-ولو افترضنا صحة الرواية التي جاءت عند أحمد ، وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قدم السفرة لزيد ، فكذلك لا يوجد دليل على أنها ذبحت على نصب أو ذبحت لصنم ، وإن كان قد يفهم منها هذا ولكنها ليست صريحة.
-سابعاً : قال الخطابي في " أعلام الحديث " 3/1657 :" امتناع زيد بن عمرو من أكل ما في السفرة إنما كان من أجل خوفه أن يكون اللحم الذي فيها مما ذبح على الأنصاب فتنزه من أكله ، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يأكل من ذبائحهم التي كانوا يذبحونها لأصنامهم ، فأما ذبائحهم لمأكلتهم فإنا لم نجد في شيء من الأخبار أنه كان يتنزه منها ، ولأنه كان لا يرى الذكاة واقعة إلا بفعلهم قبل نزول الوحي عليه ، وقبل تحريم ذبائح أهل الشرك ، فقد كان بين ظهرانيهم ، مقيماً معهم ، ولم يُذكر أنه كان يتميز عنهم إلا في أكل الميتة ، وكانت قريش وقبائل من العرب تتنزه في الجاهلية عن أكل الميتات ، ولعله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يتّسع إذ ذاك لأن يذبح لنفسه الشاة ليأكل منها الشلو أو البضعة ، ولا كان فيما استفاض من أخباره أنه كان يهجر اللحم ولا يأكله ، وإذا لم يكن بحضرته إلا ذكاة أهل الشرك ولا يجد السبيل إلى غيره ، ولم ينزل عليه في تحريم ذبائحهم شيء ، فليس إلا أكل ما يذبحونه لمأكلتهم بعد أن تنزه من الميتات تنزيهاً من الله عز وجل له ، واختياراً من جهة الطبع لتركها استقذاراً لها ، وتقززاً منها ، وبعد أن يجتنب الذبائح لأصنامهم عصمة من الله عز وجل له لئلا يشاركهم في تعظيم الأصنام بها " .
|