذا كله واندفعا يستجيبان للإغراء
( فدلاََّهما بغرور , فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة , وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين )
لقد تمت الخدعة وآتت ثمرتها المرة لقد أنزلهما الشيطان بهذا الغرور من طاعة الله إلى معصيته فأنزلهما إلى مرتبة دنيا :
( فدلاََّهما بغرور )
ولقد شعرا الآن أن لهما سوآت تكشفت لهما بعد أن كانت مواراة عنهما فراحا يجمعان من ورق الجنة ويشبكانه بعضه في بعض ( يخصفان ) ويضعان هذا الورق المشبك على سوآتهما – مما يوحي بأنها العورات الجسدية التي يخجل الإنسان فطرة من تعريتها ولا يتعرى ويتكشف إلا بفساد في هذه الفطرة من صنع الجاهلية
( وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين )
وسمعا هذا العتاب والتأنيب من ربهما على المعصية وعلى إغفال النصيحة أما كيف كان النداء وكيف سمعاه فهو كما خاطبهما أول مرة وكما خاطب الملائكة وكما خاطب إبليس كلها غيب لا ندري عنه إلا أنه وقع وأن الله يفعل ما يشاء
وأمام النداء العلوي يتكشف الجانب الآخر في طبيعة هذا الكائن المتفرد .... إنه ينسى ويخطئ ..... إن فيه ضعفا يدخل منه الشيطان ... إنه لا يلتزم دائما ولا يستقيم دائما ... ولكنه يدرك خطأه ويعرف زلته ويندم ويطلب العون من ربه والمغفرة ... إنه يثوب ويتوب ولا يلح كالشيطان في المعصية ولا يكون طلبه من ربه هو العون على المعصية
( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )
إنها خصيصة الإنسان التي تصله بربه وتفتح له الأبواب إليه ... الاعتراف والندم والاستغفار والشعور بالضعف والاستعانة به وطلب رحمته مع اليقين بأنه لا حول له ولا قوة إلا بعون الله ورحمته وإلا كان من الخاسرين
وهنا تكون التجربة الأولى قد تمت وتكشفت خصائص الإنسان الكبرى وعرفها هو ذاقها واستعد – بهذا التنبيه لخصائصه الكامنة – لمزاولة اختصاصه في الخلافة وللدخول في المعركة التي لا تهدأ أبدا مع عدوه
( قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون )
وهبطوا جميعا .. هبطوا إلى هذه الأرض ... ولكن أين كانوا ؟ أين هي الجنة ؟؟ هذا من الغيب الذي ليس عندنا من نبأ عنه إلا ما أخبرنا به من عنده مفاتح الغيب وحده .. وكل محاولة لمعرفة هذا الغيب بعد انقطاع الوحي هي محاولة فاشلة وكل تكذيب كذلك يعتمد على مألوفات البشر اليوم وعلمهم الظني هو تبجح فهذا " العلم " يتجاوز مجاله حين يحاول الخوض في هذا الغيب بغير أداة عنده ولا وسيلة ويتبجح حين ينفي الغيب كله والغيب محيط به من كل جانب والمجهول في المادة التي هي مجاله أكثر كثيرا من المعلومات
لقد هبطوا جميعا إلى الأرض... آدم وزوجه وإبليس وقبيله.. هبطوا ليصارع بعضهم بعضا وليعادي بعضهم بعضا ولتدور المعركة بين طبيعتين وخليقتين إحداهما ممحضة للشر والأخرى مزدوجة الاستعداد للخير والشر وليتم الابتلاء ويجري قدر الله بما يشاء
وكتب على آدم وذريته أن يستقروا في الأرض ويمكنوا فيها ويستمتعوا بما فيها إلى حين وكتب عليهم أن يحيوا فيها ويموتوا ثم يخرجوا منها فيبعثوا .. ليعودوا إلى ربهم فيدخلهم جنته أو ناره في نهاية الرحلة الكبرى
وانتهت الجولة الأولى لتتبعها جولات وجولات ينتصر فيها الإنسان ما عاذ بربه وينهزم فيها ما تولى عدوه
وبعد فإنها ليست قصة إنما هو عرض لحقيقة الإنسان لتعريفه بحقيقة طبيعته ونشأته والعوالم المحيطة به والقدر الذي يصرّف حياته والمنهج الذي يرضاه الله له والابتلاء الذي يصادفه والمصير الذي ينتظره وكلها حقائق تشارك في تقرير " مقومات التصور الإسلامي "
انتهى كلام سيد قطب رحمه الله
وأعتقد أن في ذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
وأخيرا أحب أن أهنئك على أسلوبك الرائع في تبسيط المعلومة والذي لا أمتلكه للأسف فكثيرا ما تكون الفكرة واضحة جدا في ذهني ولكن عند الكتابة لا أستطيع تبسيطها والإتيان بها شاملة كاملة كما أتصورها
نسأل الله أن يلهمنا الصواب في القول والعمل ويجعل كل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم إنه ولي ذلك والقادر عليه

نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله
قال تعالى : (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )
إلى كل حر يضع عقيدته من وراء عقله...
ويطلق عقله من أسر إرادته ....
يفكر .... ليختار الذي يريد ...
ولا يريد ليفرض على عقله كيف يفكر ....
أهدي كلماتي
 
 
Page generated in 0.04296 seconds with 10 queries