وكأن المسيحية ليست دينا سماويا، وكأن الإنجيل ليس بكتابهم المقدس ولذلك لم تحقق نيابة أمن الدولة العليا طواريء في تاريخها إلا مع من ازدرى أو نقض أو ناقش أو ارتد عن الإسلام وكأنه هو الدين الوحيد في مصر "الممنوع الاقتراب منه أو التصوير"! وغيرُه مباح ومستباح.
وها المادة الثانية من الدستور المصري ترسخ مفاهيمَ الدولة الدينية وترسخ الطائفية قبل أن تُوْجَدَ قناةُ الحياة وأبونا زكريا فتعلن هذه المادة من الدستور: أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومباديء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
مصر التي كانت في يوم من الأيام مسيحيةً أصبحت على يد عمرو بن العاص وعلى يد الرئيس الراحل أنور السادات تدين بالإسلام وشريعته تحكم مرجعيتها.
وهذه المادة تعلن بوضوح حالة التمييز الديني في دولة متعددة الديانات. وبالتالي هذه المادة تخالف مادة أخرى من الدستور وهي مادة 40 التي تعلن أن المواطنين لدى القانون سواءٌ وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .
وفي ظل هذا الكم والكيف من التمييز الديني، وفي ظل قانون الطواريء وفي ظل آيات ونصوص قطعية في القرآن منذ 1400 عام، منها:
- "قاتلوا الذين لا يؤمنون باللهِ ولا باليومِ الآخِر ولا يحرمون ما حرم اللهُ ورسولُه ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (التوبة 29)
- "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياءَ بعضُهم أولياءُ بعضٍ ومن يَتَوَّلَّهُم منكم فإنه منهم إن الله لا يَهدي القومَ الظالمين ( المائدة 51 )
- "إن الدين عند اللهِ الإسلام" ( آل عمران 19 )
وفي ظل دولة الرسول وفي عصر خلفائه الراشدين الذي أوصى قبل مماته ألا يجتمع دينان في الجزيرة العربية. وفي ظل الشروط العُمَرِيَّةِ تصبح الجماعات الإسلامية التي يطلقون عليها الجماعات الإرهابية من الإخوان المسلمين إلى السلفيين مروراً بالجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وجماعة التكفير والهجرة وتنظيم القاعدة، أقول يصبح كلُّ هؤلاء مبنيين على أساس القرآن والسـُنة وعلى الامتثال والطاعة لأوامر الله ورسوله في إرهاب الآخر ورفض الآخَر وتكفير الآخَر وذبح الآخَر وغزو الآخَر.
ويكتمل مشهد الفتنة الطائفية الذي سبق قناة الحياة وأبونا زكريا بـ 1400 عام. والواقع أن ما فعلتُه ما هو إلا محاولةً مني لشق النقاب عن الحقيقة لتروها وجهاً لوجه بلا تورية وبلا تُقية وبلا نفاق وبلا دبلوماسية. لعلكم عندما تعرفون الحق .. يحرركم الحق.
وإني هنا أعلن أنه مع كامل إحترامي لقداسة البابا شنودة الثالث، الذي أقدره كبطريركِ الكنيسة وباعثِ نهضتها في العصر الحديث، لكن ليس لقداسته دخل بما أقوم به في قناة الحياة، فأسلوب تناولي لهذه القضايا الحوارية لا يتفق مع أسلوب قداسته الذي يحرص على تجنب مثل هذه المناقشات.
ولذلك .. أعلن بوضوح إن ما أفعله في قناة الحياة هو بدافع مستقل عن الكنيسة المصرية وليس للكنيسة أو للبابا شنودة أي دخل من قريب أو بعيد في برامجي على قناة الحياة. فهذه رؤيتي الشخصية ودعوة الله التي حملتها على كاهلي منذ زمن بعيد، ودخلت سجون مصر ونفيت بسببها.
