ثانياً ترجمتنا لما جاء في مقالة التايمز :
" الكنيسة الكاثوليكية لا تحلف بحقيقة الكتاب المقدس " يحذر الأساقفة الكاثوليك لإنجلترا وويلز وأسكوتلاندا أتباعهم الخمسة ملايين بالإضافة للآخرين الذين يدرسون الكتاب المقدس بأنه لا يجب أن يتوقعوا " دقة كلية " من الكتاب المقدس . " ويجب أن لا نتوقع من الكتاب المقدس دقة علمية كاملة أو دقة تاريخية كاملة "ويقولون في هبة الكتاب المقدس يريد بعض المسيحيين تفسيرا حرفيا لقصة الخلق ، كما وردت في سفر التكوين ، ويدرس إلى جانب نظرية التطور لداروين في المدارس نظرية " التصميم الذكي " الإيمانية بالتساوي المعقول عن كيفية بدء العالم .
ويصر هؤلاء الأساقفة على أن الفصول الأحد عشر من سفر التكوين والتي تقدم لنا قصتان مختلفتان وأحيانا متعارضتان لا يمكن أن يكونا " تاريخيتين " ويقولون في الأغلب أنهما تحتويان على " آثار تاريخية " . وتبين الوثيقة على أي مدى وصلت الكنيسة الكاثوليكية منذ القرن السابع عشر عندما أدين جاليليو كهرطوقي لخرقه لاعتقاد عالمي قريب من الوحي الإلهي للكتاب المقدس بالدعوة لوجهة نظر كوبرنيكوس للنظام الشمسي . ومنذ قرن مضى فقط أدان البابا بيوس العاشر العلماء الكاثوليك العصرانيين (المتحريين) الذين قبلوا أساليب النقد التاريخي في تحليل الأدب القديم للكتاب المقدس. ويعترف العلماء في الوثيقة بأنهم مديونين لعلماء الكتاب المقدس . ويقولون أن الكتاب المقدس يجب أن نتناوله على ضوء معرفة أنه " كلمة الله المعبر عنها بلغة بشرية " ، والاعتراف الصحيح يجب أن يعطى لكلمة الله في أبعادها الإنسانية .
ويقولون أنه يجب على الكنيسة أن تقدم الإنجيل بطرق " ملائمة للأزمنة المتغيرة ، واضحة وجذابة لمعاصرينا " . ويقولون أن الكتاب المقدس صحيح في الفقرات التي تخص الخلاص الإنساني ، ويضيفوا " ولكن يجب أن لا نتوقع دقة كلية من الكتاب المقدس في الأمور المدنية الأخرى ". ويذهبون في إدانة الأصولية بسبب تعبها البغيض " وللتحذير من " الأخطار الهامة " المتضمنة في النظرة الأصولية. " مثل هذا الموقف خطر ، على سبيل المثال عندما يرى شعب من أمة واحدة أو مجموعة في الكتاب المقدس تكريس لسيادتهم (تفوقهم) ، أو حتى يعتبرون أنفسهم مسموح لهم عن طريق الكتاب المقدس أن يستخدموا العنف ضد الآخرين".
وعن اللعنة سيئة السمعة ضد اليهود في متى 27 : 25 " دمه علينا وعلى أولادنا " هذه الفقرة التي استخدمت لتبرير العداء للسامية لقرون ، يقول الأساقفة يجب أن لا تستخدم هذه الكلمات وغيرها ثانية كذريعة لمعاملة الشعب اليهودي باحتقار . شارحين هذه الفقرة كمثال للمبالغة المأساوية ، ويقول الأساقفة " أنه كانت لها نتائج مأساوية " في تشجيع الكراهية والاضطهاد . " يجب أن لا تحاكى مواقف ولغة القرن الأول بين اليهود واليهود المسيحيين في العلاقات بين اليهود والمسيحيين " .
وكأمثلة لفقرات لا يجب أن تؤخذ حرفياً ، يستشهد الأساقفة بالفصول الأولى من سفر التكوين ، مقارنين إياهم بأساطير الخلق المبكرة في الثقافات الأخرى ، خاصة في الشرق القديم . ويقول الأساقفة من الواضح أن الهدف الأول لهذه الفصول هو تقديم تعليم ديني ولا يمكن أن يوصف ككتابة تاريخية .وبالمثل يرفضون النبوات الرؤوية لسفر الرؤيا السفر الأخير في الكتاب المقدس المسيحي ، والذي يصف فيه عمل يسوع القائم (من الموت) وموت الوحش وحفل عرس المسيح الحمل . ويقول الأساقفة " مثل هذه اللغة الرمزية يجب أن تحترم كما هي ولا تفسر حرفياً . ولا يجب أن نتوقع أن نكتشف في هذا السفر تفصيلات عن نهاية العالم وعن عدد الذين سيخلصون ، وعن متى ستأتي النهاية " .
وتختم المقالة الحديث بقولها : في الأربعين سنة الأخيرة تعلم الكاثوليك الكثير عما قبل فيما يتعلق بالكتاب المقدس " لقد أعدنا اكتشاف الكتاب المقدس ككنز ثمين كقديم وكجديد دائماً " .
