الإخوة الأحباء
سلام ونعمة المسيح مع الجميع
الخطيئة الأصلية أو الخطيئة المتوارثة من أبينا أدم، من أهم المواضيع التى لا تصل بوضوح لإخوتنا المسلمين، بل وللكثير من إخوتنا المسيحيين أيضا، فإسمحوا لى بمحاولة شرح هذه النقطة بإسلوب مبسط ونحاول فهمه بالعقل
الله هو خالق كل شئ، وهو الذى خلق الإنسان أيضا، ولكن هل الله يخلق كل إنسان يظهر على وجه الأرض؟
هذه نقطة خلاف حيوية بين الإيمان المسيحى وبين الإيمان الإسلامى
طبقا للإيمان المسيحى نجد
(وَجَبَلَ الرَّبُّ الالَهُ ادَمَ تُرَابا مِنَ الارْضِ وَنَفَخَ فِي انْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ ادَمُ نَفْسا حَيَّةً)
خلق الله أبينا جميعا أدم من تراب، ثم نفخ فيه نسمة حياة ليصير نفسا حية
بدون نسمة الحياة لما تحول أدم لنفس حية
فسبب الحياة، هو نسمة الحياة الموهوبة للإنسان مباشرة من الله نفسه، وتلك النسمة خارجة من الله هبة للإنسان
بعد خلق أدم لم يذكر مطلقا الكتاب المقدس أن الله وهب هذه النسمة لأحد أخر
(فَاوْقَعَ الرَّبُّ الالَهُ سُبَاتا عَلَى ادَمَ فَنَامَ فَاخَذَ وَاحِدَةً مِنْ اضْلاعِهِ وَمَلَا مَكَانَهَا لَحْما، وَبَنَى الرَّبُّ الالَهُ الضِّلْعَ الَّتِي اخَذَهَا مِنْ ادَمَ امْرَاةً وَاحْضَرَهَا الَى ادَمَ، فَقَالَ ادَمُ: «هَذِهِ الْانَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَاةً لانَّهَا مِنِ امْرِءٍ اخِذَتْ»)
هذه الأيات توضح خلق حواء فى الكتاب المقدس، ولم يذكر مطلقا أن الله نفخ فيها نسمة حياة، فهى من أدم وتستمد حياتها من نفس نسمة الحياة التى وهبت لأبينا أدم
أدم وحواء تكاثروا وأنجبوا البشرية كلها، ولم يذكر مطلقا أن الله وهب أى شخص على الأرض نسمة حياة أخرى
ولنأخذ هذا من منطلق علمى وعقلى
1- الدليل الأول
أى إنسان ينجب عن طريق العلاقة بين الرجل والمرأة، من الرجل الحيوان المنوى، ومن المرأة البويضة
الحيوان المنوى حى ويتحرك أى به حياة، والبويضة خلية حية فى جسد المرأة، إذا الخليتان بهما حياه
يتم إتحاد الحيوان المنوى والبويضه ليكونا خلية واحده، ولم يثبت على وجه الإطلاق أن هذه الخلية لم يكن بها حياة فى لحظة من اللحظات، بل هى خلية حية وتبدأ فى الإنقسام، ولو لم تكن حية لما إستطاعت الإنقسام
تستمر هذه الخلية فى الإنقسام حتى يكتمل إنقسامها ويخرج إنسانا جديدا
أى أن هذا الناتج الجديد (الإنسان المولود) لم يثبت حتى الأن علميا أنه يكون ميتا فى لحظة أو بدون حياة فى لحظة ثم يمنح حياه من الله
والكنيسة الأورثوذوكسية والكنيسة الكاثوليكية تحرم الإجهاض ولو كان عمر الجنين يوما ويعتبر قتل نفس
2- الدليل الثانى
مع تطور العلم، بدأ الإنسان فى تحدى الله، وحاول أن يخلق خلية حية، ولكنه فشل حتى الأن، فبدأ الإنسان فى الإعتماد على خلية حية والعبث بنواتها وزرعها فى رحم إمرأة ليخرج إنسانا أخر وهو ما يسمى بالإستنساخ
فلو كان ناتج الإستنساخ هذا يكتسب روحا جديده من الله، فهل يليق بالله أن ينزل من جلاله ليهب روحا لكائن أنشأه الإنسان فى أنبوبة إختبار؟
