بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين
تشكر على الرد والعقلانية التي تنتهجها في المناقشة التي لم أعهدنا من مسيحي قبلك ربما للأسلوب الاستهزائي المتبع في المنتدى من قبل الطرفين إلا ما رحم ربي
ونعود الآن للرد على استشكالاتك على الموضوع بإذن الله تعالى – بالمناسبة أحب أن أعرف مفهومكم بالنسبة لقولنا ( ما شاء الله كان وما شاء الله لم يكن ) أو ( بإذنه تعالى ) مثلا
قولك :
فنحن لا نعتقد أصلا فى وجود ما يسمى الجن أو العفاريت
هذا خلاف جوهري بيننا وبينكم فنحن نؤمن بوجود الجن وأنهم مخيرون منهم المؤمنون ومنهم الكافرون والكافرون منهم يسمون شياطين ومردة وأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الإنس والجن فمنهم من آمن به ومنهم من كفر به وأنه يوجد منهم مسيحيون ومنهم يهود ومنهم مجوس أي أنهم كالبشر تماما غير أنهم يملكون قدرات لا يملكها البشر مثل السرعة الكبيرة في الانتقال من مكان إلى مكان أو استراق السمع في السماء من الملائكة والقدرة على التشكل وأنهم يروننا ولا نراهم
والواقع يثبت وجودهم وإلا كيف تفسرون أعراض السحر والمس التي يصاب بها بعض الناس وعجز الطب عن معرفة حل لها؟؟؟؟؟ بل وكلما كثر الفسق والفجور كلما زادت قدرة الشياطين على إيذاء البشر لأن القرآن الكريم وكثرة ذكر الله تجعل للمؤمن ومن حوله واقيا من أذى الجن بحفظ الله تعالى
وهذا الكلام ليس من ادعاء عوام المسلمين بل هو من صلب إيماننا وفي القرآن الكريم سورة كاملة اسمها ( الجن ) تتحدث عنهم والكثير من الأحاديث الشريفة أيضا وهذا مما يستدعي الإيمان بوجودهم بالنسبة لنا كمؤمنين بالقرآن والسنة وعدم الوجدان لا يستدعي عدم الوجود
وقولك :
تقولين أن الجن من كثرة عبادته لله وطاعته إرتفع إلى رتبة ملاك، فهل لو عبد أحد مخلوقات الله عبادة كثيرة يرتفع لرتبة ملاك؟
إن أراد الله ذلك فما الذي يمنعه ؟؟؟؟؟
طبعا هذا ليس قانونا يجري على المخلوقات ولكن شاء الله لحكمة أرادها أن يرتفع الشيطان بعبادته ليكون برتبة الملائكة وهذا من جملة اختبار الله له والذي فشل فيه بسبب غروره بهذه العبادة واعتقاده أنه هو الفاعل الحقيقي لها وليس بتوفيق من الله له وبفشله في هذا الامتحان أصبح الشيطان من جملة الابتلاء الذي ابتلي به البشر بإرادة الله تعالى ليكونوا بين كفتي ميزان كفة ترجح لهم الخير وهم الأنبياء والصالحون وما أنزل الله من كتب تدل عليه وكفة ترجح لهم الشر وهم الشيطان وأعوانه من الجن والإنس وجعلهم أحرارا في الاختيار فيختارون ما يشاؤون من غير قيود ليستحقوا الجزاء الذي سينالهم ولكن تبقى قدرة الله نافذة فيهم لا تغادرهم بمعنى إن أراد الله اجتباء إنسان بالهداية فما الذي يمنعه ؟؟؟؟ أو أراد إضلال إنسان أيضا فما الذي يمنعه ؟؟؟؟؟ وكل ذلك واقع تحت عدل من الله بعلمه لمن يستحق الاجتباء ومن يستحق الإضلال وإن قصر فهمنا وإدراكنا لهذه القسمة
وبهذا يبقى المؤمن في حالة بين الرجاء والخوف الرجاء في رحمة رب العالمين الذي رحمته وسعت كل شيء فيطمئن قلبه ويسكن بالتوبة لما يعلم من عصيانه المتلبس فيه الذي مهما عبد الله فسيبقى مقصرا في جنب الله تعالى وأن الله غفار الذنوب وبين الخوف من علام الغيوب والمطلع على السرائر والقلوب فيبقى دائما يسعى إلى الأفضل ولا يغتر بعمله ويوقن بأن عمله كان بتوفيق من الكبير المتعال جل وعلا وبهذا تتجلى أسمى معاني العبودية لله وهو كل ما يريده الله تعالى منا ( الإقرار بالعبودية )