ويشهد الله عليّ إني لا أرجو من وراء ذلك أي أغراض سياسية أو مادية لأني حسبت كل الأشياء نفاية لأجل المسيح. ولكن دافعي الوحيد هو رؤيتي لملايين من البشر قد أغواهم الشيطان وأعمى أذهانهم وأضلهم عن الطريق الصحيح .
وأخيراً أوجز بعض المطالب التي أرى أنها بداية لحل مشكلاتنا في وطن مدني وليس وطن ديني:
1 ـ أطالب بإلغاء قرارات الخط الهمايونى العتيق والذى يعود إلى القرن التاسع عشر فمن غير المعقول أن نحتاج للحصول على موافقة رئيس الجمهورية للسماح لنا ببناء كنيسة أو حتى لإصلاح دورة المياه الخاصة بكنيسة فى حين أن بناء الجوامع في مصر ليس عليه أى قيود أو معوقات. ورغم تفويض المحافظين بهذه السلطة، ولكنه تفويض مقيد بمراعاة قواعد الخط الهمايوني.
2 ـ أطالب بالمساواة فى بث البرامج الدينية الخاصة بهم من خلال وسائل الإعلام التى تسيطر عليها الدولة.
3 ـ استعادة باقى أراضى الأوقاف المسيحية والتى كان العائد من أرباحها يستخدم لإعانة الفقراء من الأقباط. إن وزارة الأوقاف الإسلامية تضع يدها على هذه الأوقاف المسيحية بالرغم من صدور حكم قضائى بإعادة الأرض إلى أصحابها الشرعيين وهم الأقباط.
4 ـ وضع نهاية لعمليات اغواء الفتيات المسيحيات من قبَل بعض المتطرفين المسلمين وذلك لإجبارهن على التحول إلى الإسلام.
5 ـ حرية العقيدة لكل المواطنين المصريين ويتضمن ذلك حرية تغيير الديانة. فالمسيحى يجد كل الترحيب والتشجيع للتحول إلى الإسلام وبالتالى يجب أن يكون لدي المسلم الحرية فى التحول إلى المسيحية إن أراد ذلك. ولكن عادة ما يتعرض من يريد التحول إلى المسيحية للسجن و التعذيب.
6 ـ رفع خانة الديانة من البطاقات الشخصية واستمارات طلب الوظائف حتى لا تستخدم الديانة كأساس للتمييز ضد المسيحيين.
7 ـ مراجعةٍ المناهج الدراسية والتأكد من خلوها من الإساءة إلى المسيحية والمسيحيين بل بالأحرى أن تحث الطلاب على قبول واحترام الآخَر. كما نوصى بإدخال مواد إلزامية فى المدارس الحكومية لتعليم حقوق الإنسان.
8 ـ أطالب وسائل الإعلام الحكومية بالكف عن توجيه حملات الكراهية ضد المسيحيين ونعتهم بالكفار مما يخلق جوا من التعصب يسهل أن تتزايد فيه أعمال العنف ضد المسيحيين. ويجب على وسائل الأعلام أيضا أن تسمح بإذاعة برامج قبطية.
9 ـ إنهاء التمييز ضدنا في التعيين في الوظائف و كذلك في الترقيات فمن النادر أن يعين المسيحي في وظيفة حيوية كوزير أو مسئول حكومى. وفى الوقت الحالى لا يوجد في مصر أى مسيحى يعمل كمحافظ أو رئيس مدينة أو رتبة عالية فى البوليس أو عميد لكلية.
10 ـ الكف عن التمييز ضد الطلبة المسيحيين في القبول فى المدارس التى تتحكم فيها الدولة. إذ أن عددا قليلا جدا من المسيحيين يسمح لهم بالالتحاق بكلية الشرطة والكليات العسكرية. وعدد قليل جدا آخر من المسيحيين يسمح لهم بشغل وظائف المدرسين المساعدين فى كليات الطب و الصيدلة والهندسة وكل كليات القمة.