سابعاً : معاقبة أقارب المعتقلين وإرهابهم
اعتادت السلطات الأمنية السورية اتباع سياسة معاقبة أقارب وأصدقاء المعارضين السياسيين، وتنوعت طرق وأساليب العقوبة، فأحياناً تلجأ إلى الاستدعاءات الأمنية إلى شُعب الأمن والمخابرات للاستجواب والتحقيق، كما حصل لأفراد من أسرتي الشيخ ومجلاوي في محافظة إدلب في صيف وخريف العام 2004، وفي حالات أخرى تمنع الأقارب من السفر، كما حصل عندما استدعى أوائل العام 2005 العقيد حافظ سلطان مدير شعبة المخابرات العسكرية في السويداء مواطنين من حوران، وأبلغهم بمنع السفر لمجرد قرابتهم لمعارضين سياسيين. ويستتبع ذلك سحب جوازات السفر والتراخيص الممنوحة، والطرد من العمل، كما حصل للعديد من الأطباء في مشافي دير الزور أوائل العام 2005.
ولجأت السلطات الأمنية إلى أساليب العنف و"تشبيح" أسر المعارضين، حيث تعرض منزل المعتقل عارف دليلة لهجوم عصابة مدعومة من الأمن جرى تسليح أفرادها بالعصي والسكاكين، مما أدى إلى جرح ابنه شادي بجروح بليغة نقل على أثرها إلى المستشفى، وإصابة أخته بكدمات وتعرضها لشتائم وتهديدات، بينما أوقف شقيقه غازي بدلاً من العصابة الإجرامية التي تقف وراءها جهات أمنية.
ثامناً : المهجرون والمنفيون: الأعداد والتوزع
يعيش خارج سورية عشرات الآلاف من المنفيين الطوعيين والقسريين منذ ربع قرن أو يزيد، بسبب القمع الشديد الذي شهده عقد الثمانينيات، والملاحقات التي لم تنته حتى الآن، والتي كان من نتائجها الحاضرة اعتقال عشرات العائدين من هؤلاء إلى الوطن، وصدور أحكام عليهم بالسجن لمدة 12 عاماً.
وقد تكاثر المهجرون والمنفيون ليشملوا ثلاثة أجيال إلى الآن، الآباء والأبناء والأحفاد. واستمرت السلطات السورية في ملاحقتهم، وفي محاولة القبض عليهم أو الكيد لهم بشتى السبل، تارة بالتعاون الأمني مع بعض الأنظمة المماثلة، وتارة بتقديم أسمائهم بزعم أنهم "إرهابيون"، وتارة باستدراجهم للعودة بقصد اعتقالهم، وأخرى باختيار الحلقات الضعيفة فيهم لاستخدامها لإثارة الفتن في أوساطهم أو التجسس عليهم.
واستمرت السلطات في منع المنفيين من الحقوق المدنية، وخصوصاً حرمانهم من جوازات السفر وتسجيل حوادث الزواج والولادات في السجلات المدنية، مما كان لذلك أسوأ الأثر على حياتهم وطرق معيشتهم ونفسياتهم، وأدى هذا المنع الظالم إلى حرمان كثيرين منهم من العمل والتعليم والعلاج.
تاسعاً : مأساة المطلق سراحهم من السجون
منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي وحتى الآن، أطلق سراح بضعة آلاف من المعتقلين السياسيين، غالبيتهم الساحقة من المعتقلين الإسلاميين، إلا أن الإفراجات شملت معتقلين آخرين ممن نالهم بطش السلطات الأمنية، فلقد أفرج عن أعضاء في النقابات المهنية والعلمية، وناشطين في حقوق الإنسان، والأحزاب السياسية، مثل حزب البعث الديمقراطي المعارض، وحزب التحرير، وحزب العمل الشيوعي، والحزب الشيوعي - المكتب السياسي، وبعض الناشطين الفلسطينيين.
وكل معتقل يطلق سراحه يمنع من حقوقه المدنية، إما بنفس المدة التي حكم بها أو لسبع سنوات على أقل تقدير، ويدمغ على الأوراق الثبوتية بأنه محكوم عليه بالمدة التي حكم بها، بحيث تكون عائقاً أمام أي فرصة عمل، ولا يسمح له بالسفر أو العودة إلى عمله، إذا كان من موظفي الدولة أو القطاع العام، ولا يسمح له بالتملك أو تأسيس شركة، أو أن يكون شريكاً في عمل ولا يسمح له بتلقي مساعدات، وقد اعتقل في كانون أول (ديسمبر) 2004 المهندس عبد الستار قطان بتهمة إيصال مساعدة مادية لأحد المفرج عنهم ولا يزال معتقلاً حتى تاريخ إعداد التقرير.
ويطلب من المفرج عنه الحضور دورياً إلى مراكز الأمن أو المخابرات ويُضغط عليه من أجل التعاون مع أجهزة الأمن وتقديم تقارير بحق أصدقائه وأقاربه ومعارفه، والواقع أن كثيراً من المطلق سراحهم يعيشون حياة مأساوية يلاحقون فيها حتى في حوانيت بيع الخضار، فقد وثقت اللجنة السورية هذا العام حادثة مطلق سراحه يحمل شهادة دكتوراه اضطرته ظروف المنع إلى أن يعمل عاملاً في محل بيع الخضار، لكن عناصر المخابرات لم تتركه وشأنه بل لاحقوه وأصبحوا يرتادون المحل لأخذ ما شاؤوا من الخضار مجاناً، حتى اضطر صاحب المحل للاستغناء عن خدمة عامله الدكتور!.
عاشراً : الحالة الكردية
بعد أحداث 12 آذار (مارس) 2004 تفاقمت المشكلة التي يعاني منها الأكراد السوريون بعد أحداث الثاني عشر من آذار (مارس) 2004، وكان من الواضح أن سياسة العصا الغليظة، هي لغة السلطة في التعامل مع المواطنين الأكراد.
فقد وصل عدد القتلى إلى العشرات خلال مباراة بكرة القدم بين فريقين من دير الزور والقامشلي، والحوادث التي تلت ذلك، بينما بلغ عدد المعتقلين بالآلاف. وشملت الاعتقالات المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من البلاد، كما امتدت إلى دمشق وحلب اللتين تضمان عدداً من الأكراد السوريين.
ΕΛΕΥΘΕΡΙΑ ΣΤΟΝ ΣΑΒΒΑ ΞΙΡΟ