بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
هذا الرد على مداخلتك قبل الأخيرة لأنني لم أقرأ الأخيرة بعد ولسوف أوافيك بالرد قريبا ولكن أرجو أن تعذر تأخري لانشغالي الشديد والأمر يحتاج فعلا لوقت
قولك :
وبين 1 ، 2 تضاد
فإذا كنت سأفعل إرادة الله، فمن أين لى الخيار؟
وإذا كنت سأفعل إرادة الله، فلم يحاسبنى على الشر، ألا أفعله بإرادته، وكيف أستطيع أن أخالف إرادة الله وأفعل خيرا؟
فإذا كنت سأفعل إرادة الله، فلم خلقنى ليذهب بى لجهنم وأنا لست إلا منفذا لإرادته، ألا أستحق الجنه لتنفيذى إرادة الله؟
هذه الإرادة التي تؤيدنا في حتمية أن الإنسان مختار من أين اكتسبها ؟؟؟؟؟
معنى هذا أن إرادة الله تعالى تعلقت بأن تكون مريدا فسرت إرادة الله تعالى بذلك إلى كل ما تريد وتختار من أعمال فلو فرضنا أن الله غير مريد لعمل قد اخترته بإرادتك فمعنى ذلك أن الله جل وعلا غير مريد لإرادتك التي وجهتك للفعل وهو مناقض لما ثبت من أن الله عز وجل قد شاء لك أن تكون مريدا فثبت بطلان فرض أن الله قد لا يريد العمل الذي تختاره
وأضرب لك مثلا بالأب وابنه :
الأب يريد أن يختبر أمانة وصدق ولده فيعطيه مبلغا من المال ويطلب منه أن يشتري بعض الحوائج للبيت وتفسح له المجال في التصرف دون أن تضع عليه رقيبا إلا ضميره ونصائحك التي تحبب إليه الأمانة وتكره لنفسه السرقة فأنت بهذا الترتيب أعلم بطوية ابنك وما تكونت عليه نفسه - ولله المثل الأعلى فعلمه شامل ويبقى علم العبد قاصر – وأيضا ملكته كامل الحرية في التصرف فإذا عاد وقد خان الأمانة فأنت في الواقع مريد لهذه النتيجة وإن عاد وقد حقق منتهى الأمانة في عمله فأنت أيضا مريد لهذه النتيجة إذ أنت لم تطلق يده بالتصرف إلا وأنت تريد ظهور نتيجة هذا التصرف أيا كانت سواء رضيتها أم لم ترضها
وهكذا تعلم أن الله لا يقع في ملكه إلا ما يشاء ويريد ولا يناقض ذلك أيضا إرادة ومشيئة كما لا يناقض علمه بالأشياء كلها أنه أعطاك أنت أيضا علما ببعض يسير منها
وبعد ذلك يأتي سؤالك عن معنى معاقبة الله للإنسان على فعل هو من مراداته جل وعلا بل حتى عن كيفية أن يكون السلوك الذي نهاه عنه مرادا له في الوقت نفسه ؟؟؟؟؟
والجواب : أن هذا خلط بين الإرادة والأمر وأن الواحد منهما يستلزم الآخر وهذا خطأ كبير لأنه لا يقع شيء في هذا الكون إلا بإرادة الله تعالى وإلا لكان ما هو موجود من فوق إرادته ومشيئته وهو من أجلى مظاهر العجز والضعف التي ننزه الله عنها جل وعلا يقول تعالى في كتابه العزيز : ( ولا يرضى الكفر لعباده وإن تشكروا يرضه لكم ) فمثلا كفر أبي جهل داخل في مرادات الله ولكنه غير داخل فيما يرضي الله عز وجل وفيما قد أمر به
وأنت تقول :
فمثلا تقول أختنا آية اللطف هل فعل أدم ما يخالف إرادة الله؟
أقول لها نعم، فعل أدم ما يخالف إرادة الله، ولذلك إستحق العقاب، ولو كان فعل إرادة الله لما إستحق أن يعاقب على شئ
فكيف تعاقبنى وأنا أفعل إرادتك ومشيئتك!