وقولك :
لا يزال هناك عدم وضوح لى فى مفهوم التسيير والتخيير بين مفهومنا ومفهومكم لها
وطرحت هذا فى موضوع أخر ولم أتلقى ردا يقنعنى حتى الأن فالردود تضاد بعضها بعضا
فمثلا مفهومنا للتسيير والتخيير
أن الإنسان يختار ما يفعل بإرادته وحده، الله يعلم ما سأفعله مقدما، لكن ليس معنى هذا أنه يريدنى أن أفعل ما افعل، فالفعل بإرادتى وحدى
بينما ما فهمته منكم، أن الإنسان مخير، ولكنه يفعل إرادة الله، ولا يصح أن يفعل شيئا لا يريد الله أن يفعله
وهنا أرى التضاد، فكيف أكون مخيرا وأنا أفعل ما اراده الله لى؟
والجواب وجدته في قولك في الرد السابق حيث قلت :
الله يمكن أن يسمح بالشر للتجربه، بمعنى أن يختبر الإنسان الذى يمر بالتجربة ومدى تمسكه به، وهنا الإنسان هو من يقرر هل سيجتاز هذه التجربة أم لا بإرادته الحره،
انظر إلى كلمة يسمح التي استخدمتها فهي ما نقصد بأن الله أراد فلولا أنه سمح بذلك لما استطعت أن تفعل شيئا مع كامل الاختيار الذي حباه لك فهو جل جلاله المريد الأول لظهور فعلك
وهذا ما نلمسه كثيرا في حياتنا مثلا :
عندما قلت لي أن هناك تضادا بين ما نعتقده من أن الله هو المريد لكل شيء وبين أنه تعالى أعطانا كامل الحرية أصابني كرب شديد بين ما أحس به وأومن به من خلال تصوري لإله عظيم لا يمكن أن ينفذ شيء في هذا الكون إلا من تحت إرادته وقهره وبين أننا نختار ما نريد بحرية أيضا وكيف يمكن التنسيق بينهما مع أنني كلما فكرت في الأمر لا أستطيع إلا أن أقول كما قلت أولا وإلا لكان هذا الإله عاجزا وضعيفا لصدور أشياء في هذا الكون خلاف إرادته ولكنني لم أستطع أن أترجم يقيني بكلام أشرحه لك فزاد اضطرابي حتى ظننت أنني أخطأت لأن هذا التصور نابع من تفكري بهذا الإله العظيم ولم آخذه كعلم ولجأت إلى الله تعالى وطلبت منه أن يدلني على الحق لأنه الوحيد القادر على ذلك وبدأت أولا لأستوثق مما أقول وأن معلوماتي صحيحة ولا يوجد بها خلط فحاولت أن أستعين ببعض الكتب التي بين يدي من كتب العقيدة الإسلامية ولكنها كلها تكلمت عن إرادة الله بشكل عام ولم يتطرأ أحد من الكتاب للربط بين الإرادة والاختيار حتى تذكرت كتاب (كبرى اليقينيات الكونية ) للدكتور محمد سعيد البوطي وصدقني بمجرد أن فتحت الكتاب قرأت عنوانا يقول : ( مصير الإرادة الإنسانية أمام إرادة الله ) وقرأت فيه شرحا وافيا عن معنى هذه الإرادة وعدم تضاربها مع الإختيار والفرق بين إرادة الله للشيء وبين رضاه به فتيقنت أن إيماني كان صحيحا ولله الحمد ونقلت لك مختصرا من كلام الدكتور جزاه الله خيرا
والآن أقول لك من الذي أراد لي أن أهتدي إلى جواب يريحني ؟؟؟؟؟؟
ألا نرى كثيرا من الناس لم يوفقهم الله لأسباب الهداية ؟؟؟؟؟
ما هو الميزان الذي ييسر الله عز وجل فيه الخير لأناس ويبعده عن أناس آخرين ؟؟؟؟؟
إنه طلب الهداية أو البعد عن أسبابها وهذا هو الاختيار
عندما أعبر عن ضعفي بالالتجاء إلى الله تعالى يقابلني بفضله وكرمه بأن يمن علي بالخير ويحميني من الشر اللذان أستطيع أنا اختيارهما بإرادتي الحرة يقول تعالى في الحديث القدسي : ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم )
وبالمناسبة هذا الحق الذي أطلب من الله تبيينه لي لا أحده لا بإسلام ولا بغيره بل أطلب الحق الذي ارتضاه الله لنا لأن كثيرا من المسلمين ضلوا بأفكار دخيلة على الإسلام وليست من أساسه عندما اعتمدوا على أنفسهم في الفهم والاستنباط ولم يستعينوا بالله عزوجل وهذه الاستعانة بالله جل وعلا ليست محدودة فقط في أمور الدين بل في جميع مجالات الحياة ولذلك أمرنا بالاستخارة في الأمور كلها