ثالثاً : ملاحظاتنا على ما جاء في مقالة التايمز وما جاء في العربية :
(1) وضعت العربية عنوان مثير ، ونقلته عنه جريدتكم ، ليس هو عنوان مقالة التايمز ولا يعبر عن محتوى المقال على الإطلاق وقد كان عنوانها " الكنيسة الكاثوليكية: الكتاب المقدس يحتوي على أجزاء غير صحيحة " !! في حين كان عنوان التايمز " الكنيسة الكاثوليكية لا تحلف بحقيقة الكتاب المقدس " ، فالعنوان غير العنوان وغرض كاتب المقال هنا يختلف عن هناك ، إلى جانب أن كل من العنوانين لا صلة لهما بأقوال الأساقفة ولا جاء على لسان أحدهم إنما هما مجرد عناوين مثيرة لجذب القاريء لقراءتهما ، وهي تعبر عما بنفس كاتب مقال العربية غير المسيحي وكاتب مقال التايمز ، اللاديني!! ومثل هذه العناوين لا تأثير لها في بريطانيا ولكن تأثيرها خطير في الدول العربية لأنها قد تتسبب في فتنة طائفية لا يعلم مداها إلا الله وحده!!! وكان العنوان الطبيعي الذي يجب أن يضعه الكاتبين ، كاتب العربية وكاتب التايمز، هو لقد أعدنا اكتشاف الكتاب المقدس ككنز ثمين كقديم وكجديد دائماً " .
(2) بدأت العربية المقالة بقولها " أصدرت الهيئة الكهنوتية في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وثيقة تعليمية تفيد أن بعض أجزاء الكتاب المقدس غير صحيحة " !!!!وهذا كلام لا صلة له لا بالأساقفة ولا بمقالة التايمز نفسها ، إنما ينفس بها كاتب مقال العربية عما بنفسه !!!
(3) أضاف كاتب مقالة العربية من عنده تعبيرات ساخرة بالمسيحية وقد كتبها دون وعي أو فهم مثل قوله عن سفر الرؤيا ، "والذي يصف كاتبه قيامة المسيح وموت البهيمة " وتعبير موت البهيمة يدل على تحريفه لكلمة beast الإنجليزية والتي تعني وحش وقد ترجمها بدون وعي أو فهم لمصطلحات سفر الرؤيا .
(4) تجاهل كاتب العربية الأسباب وراء وثيقة هؤلاء الأساقفة وهي في الأساس ونلخصها في أاثنين فقط هم :
(أ) تهمة العداء للسامية واضطهاد اليهود ، هذه التهمة التي تجاهلها كاتب العربية في غمرة انهماكه في تشويه الكتاب المقدس، ومحاولة كاتب مقال التايمز والأساقفة على السواء تبرئة اليهود من دم المسيح واعتبار آية الإنجيل والتي ينقل فيها قول اليهود " دمه علينا وعلى أولادنا " أنها لعنة سيئة لأنها على حد قول كاتب مقال التايمز "، يقول الأساقفة يجب أن لا تستخدم هذه الكلمات وغيرها ثانية كذريعة لمعاملة الشعب اليهودي باحتقار "!!!!
فهل يقبل كاتب مقال العربية وبقية المسلمين أن يقال نفس الكلام على قول القرآن " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا " (المائدة: من الآية82) ، وقوله " وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا " (المائدة: من الآية64)؟!!
وهل يقبلون هذا الدفاع عن اليهود وتصويرهم أنهم ضحايا الإنجيل في أوربا ثم يقال أنهم ضحايا الإسلام في شبه الجزيرة العربية ، كما قال بذلك أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي؟!!!
(ب) نظرية النشوء والارتقاء لداروين والتي تنفي وجود خالق للكون وتقول أن الكون وجد مصادفة وأن الخلية الحية لم تنشأ من حياة سابقة ، حيث يتحيز كاتب مقال التايمز بشكل واضح لنظرية النشوء والارتقاء التي تهدم الإيمان بالله من أساسه ، ويرفض على أساسها هؤلاء الأساقفة تاريخية رواية سفر التكوين عن الخلق !! بل ويظهر، كاتب مقال التايمز، عدم رضاه عن تدريس نظرية " التصميم الذكي " التي تقول بأن الكون لا يمكن أن يكون قد وجد بالمصادفة ولا يمكن أن توجد الحياة من المادة التي لا حياة فيها ، بل الحياة تأتي من حياة مثلها ولا ينتج الموت حياة ، وأن هذا الكون خلق بتصميم ذكي أو من خلق عقل ذكي لا حد لذكائه هو ما نسميه بالله .
وقد تجاهل كاتب مقالة العربية ذلك وحاول أن يوهم القاريء أنهم يدرسون رواية سفر التكوين عن الخلق في المدارس على جانب نظرية داروين ، وهذا غير صحيح!!!
يتبع ...
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|