وأقول لك : خالف أمر الله وليس إرادته فهل من المعقول إن جئت تحاسب ابنك على عدم أمانته فيما أرسلته له أن يقول لك أنت أعطيتني النقود ولم تجعل علي رقيبا فما الذي كنت تنتظره مني ؟
فأنا وإن كنت أريد أن تظهر عليه نتائج اختباري له مع علمي المسبق للنتيجة ولكنني لا أرضى له عدم الأمانة ولسوف أحاسبه عليها
وقولك :
فى جملتك السابقة العديد من الخلافات العقائدية بيننا وبينكم
1- الله خلق أدم وبنيه ليعبدوه
ولكن هذا لا يوافق عقائدنا، فلو خلق الله أدم ليعبده معناه أنه يحتاج للعباده، وحاش لله أن يحتاج العبادة من أحد
فنحن عندما نصلى نقول (لست أنت المحتاج لعبوديتى بل أنا المحتاج لربوبيتك)
وفى معتقدنا، فالله خلقنا من فرط حبه لنا، ونحن نعبده لأننا نحبه
لا يتنافى مع ما ذكرت سابقا وبالفعل فإن الله غير محتاج لعبادتنا والعبادة في مفهوم الإسلام هي المعرفة أي : خلقني لأتعرف عليه فأحبه لأنه يحبني ولا يريد لي إلا الخير ولذلك شرع لي شرعا إن التزمت به فقد حصلت على أقصى درجات السعادة فأنا المستفيد الوحيد من هذه العبادة وليس الله جل وعلا
وأما قولك :
2- خلقنا الله لنعبده بإختيارنا فيباهى بنا الملائكه
وهل الله يا أختى محتاجا ليباهى أحدا، وما هى وجهة النظر فى أن يباهى بنا أمام الملائكه، هل لضمان خضوعهم أم ما هو الغرض؟
هذه من بعض الحكم التي خلق الله من أجلها الإنسان
وذلك ليعرفهم على قدرته وليس لضمان خضوعهم وإن شئت اعتبر أنني لم أذكرها لأنها سابقة لأوانها
وقولك :
لو قال الأب لإبنه لو لم تذهب للمدرسة فلن تأخذ مصروفا اليوم، هنا قام الأب بتحديد عقاب، ولكى يكون الأب جادا فى كلامه ويتعلم الإبن، وكذلك لكى يكون الأب عادلا بين أبنائه جميعا، فيجب عليه ألا يعطى إبنه المصروف فعلا إذا لم يذهب للمدرسة، وإلا لأصبح غير عادل ولأصبح من حق أبنائه الأخرين المطالبة بالمثل، ولحق لمن لم يأخذ مصروفه يوما أن يقول لأبيه، أعطنى مصروفى الذى منعتنى إياه يوما ما
أنت لا تدرك أهمية التوبة فهذا الولد لو اعتذر منك وألح بالاعتذار ووعدك بأنه لن يكرر فعلته بالتأكيد ستعطيه فرصة أخرى وفي هذا دليل على أن الله عز و جل لم ينزل آدم عليه السلام للأرض عقابا وإنما لأنه خلقه ليعيش على هذه الأرض وإنما كانت الجنة تدريبا ولأن الله يأخذ عباده بهذا القانون دائما أي قانون التوبة فمن يستطيع أن يقول بأن الله يعاقب فورا مع أنه حدد العقوبة بل يعطي العبد فرصا كثيرة حتى موته تنتهي هذه الفرص
وآدم عليه السلام لم يعص الله عمدا وإنما استمع لنصح الشيطان لعدم معرفته بالكذب فصدق قوله ولأنه نسي تحذير الله له من هذا الشيطان يقول الله عز وجل في كتابه العزيز : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ) أي فتر عزمه وأدركه ضعف البشر فأخطأ ولم يتعمد الخطأ
وقولك :
لو لم ينفذ الله الحكم، لصار من حق كل من صدر عليه حكم أن يصرخ لله قائلا أنت غير عادل
الشيطان صار شيطانا طبقا لحكم الله
فلو لم ينفذ الله حكمه الذى صدر فى حق الإنسان، لصار مثل الأب الذى حكم بقطع المصروف عن إبنه ولم ينفذ، وصار بذلك من حق أبنائه الأخرين المطالبة بالمثل فى عدم تنفيذ العقاب عليهم
من أنت حتى تصرخ وتقول لربك أنت غير عادل حتى ولو عبدته كالوتر ثم رمى عبادتك في وجهك ولم يقبلها المشكلة أن نظرتكم للإله قاصرة فتفهمونها كفهم البشر لبعضهم البعض