فما رأيك جرب واطلب من (الله) أن يدلك على الحق ولكن بصدق وبتجرد
وأما قولك :
لا يعنى أن أتذوق الله أو أشمه بأنه محدود، وإلا لكان لا يستطيع فعل ذلك إلا إنسان واحد فى وقت واحد
ولكن لأنه غير محدود فيستطيع كل البشر عمل ذلك فى نفس الوقت، ولا يعنى أيضا خلاء كل الوجود منه
فلا تعارض بين ذلك وبين كون الله غير محدود
وبمناسبة كون الله غير محدود، تذكرت حادثة طريفه أثناء محاورتى مع أخ مسلم
أرسل هذا الأخ بطريقة السخرية المعهودة قائلا، ألستم تعبدون إله يركب حمار، أيركب إلهكم فوق الحمار، أهذا إله
فرددت عليه بعبارة مقتضبة وقصيرة قائلا، هل يوجد إلهك يا أخى أسفل الحمار أم لا؟
ولم أتلقى منه ردا بالطبع
فلو قال لا ... حاش لله أن يوجد أسفل الحمار
لكان عابدا لإله محدود، وها هو مكان يخلوا من وجود الله
ولو قال نعم ... الله موجود فى كل مكان
لسقط سؤاله بدون تعقيب منى، فلا يعيب إلهى إذا أن يكون فوق الحمار وهو يعبد من هو موجود أسفل الحمار أنا لا أقصد إسائة لأحد ولكنى تذكرت هذه الحادثة عند الحديث عن محدودية الله
سبحان الله كيف استطاع الكل أن يشمه أو يتذوقه ثم لا يعد هذا تحديدا ؟؟؟؟؟؟
ألا نستطيع جميعا شم الهواء ولا يمتنع من ذلك أحد هل يعني هذا أن الهواء غير محدود مع أنه ذو حجم ووزن ؟؟؟؟
بل ماذا تعني بعدم المحدودية من وجهة نظركم ؟؟؟؟
الذي نعنيه نحن أنه تعالى لا يأخذ حيزا من الأماكن ولا يكون على شكل ذرات مثلا بل هو موجود في كل مكان وكل زمان على كيفية لا يعلمها إلا الله تعالى
وقولك :
لكن يا أخت آية اللطف، الذى أعرفه أنكم تقولون بأن الله لا يوجد فى الأماكن النجسه، ألا يعد هذا تحديدا لله وبذلك يصير محدودا؟
هذا قول طائفة من المسلمين لا أعرف من هم بالضبط ولكن هذا القول رد عليهم لأنه كما قلت أنت يثبت المحدودية لله بدل أن ينكرها فالله موجود بصفة لا يعلمها إلا هو لا نقول فوق أو تحت أو هنا أو هناك فكلها تحديد لله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
وأما قولك :
نقطة أخرى سأستخدمها فى الرد على الجزء التالى
تتحدثين عن وجود الله وأننا لا نستطيع إدراكه بفهمنا، وذكرتى أيضا من العلماء من يقول ما معناه أننا يجب أن نؤمن بذلك بدون سؤال، فالسؤال عن ذلك بدعه
ألا يتعارض هذا مع قولك بأن الدين الإسلامى دين بسيط ولا يوجد به تعقيد، وكل شئ يفهمه الإنسان بالعقل؟
عندما يكون البحث قائما على مبدأ الاستدلال على وجود الله تعالى فيكون بذلك من أبسط الأمور التي يفهمها العالم والجاهل ويستطيع الإيمان بها عن فهم دون غموض أما بالنسبة لمعرفة حقيقة وكنه الله عز وجل فلا يمكن لمخلوق أن يتمكن من استيعابها لأن عقله قاصر عن استيعاب هذا الأمر في أصل خلقته ولذلك نقول ( السؤال عنه بدعة ) أي التكلم في حقيقة وماهية الإله وليس وجوده
أخيرا أعتقد أن نقاشنا أصبح متشابها في الموضوعين فما رأيك أن نتابع النقاش في خلاص المسيح ونتركه هنا ؟؟؟؟؟
رابط موضوع خلاص المسيح
http://www.akhawia.net/showthread.php?t=17930
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله
قال تعالى : (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )
إلى كل حر يضع عقيدته من وراء عقله...
ويطلق عقله من أسر إرادته ....
يفكر .... ليختار الذي يريد ...
ولا يريد ليفرض على عقله كيف يفكر ....
أهدي كلماتي
|