لا أعتقد أن هذا يليق بالله وتحدى الإنسان له، بل الناتج المولود إستمد حياته من البويضة الحية ولو ماتت هذه البويضة قبل زرعها فى رحم الأم لتوقف إنقسامها ولما خرج منها ناتج جديد
الخلاصة الأولى
الله وهب أبينا أدم نفس حية، وهذه النفس هى التى يرثها البشر جميعهم ويحيون بفضلها حتى يومنا هذا
وضحت سابقا أن الله هو من وهب لأدم النفس الحية التى يحيا بفضلها، وتلك النفس الحية الصادرة من نفس الله تحمل كل الصفات التى يريد الله أن ينقلها لنا من صفاته
خلق الله الإنسان حرا، فهو الوحيد من مخلوقات الله (وقت خلقه) الذى يتمتع بحرية الإرادة، وطالما وجدت هناك حرية إرادة فلابد من إستخدامها، ولهذا وضع الله إختباره لأدم ليستخدم حريته فى الإرادة
(وَاوْصَى الرَّبُّ الالَهُ ادَمَ قَائِلا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَاكُلُ اكْلا وَامَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلا تَاكُلْ مِنْهَا لانَّكَ يَوْمَ تَاكُلُ مِنْهَا مَوْتا تَمُوتُ»)
هذا هو الإختبار الذى وضعه الله لأدم، فأظهر له ما يفعله وما لا يفعله، وقال له على نتيجة فعله
هنا يمكن أن يتسائل البعض، هل يعقل أن تكون نتيجة الأكل من شجرة هو موت؟
فأقول لهم العبرة ليست بالأكل من الشجرة ولكن العبرة فى مخالفة أمر الله، فالموت هو لمخالفة وصية الله
ولشديد الأسف خالف أبينا أدم وصية الله له وبتلك المخالفة أضاف للنفس المستمده من الله صفة لم تكن موجوده بها وقت منحها له من الله
فالنفس الممنوحه من الله للإنسان بارة طبقا لبر الله المطلق، ولوث الإنسان بإرادته الحرة هذه النفس فجعلها تفعل الشر وأضاف لها صفة ليست من صفات الله، وبهذا فإستحقت هذه النفس الموت طبقا لحكم الله المسبق
الموت، وهو العقوبة الصادرة من الله لهذه النفس التى صارت تحمل صفة لا تمت لله بصلة، هو إنفصالها عن وجود الله، ولم يعد يحق لهذه النفس أن تعود مرة أخرى لوجود الله لأنها تلوثت بصفة ليست من صفات الله
الخلاصة الثانية
النفس الإنسانية التى منحها الله لأبينا أدم، لم تعد كما كانت وقت منحها من الله، بل أضيفت لها صفات مغايرة لصفات الله، وبذلك لا تستحق أن تعود لله على حالتها الحالية
نضع الأن الخلاصتان سويا
1- النفس الإنسانية التى منحها الله لأبينا أدم، لم تعد كما كانت وقت منحها من الله، بل أضيفت لها صفات مغايرة لصفات الله، وبذلك لا تستحق أن تعود لله على حالتها الحالية
2- الله وهب أبينا أدم نفس حية، وهذه النفس هى التى يرثها البشر جميعهم ويحيون بفضلها حتى يومنا هذا
من الخلاصة الأولى والثانية نستنتج أن النفس التى بداخل كل شخص منا، سواء كان بارا أو غير بار، سواء كانت أعماله صالحه أم غير صالحه، فهى غير مستحقة للعودة بقرب الله مجددا لأنها تلوثت بصفات تضاد صفات الله
هذه هى الخطيئة الأولى والأصلية والمتوارثة فى المعتقد المسيحى بطريقة مبسطة ومختصرة، وبالطبع كل سطر يمكن أن يكتب عنه مجلدات بدءا من إسم الشجرة التى أكل منها أدم لنوعية العقوبة، ولكن ما كتبته هو بطريقة مختصرة ومبسطة
شكرا لكم حسن الحوار
وسلام المسيح مع الجميع
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|