الله أعلم من يستحق العقاب ومن يستحق الرحمة وليس لنا من الأمر من شيء إن حكم عليك بجهنم فأنت تستحقها لأنه عادل ولو أنك لم تقتنع بهذا الحكم لأن إدراكك قاصر ولأنك واقع تحت حكمه شئت أم أبيت مع نفي الظلم عن الله جل وعلا إطلاقا
وهذا التعامل حاصل بالفعل حتى بتعاملك مع أولادك فلو حددت عقوبة على أحدهم فربما تبين لك مع قصور عدلك أن هذا الولد لا يستحق هذا العقاب فسامحته مع أنك عاقبته أخاه ولم تسامحه لأنك رأيت أنه مستحق له ولو احتج ولدك فلسوف تقول له أنا أعلم بمن يستحق العقوبة ومن يستحق المسامحة
وذكرت :
كفارة الخطيئة تغفر الخطيئة ولا تعيدها
فلو سرقت، وتبت (الأن وليس فى حكم اليهود) أو قدمت ذبيحة خطيئة فى حكم اليهود، تغفر الخطيئة ولكن لا تعنى عدم وقوع السرقه
فلا يعنى صلب المسيح ألا يعرف الإنسان الشر ولكن غفران هذا الشر
أما عن موت الإله، فسيأتى شرحه بالتفصيل الممل عند الحديث عن المسيح وكينونته
ونحن بالانتظار
وقلت :
فإجتماع ديانتان سماويتان على نفس المبدأ يجعله شديد الترجيح لكونه الحقيقه
الإسلام شمل الديانات السابقة كلها فبذلك يكون أرجح من غيره إن اعتمدنا على هذا المبدأ الذي تقوله قال تعالى : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل * من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان ) فالله جل وعلا قد أنزل التوراة والإنجيل من قبل ولكنه أنزل القرآن بعدها فنسخ حكمها السابق بأن جعل هذا القرآن فرقانا بين الحق والباطل الذي طرأ على التوراة والإنجيل
وقولك :
أى دين من الأديان يسهل الإيمان به
ولكن الإيمان شئ والدراسة شئ أخر
فطالب الحقوق يقضى أريع أعوام ليدرس تشريعات البشر، ويتخرج لا يفقه شيئا بل يبدأ فى تلقى الخبرات الواحده تلو الأخرى ولا يصبح حصيفا فى القانون (وليس مشرعا) قبل عشر سنوات على الأقل
وبالمثل طالب الطب ليتخصص فى تخصص واحد فى جسم الإنسان فإنه يقضى حوالى ثمان سنوات، ويكون ناقص خبرة أيضا
فهل يمكن أن يكون فهم الإنسان لله أبسط من فهم الإنسان لجسد الإنسان؟
أيهم الخالق؟ الإنسان خلق الله أم الله خلق الإنسان؟
أيكون فهم طبيعه المخلوق أعقد من فهم طبيعه الخالق؟
هذا صحيح ولكن يجب أن يكون الإيمان واضحا ومفهوما للخاص وللعام فليس من المعقول ألا يدرك المرء معنى إيمانه إلا بالدخول في المسائل الفلسفية والكلامية
فعقيدة الإسلام يدركها المرء بدون تعلم إن بقي على الفطرة ولم تدنسه الأفكار الدخيلة بمعنى أن التفكر بهذا الكون ومخلوقاته يدعو للإيمان بالله على الصفة التي ذكرتها لك وبدون تعليم فهل يدعو التفكر أيضا للإيمان بالصلب والغفران وهذه الأمور التي تذكرها
والدليل على ذلك هذا الذي أكتبه بين يديك فأنا لم أدرسه كعلم إنما استنتجته من تفكير عقلاني بهذا الكون وما يدل عليه من إله عادل حكيم رحيم ومن التربية التي خصني الله بها من أبوين مؤمنين ولله الحمد ولكنني أعود للأصول من الكتب والمراجع والتفاسير لأتأكد مما أكتبه حتى لا يكون هناك تخليطا
أسأل الله أن يهدينا جميعا إلى صراطه المستقيم
ولي عودة بإذنه تعالى
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله
قال تعالى : (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )
إلى كل حر يضع عقيدته من وراء عقله...
ويطلق عقله من أسر إرادته ....
يفكر .... ليختار الذي يريد ...
ولا يريد ليفرض على عقله كيف يفكر ....
أهدي كلماتي
|